الموافقة على عقار لعلاج ألزهايمر رغم الشكوك.. تفاصيل علمية وشاملة (فيديو)

أثارت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عاصفة من الجدل بعدما وافقت على عقار جديد لمرض ألزهايمر عبر منحه الموافقة متجاهلة توصية اللجنة الاستشارية الخارجية لإدارة الغذاء والدواء برفضه.

وردا على تساؤلات برنامج (مع الحكيم) على شاشة الجزيرة مباشر حول هذا الأمر، قال استشاري المخ والأعصاب والأستاذ المساعد بمعهد الأمراض العصبية في ميامي الدكتور فوزي أبو خليل إن ذلك يتم عند التوصل إلى دليل علمي إيجابي خلال الدراسة ينعكس على المريض.

وأوضح أن الموافقة العاجلة يتم منحها للعديد من الأدوية كأدوية السرطان والإيدز ومرض التصلب المتعدد، وهي تعني “الإنتاج المعجل للدواء” مشيرا إلى أن ذلك حدث من قبل في دواء للسرطان عندما ثبت أن الدواء يقلل من حجم الورم.

فاعلية الدواء الجديد

وكشف الدكتور فوزي أبو خليل أن العقار الجديد ثبت أنه يقلل من تكوين لويحات (بيتا أميلويد) في المرضى الذين يعانون من المرحلة المبكرة من مرض ألزهايمر بنسبة 30%.

وأوضح أن (أميلويد بيتا) هو البروتينات السامة التي تتجمع لتشكل لويحات في أدمغة مرضى ألزهايمر وهذه اللويحات هي المحفز الأساسي لعلامات وأعراض داء ألزهايمر.

وبالنسبة لفائدة ذلك الأمر في علاج مرض ألزهايمر، تساءل الدكتور فوزي عن انعكاس هذه النسبة من ناحية عملية على المرضى من حيث حدوث تحسن في الذاكرة والإدراك، مؤكدا أن ذلك يحتاج إلى دراسات، ولهذا السبب تشكك البعض وانتقد القرار.

وقال إنه أجريت دراستان بدأت الأولى عام 2011، وبدأت دراسة ثانية امتدت 4 سنوات من عام 2015 إلى 2019، وتضمنت دراستين، أثبتت إحداهما تحسن في حالة الإدراك لدى المرضى، في حين لم تثبت الأخرى ذلك.

وبدأت التجربة بجرعة أعلى والأخرى بدأت بجرعة أقل وتمت زيادتها لاحقًا وتوقفت كلتا التجربتين في وقت مبكر، ولم تجد تجربة الجرعة المنخفضة أي نتائج في حين وجدت تجربة الجرعات الأعلى فوائد متواضعة في الحفاظ على الأداء العقلي.

لكن التجربة لم تتضمن عددا كافيا من المرضى لإثبات أن هذه الفوائد كانت بسبب الدواء وليس عن طريق الصدفة، فدمج الباحثون البيانات من المرضى الذين تلقوا جرعة عالية من في كلا التجربتين ووجدوا تحسنًا في الأداء العقلي.

مرض الزهايمر يؤثر على الذاكرة والتفكير(غيتي)

لماذا استقال مستشار اللجنة؟

وأثارت استقالة مستشار لجنة الغذاء والدواء الأمريكية دايفيد نورمان احتجاجا على قرار منح الموافقة العاجلة ضجة كبيرة في المجتمع العلمي. وعلق الدكتور أبو خليل على هذا القرار قائلا “يوجد عدة أسباب وراء هذا التشكيك الكبير في القرار”.

وأوضح أن أهمها هو قرار الشركة المصنعة بإيقاف التجارب على الدواء بنهاية عام 2019 بسبب عدم وجود نتائج تثبت التحسن من الناحية العملية على المرضى على الرغم من تقليل نسبة البروتين السام في المخ.

ولكن بعد عدة شهور أعادت الشركة دراسة المعطيات في المرحلة الثالثة وكان هناك معطيات جديدة تثبت أن أحد الدراستين رصدت تحسنا، وقال إنه في مثل هذه الحالات وعند منح الموافقات المعجلة يتم أحيانا الاحتكام إلى مرجعية المقياس المادي لشركات الأدوية والاعتبارات المالية والاقتصادية.

مرض ألزهايمر

ومرض ألزهايمر هو اضطراب دماغي تدريجي يدمر ببطء مهارات الذاكرة والتفكير، والقدرة على تنفيذ المهام البسيطة، وفي حين أن الأسباب المحددة لمرض ألزهايمر غير معروفة تمامًا، إلا أنه يتميز بالتغيرات في الدماغ.

ومن تلك التغيرات يؤثر المرض على (لويحات الأميلويد والليفات العصبية) التي تؤدي إلى فقدان الخلايا العصبية ووصلاتها فتؤثر هذه التغييرات على قدرة الشخص على التذكر والتفكير.

والزهايمر مرض مدمر يمكن أن يكون له تأثير عميق على حياة الأشخاص المصابين وعلى العائلات، والعلاجات المتاحة حاليًا تعالج أعراض المرض فقط.

رعاية مرضى الزهايمر تكلف مليارات الدولارات (غيتي)

والعقار الجديد هو الخيار العلاجي الأول الذي يستهدف ويؤثر على عملية المرض الأساسية لمرض ألزهايمر.

وطبقا لما ورد من معلومات في برنامج مع الحكيم فإن هذا العلاج هو أول عقار معتمد لمرض ألزهايمر منذ عام 2003.

كما أنه أول علاج يستهدف الأعراض المرضية الأساسية للمرض، فالعلاجات الحالية المعتمدة من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير فعالة بشكل متواضع فقط في السيطرة على أعراض المرض، ولا تستهدف أي سببًا كامنًا محتملًا للمرض.

ولا يحرم مرض ألزهايمر الأفراد من استقلاليتهم فحسب، بل يضع أيضا عبئا كبيرا على أفراد الأسرة والاقتصاد حيث يتم إنفاق 355 مليار دولار سنويًا على رعاية مرضى ألزهايمر في الولايات المتحدة، كما ارتفعت الوفيات الناجمة عن مرض الزهايمر بنسبة تزيد عن 145% على مدار العشرين عامًا الماضية.

وفيما يتعلق بهذا الشأن قدم ضيف برنامج مع الحكيم للمشاهد العربي نصيحة مفادها “أن هذا الدواء الجديد قيد البحث ولا يوجد أي دليل نهائي على أنه فعال وأن إدارة الغذاء والدواء قد منحت الدواء الموافقة بشرط إكمال التجربة السريرية بحلول عام 2030 وإذا لم تجد الدراسة تحسنا من الناحية العملية، فسيتم سحب الدواء من الأسواق”.

المصدر : الجزيرة مباشر