العراق.. السيستاني وبابا الفاتيكان يبحثان معاناة الشعوب من الحصار والتهجير (فيديو)

بحث المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، اليوم السبت، مع بابا الفاتيكان فرانسيس ما تعانيه الشعوب من مآسٍ لا سيَّما الشعب الفلسطيني الذي يكابد الحصار وعمليات التهجير، وذلك في لقاء تاريخي جمعهما بالمدينة القديمة في النجف الأشرف (جنوبي العراق).

ووفق بيان من مكتب السيستاني “دار الحديث خلال اللقاء حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الإنسانية في هذا العصر ودور الإيمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها”.

وأشار البيان إلى أن السيستاني “تحدث عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوصا ما يعانيه عدد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة”.

وبعد الاجتماع، دعا السيستاني القيادات الدينية على مستوى العالم إلى محاسبة القوى العظمى وتغليب العقل والحكمة على لغة الحرب، وأضاف أن المسيحيين يجب أن يعيشوا مثل كل العراقيين في سلام وتعايش.

وأشار السيستاني -وفق البيان- إلى “الدور الذي ينبغي أن تلعبه الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة، ولا سيّما القوى العظمى، لتغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة”.

كما أكّد على أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الإنساني في كل المجتمعات، مبنيًّا على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الأديان والاتجاهات الفكرية.

وتمنى السيستاني “للحبر الأعظم وأتباع الكنيسة الكاثوليكية ولعامة البشرية الخير والسعادة”، وشكره على “تجشمه عناء السفر إلى النجف الأشرف للقيام بهذه الزيارة”.

وقال الفاتيكان في بيان إن البابا فرنسيس أكد خلال اللقاء أهمّية التعاون والصداقة بين الجماعات الدينية، لتتمكّن من المساهمة في خير العراق والمنطقة والبشريّة جمعاء، من خلال تعزيز الاحترام المتبادل والحوار.

وشكر البيان السيستاني “لرفعه صوته، مع الطائفة الشيعيّة، إزاء العنف والصعوبات الكبيرة التي شَهدَتها السنوات الأخيرة، دفاعًا عن الضعفاء والمُضطَّهَدين، مؤكّدًا قدسيّة الحياةِ البشريّة وأهمّية وَحدة الشعب العراقي”.

ووصل البابا فرانسيس، اليوم، إلى محافظة النجف الأشرف المحطة الثانية في زيارة البابا إلى العراق قبل زيارته إلى مدينة أور في محافظة ذي قار.

والسيستاني (90 عامًا) أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في المذهب الشيعي سواء في العراق أو خارجه وكان اجتماعهما هو الأول بين البابا ومرجع شيعي أعلى.

وكان أحمد الصحاف الناطق باسم اللجنة العليا المنظمة لزيارة بابا الفاتيكان للعراق قد قال إن بابا الفاتيكان سيتوجه بعد ذلك جوًا إلى مدينة الناصرية 375 كيلومترًا جنوب العاصمة بغداد.

وذكر أن البابا سيزور مدينة أور الأثرية إيذانا ببدء أولى خطوات الحج هناك وأداء الطقوس كما سيحضر اجتماعا بين الأديان بحضور عدد كبير من الشخصيات الدينية من مختلف الأديان والطوائف في العراق ثم ينتقل جوا إلى بغداد لحضور القداس المقدس في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية في بغداد.

وتابع الشارع العراقي اللقاء باهتمام كبير على منصات التواصل الاجتماعي، كما تباينت ردود فعل العراقيين بشأن لقاء البابا بالسيستاني؛ فعلّق حسن ناظم وزير الثقافة والسياحة والآثار والمتحدث باسم الحكومة العراقية عبر حسابه في تويتر “حضرت في اللقاء آلام البشر بلا تمييز، ودور الإيمان الديني، والكرامة الإنسانية، وظلم الشعوب ولا سيما الشعب الفلسطيني. للشخصيتين لغةٌ واحدة كلماتها العقل والحكمة واللاعنف”.

وغرّد الإعلامي أحمد الطيب: “عدم السماح لدخول السياسين في منزل السيستاني برغبة المرجعية خلال زيارة البابا، هي بحد ذاتها رسالة واضحة لكل الطبقة الحاكمة وأحزابها مفادها “أنتم فاشلون جميعا بلا استثناء”.

وكتب أحمد عبد السادة الصحفي العراقي المقرّب من الفصائل المسلحة الشيعية عبر حسابه في تويتر “ها هو بيان المرجعية بعد زيارة البابا يقف بالكامل مع دول وقوى محور المقاومة ويرفض العدوان والحصار ضد شعوب المنطقة وبالأخص الشعب الفلسطيني”.

وقال الصحفي إياد الدليمي “كلمة البابا فرنسيس وكأنه يقول في كلمته أن إرهاب داعش حرام وإرهاب الحشد حلال، يذكر مآسي الايزيديين” مضيفًا أن البابا “لم ينبس ببنت شفة عن مأساة ملايين السُّنة النازحين والآلاف من المختطفين على يد فصائل الحشد الولائية”.

وكتب النائب الأسبق للرئيس العراقي طارق الهاشمي في تغريدة “خلال زيارة البابا فرنسيس لوحظ التركيز على التعايش ورغم أهميته غابت ملفات حساسة لا تقل أهمية تعني بحقوق الإنسان -ملف الأبرياء في السجون وملف المغيبين قسريًّا وملف القتل خارج سلطة القانون وعودة المهجرين- وأن ذلك سببه تقصير في العلاقات العامة”.

وأدى الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003 إلى الزج بالعراق في دائرة صراع طائفي استمر لسنوات، ورغم تحسن الوضع الأمني منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، عام 2017، فإن العراق لا يزال مسرحًا لتصفية حسابات دولية وإقليمية، لا سيَّما التنافس بين الولايات المتحدة وإيران والذي يدور على الأراضي العراقية.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات