خبراء للجزيرة مباشر: تصريحات أبي أحمد بشأن الملء الثاني لسد النهضة مناورة سياسة (فيديو)

أجمع خبراء في مجال المياه وهندسة السدود أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بشأن الشروع في الملء الثاني لسد النهضة تعبر عن موقف سياسي خالص، وأن أديس أبابا تواجه صعوبات فنية حقيقية للبدء في الملء الثاني.

وقال محمد حافظ استاذ هندسة السدود إن خروج نسبة محددة من المياه من فتحتي أنابيب الطوارئ في الجهة الغربية للسد والتي تصل حمولتها إلى 25 مليون متر مكعب هي مجرد مناورة سياسية أكثر منها تقنية.

وأضاف حافظ خلال مشاركته في برنامج “المسائية” أن الشركة الصينية المصنعة التي تقوم بالتركيبات المعدنية للتوربينات أعلنت، في أبريل/نيسان الماضي، أنها تمكنت من تركيب توربين واحد وتبقى لها 10 توربينات أخرى قبل الشروع العملي في الملء الثاني”.

وتابع حافظ ” عدم وضع هذه التوربينات الـ 10 يكشف عن معوقات فنية حقيقة أمام عملية الملء الثاني لسد النهضة”.

وشدد حافظ على أن إثيوبيا لم تبدأ بعد المستويات الأولى من الملء الثاني وأن الفتحتين اللتين تم إحداثهما غير كافيتين للقول بأن عملية الملء الثانية لسد النهضة قد بدأت بصورة فعلية.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد قد أكد، الأحد، أن التعبئة الثانية لسد النهضة ستتم خلال موسم الأمطار في يوليو/تموز وأغسطس/آب المقبلين.

وأضاف أبي أحمد -في تغريدات على تويتر- أن إثيوبيا ليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بدول المصب (مصر والسودان) مشيرا إلى أن الأمطار الغزيرة العام الماضي مكنت بلاده من ملء السد بنجاح لأول مرة، وأن وجود السد نفسه منع حدوث فيضانات شديدة في السودان.

وأوضح أن إثيوبيا ستطلق قبل التعبئة الثانية مزيدا من المياه التي خزنت العام الماضي في المساحات الجانبية لبحيرة السد وأنها ستشارك المعلومات مع مصر والسودان.

وأرفق أبي أحمد في تغريداته فيديو جديدا لسد النهضة يوضح اكتمال المساحات الجانبية لبحيرة السد وتدفق المياه عبرها.

بدورها، قالت أماني الطويل مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات إن هناك صعوبات حقيقية  تواجه إثيوبيا على مستوى الملء الثاني، وأكدت أن هناك إرادة سياسية إثيوبية لتحقيق الملء مهما كلف الثمن، لكن هناك مقاومة قوية لدول المصب.

إثيوبيا قالت إنها تقترب من ملء ثان لسد النهضة (رويترز)

وأوضحت أماني أن تصريحات أبي أحمد، اليوم، تزيد الوضع تعقيدا سيما أن هناك إصرارا إثيوبيا على الملء والتشغيل مقابل رفض كلي لدول المصب.

وأضافت “الإدارة الأمريكية الجديدة لم تبلور بعد موقفا شاملا بشأن واقع وتداعيات سد النهضة مؤكدة أن هذا ما يفسر التحرك الدولي الذي اعتمدته السودان في مقابل التحرك الإقليمي الذي اختارته مصر للوصول لحل شامل يرضي كافة الأطراف.

وشددت أماني على أن إثيوبيا يجب أن تدرك بأن “مصر وشعبها لا وجود لهما بدون مياه نهر النيل، واعتبرت أن إثيوبيا تحمل أوهاما بالتفوق والهيمنة الإقليميين، ولذلك تمضي قدما في بناء سد النهضة بصورة تهدد الأمن الإقليمي من دون أن تقوم بدراسة وافية لهذه المشروع وتداعياته السياسية”.

وقال حيدر يوسف خبير الموارد المائية إن التبريرات التي قدمها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بشأن بشأن الملء الثاني وزعمه بأن الملء الأول جنب السودان موجة أخرى من  الفيضايات أمر غير صحيح، سيما، أن فيضانات العام الماضي كانت بسب مياه النيل الأبيض وليس النيل الأزرق.

وأضاف يوسف “السودان مرت عليه فيضانات أكثر خطورة من تلك التي مرت العام الماضي”.

وتابع “السودان بالرغم من الأضرار المصاحبة لهذه الفيضانات، فإنها تستفيد بشكل كبير على مستوى الطمي”.

وفي الخرطوم، قال مصدر بالخارجية السودانية للجزيرة مباشر إن السودان قدم خطاب إحاطة لمجلس الأمن بشأن تعقيدات مفاوضات سد النهضة يوم 12 أبريل/ نيسان الماضي.

وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك دعا إلى قمة ثلاثية لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.

وأوضح حمدوك أن الدعوة تأتي وفقاً للمادة العاشرة من اعلان المبادئ والتي تنص على إحالة الموضوع إلى رؤساء حكومات الدول الثلاث إذا تعذر التوصل لاتفاق بين المفاوضين.

وكانت جولة مفاوضات ثلاثية عقدت بالعاصمة الكونغولية كينشاسا لتقريب وجهات النظر بين الأطراف إلا أنها فشلت في تجاوز الجمود الذي يلازم الملف.

من جهته قال ياسين أحمد رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية إن سياسة التهديد التي تنتهجها مصر والسودان لن تفيد، وأضاف أن إثيوبيا لديها رغبة في في التوقيع على اتفاق ملزم بخصوص التشغيل، لكنها غير معنية  بأي اتفاق بشأن فرض ذات الحصص التاريخية السابقة”.

وأضاف “الاتفاقات الملزمة تاريخيا، تعني أن حصة إثيوبيا من نهر النيل الأزرق (صفر) وهذا يحيلنا إلى سياسة كانت معتمدة خلال المرحلة الاستعمارية”.

وأوضح أحمد أن مصر والسودان لا تريدان التفاعل مع موقف رئيس الوزراء الإثيوبي الذي أكد اكتمال البيانات والمعلومات الخاصة بالملء الثاني للسد.

وتابع “الموقف الإثيوبي منذ البداية ظل يقوم على ضرورة إتمام محطات الملء الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأن بنود الاتفاق الأولي يقوم على “الملء والتعاون”، لكن “مصر والسودان تصران على التعامل مع ملف سد النهضة من الناحية السياسية فقط بعيدا عن الأهداف الاقتصادية المشتركة للسد”.

وفي 9 مارس/ آذار الماضي، رفضت إثيوبيا مقترحا سودانيا أيدته مصر أواخر فبراير/شباط الماضي بتشكيل وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحادين الأوربي والأفريقي لحلحلة مفاوضات سد النهضة المتعثرة على مدار 10 سنوات.

وتتعثر مفاوضات يقودها الاتحاد الأفريقي منذ أشهر، وتوقف انعقادها منذ يناير/كانون الثاني الماضي عقب مطالبة سودانية بتغيير منهجية التفاوض مقابل تحفظ إثيوبي.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات