فرنسا.. إمام مسجد يكشف لـ “الجزيرة مباشر” أسباب إقالته بأمر من وزير الداخلية (فيديو)

أقالت وزارة الداخلية الفرنسية مادي أحمدا، إمام مسجد سانت شاموند الكبير في إقليم لوار وسط البلاد، بدعوى تلاوته آيات قرآنية وحديثا نبويا خلال خطبة عيد الأضحى، اعتبرتهما “منافييْن لقيم الجمهورية”.

وجاء القرار بأمر مباشر من وزير الداخلية جيرالد دارمانان تحت ذريعة تلاوة الإمام في خطبته حديثا وآيات من سورة الأحزاب تخاطب نساء النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وأقيل عدد من الدعاة والأئمة في فرنسا على خلفية الموضوع نفسه من بينهم الشيخ محمد مهدي بوزيد إمام مسجد النور في مدينة جانفيلييه.

وبخصوص إقالته، قال بوزيد في حديثه للجزيرة مباشر “أرى في بلادي -فرنسا- تناقضًا كبيرًا في التعامل مع حقوق الإنسان، فوزير الداخلية يتدخل في خطبتي ويريد أن أتناول المسائل وفق رؤيته وليس تأسيسًا على رؤية الإسلام لها”.

وأضاف أنه لم يقل شيئًا يتعارض مع قوانين الجمهورية، وأن حديثه تناول الحياء وهو خلق من أخلاق الفطرة، ولا خلاف على ذلك بين الديانات السماوية كلها، وتابع “وجهت حديثي للرجال والنساء على السواء”.

ولفت إلى الضغوط التي مورست على رئيس الجمعية لمنعه من الخطابة بعد ذلك في مسجد جانفيلييه، وأبدى استغرابه من حدوث تلك الممارسات في بلد الحريات.

ووفق الشيخ فقد واجهت الجمعيات الإسلامية ومساجدها في فرنسا ضغوطًا كثيرة، منذ 2015، ما فرض على الأئمة التدقيق في تناول الآيات القرآنية والحرص على التأويل المعتدل والطرح الهادئ الهادف لئلا يقع الخطباء والأئمة في صدام مع الحكومة التي تحارب المسلمين في فرنسا، على حد قوله.

وبرّر رؤيته بشأن محاربة الحكومة الفرنسية للإسلام بما يراه في الحياة اليومية، وأن المشاكل الداخلية تُصدر على أنها ذات صلة بالإسلام، ويحصرونها في الحجاب والبوركيني وأئمة المساجد، وهذا نهج ليس بحديث على فرنسا وإنما يعود إلى 1986، وفق تعبيره.

وقال مراسل الجزيرة مباشر محمد رماش إن تدخل دارمانان في المسألة جاء من بوابة بَند يقول إن على المؤسسات الدينية التوقيع على عريضة “احترام مبادئ الجمهورية”، وفيها إلزام للدعاة المسلمين بتبني ما يناقض الشريعة الإسلامية مثل الاعتراف بالمثليين والإجهاض.

وأضاف مراسل الجزيرة مباشر أن وزير الداخلية قد أرسل إلى قائد شرطة المنطقة رسالة فيها “هذا الإمام يميِّز بين الرجال والنساء، ويدعو النساء إلى الحياء وعدم الامتثال للشيطان”، مضيفًا “إذا تكرر هذا الموقف فسأغلق المسجد وأوقف كل أنشطته”.

وكانت الجمعية الوطنية في فرنسا (البرلمان) قد تبنّت بشكل نهائي مشروع قانون “مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية” المثير للجدل، الذي جرى التعريف به أول مرة باسم “مكافحة الإسلام الانفصالي”.

يواجه “قانون الانفصالية” الذي أعدته حكومةُ الرئيس إيمانويل ماكرون انتقاداتٍ من قبيل أنه يستهدف المسلمين في البلاد، ويكاد يفرض قيودًا على جميع مناحي حياتهم، ويسعى لإظهار بعض الأمور التي تقع بشكل نادر كأنها مشكلةٌ مزمنة.

وينص القانون على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين، كما يفرض قيوداً على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، ويحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

وفي تعليقه على الإقالة، قال الشيخ غالب بن الشيخ رئيس مؤسسة (الإسلام في فرنسا) “نحن في دولة القانون، والقانون يفصل بين الدين والدولة، وربما كان خطاب الشيخ المقال لا يتماشى مع قوانين الجمهورية، خاصة بعد التصويت الذي جرى الجمعة الماضية بشأن قانون تكريس مبادئ الجمهورية”.

وتابع “إذا كان الإجراء تعسفيّا، فعلى الإمام الطعن على قرار الوزير بالطرق السلمية والمتحضرة، والوزير ليس من صلاحياته إقالة الإمام من عمله، وإنما قد يمارس ضغوطًا على الجمعية التي تدير المسجد”.

وفي معرض رده على سؤال: ماذا ينبغي على الخطيب حتى لا يتعرض للفصل من عمله لا سيّما وأنه ينقل نصوصًا قرآنية ولا يقدح من رأسه؟ أجاب غالب “هناك نقطتان، تتعلق الأولى منهما بالقرآن الكريم وهو معمول به ولا خلاف عليه، والثانية تتعلق بالأحاديث النبوية إذ إن بعض التفسيرات والمفاهيم الخاطئة التي وقع فيها المفسرون والأئمة، وهناك من يفسر ويبرر العنف ضد النساء، وهذا يتضارب مع حقوق المرأة في الجمهورية الفرنسية”.

ودعم وزير الداخلية الفرنسي نص القانون المثير للجدل والذي رفضته رموز إسلامية بارزة في فرنسا والعالم، كما قوبِل بمقاومة وانتقادات من الجمعيات الإسلامية العاملة في فرنسا منذ سنوات، وغرّد دارمانان عبر تويتر “نمنح أنفسنا الوسائل لمحاربة من يسيئون استخدام الدين لمهاجمة قيم الجمهورية”.

ويضع القانون قيودًا حتى على تلقي الأطفال التعليم في المنزل، إذ يلزم الأبوين بالحصول على موافقة مسبقة من السلطات من أجل تعليم أطفالهم في المنازل ومراقبة المحتوى المقدم له بحيث لا يتعارض مع “قيم الجمهورية الفرنسية”.

وفي السياق، صوّت البرلمان الفرنسي، أمس الجمعة، على مشروع القانون المثير للجدل الذي يستهدف المسلمين في فرنسا تحت ذريعة استهداف “النزعة الانفصالية” في البلاد على الرغم من الانتقادات الذي طالته من اليسار واليمين.

وبعد 7 أشهر من أخذ ورد بين الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، صادق النواب على نص “احترام مبادئ الجمهورية” المقدم كعلاج لـ”سيطرة الإسلاميين” على المجتمع، بأغلبية 49 صوتا مع معارضة 19 وامتناع 5 عن التصويت.

وتبنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته القانون المثير للجدل بعد مقتل المدرس صامويل باتي (47 عامًا) عقب عرضه رسوما مسيئة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على طلابه بدعوى حرية التعبير في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وكان باتي قد عرض على تلاميذه صورًا مسيئة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وسبق أن نشرتها مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة بدعوى حرية التعبير قبل أن يُقتل على يد شاب شيشاني عبد الله أنذروف (18 عامًا).

وتبنى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدفاع عن الرسوم المسيئة، وعدّها حرية تعبير تستوجب الدفاع عنها، كما وصف مقتل باتي بأنه ضحية لـ”الإرهاب الإسلامي”، على حد زعمه.

وحينها، رفضت دول عربية عدة تصريحات ماكرون، ودشّنت شعوب إسلامية في أرجاء العالم حملة مقاطعة للمنتجات الفرنسية، نُصرة لنبي الإسلام (عليه الصلاة والسلام).

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات