خيارات الحكومة السودانية لمعالجة الأزمة الاقتصادية.. بين القرارات المؤلمة وآمال الانتعاش (فيديو)

أعلنت الحكومة السودانية عن تحرير أسعار البنزين والديزل بالكامل، وقالت إن الأسعار السابقة ستُلغى وستُطرح بدلا منها أسعار جديدة “تتماشى مع تكاليف الاستيراد”.

وعن هذه القرارات التي جاءت في وقت تزداد فيه معاناة السودانيين بسبب الزيادات الكبيرة في أسعار السلع الأساسية المصحوبة بأزمات تتمثل في انقطاع الكهرباء وأزمات المياه والخبز، قال مسؤول في الحزب الشيوعي السوداني، إن الحكومة امتثلت لسياسات البنك الدولي.

وأكد عضو الحزب الشيوعي السوداني (قرشي عوض) أن ما قامت به الحكومة ليس مقصودا به إصلاح الاقتصاد وإنما هو استجابة “لروشتة البنك الدولي” مشيرا إلى أن تلك سياسة سارت عليها حكومات سودانية سابقة كما في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري.

وأوضح خلال لقاء على الجزيرة مباشر، أن حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير التي أسقطتها انتفاضة شعبية سارت على نفس الطريق في إشارة إلى سياسة رفع الدعم عن السلع، وتعويم سعر العملة باستمرار.

وأكد عضو الحزب الشيوعي السوداني، أن الانتفاضة الأخيرة التي أسقطت البشير قامت أصلا ضد “سياسة تحميل الجماهير الشعبية الفقيرة عبء الأزمة الاقتصادية لمصلحة الشركات التي يمتلكها أفراد موالون للنظام والرأسمالية الطفيلية” بحسب ما ذكر.

وقال إن حل الأزمة الاقتصادية كان من الممكن أن يكون من خلال تعبئة الموارد الذاتية، مشيرا إلى أن قوى الحرية والتغيير تقدمت ببرنامج إسعاف اقتصادي، لكن الحكومة لم تعمل به وعملت بشروط صندوق النقد الدولي.

من جانبه قال أشرف عبد العزيز رئيس تحرير صحيفة (الجريدة) السودانية، إن الحكومة لم يكن لها خيارات كثيرة وهي الفرصة الوحيدة المتاحة أمامها، مشيرا إلى أنها الطريقة الوحيدة المثلى للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب.

وفيما يتعلق باستغلال الموارد الكبيرة المتاحة ومنها الذهب، أكد عبد العزيز أن الوضع في السودان و”التوليفة السياسية” التي تحكمه بشراكة بين العسكر والمدنيين تمثل جانبا من تعقيدات تؤثر في المشهد الاقتصادي.

وأكد أن تلك “الخطوة المؤلمة” كان لابد منها لإدخال السودان ضمن المنظومة الدولية وجذب الاستثمارات للنهوض بالاقتصاد السوداني المنهك.

تحرير أسعار الوقود

كانت الحكومة السودانية أعلنت الأسبوع الماضي عن تحرير أسعار البنزين والديزل بالكامل، وقالت إن الأسعار السابقة ستُلغى وستُطرح بدلا منها أسعار جديدة “تتماشى مع تكاليف الاستيراد”.

وبقرار الحكومة الجديد يرتفع سعر لتر البنزين إلى (290 جنيها سودانيا-يعادل 68 سنتا أمريكيا) بعد أن كان (150 جنيها سودانيا- حوالي 35 سنتا أمريكيا) بزيادة 93.3%.

كما يرتفع سعر لتر السولار إلى (285 جنيها سودانيا- وهو ما يعادل 67 سنتا) بعد أن كان 125 جنيها سودانيا- ويعادل 29 سنتا).

ويطبق السودان إصلاحات صارمة يراقبها صندوق النقد الدولي على أمل إنعاش اقتصاده والحصول على إعفاء من الديون واجتذاب التمويل.

ووصف مسؤولون هذه الإصلاحات بـ”المؤلمة” في وقت وصل فيه معدل التضخم السنوي في البلاد لمستويات قياسية وارتفع إلى 363 % في أبريل/نيسان.

وشهدت شوارع المدن بالعاصمة الخرطوم مظاهرات احتجاج على رفع الدعم عن الوقود‎ وأغلقت شوارع وأشعلت إطارات في مدن العاصمة الثلاث -الخرطوم وأم درمان وبحري- ورددوا هتافات بسقوط النظام.

وقال تجمع المهنيين السودانيين، وهو فاعل رئيسي في الانتفاضة الشعبية المناهضة للرئيس المعزول عمر البشير، على فيسبوك إن رفع دعم الوقود “خطوة تؤكد أن هذه السلطة لا تعبأ بالمواطن ومعاناته”.

وأضاف أنه “يدعو كل الثوار والقوى الثورية للخروج الآن ويوميًا للشوارع لمقاومة هذه القرارات المجحفة وإسقاطها”.

والتزمت الحكومة الانتقالية منذ عامين بإصلاح اقتصاد البلاد الذي يقوضه النقص المستمر في النقد الأجنبي والتضخم الذي تجاوز 360% في أبريل /نيسان الماضي.

ويمر السودان بأزمة اقتصادية عميقة منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، تحت ضغط من الشارع بعد 30 عاما في حكم اتسم بالصراعات المسلحة والعقوبات الدولية الشديدة.

المصدر : الجزيرة مباشر