ما إمكانية حدوث توافق تركي مصري بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما؟ (فيديو)

يتساءل كثيرون عن إمكانية التوافق بين مصر وتركيا فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط وماهية المصالح المشتركة بين البلدين في هذا الصدد، والتي ربما تجعلهما يتخطيان خلافاتهما السياسية.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قد صرح، أمس الأربعاء، بأن تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط إذا سمحت العلاقات بينهما بمثل هذه الخطوة.

وقال تشاووش أوغلو إن عروض التنقيب التي طرحتها مصر أخيرا احترمت الجرف القاري لتركيا وإن تركيا  نظرت إلى هذا الأمر نظرة إيجابية.

وحول هذا الموضوع أكد الباحث في شؤون الطاقة خالد فؤاد للجزيرة مباشر وجود تقاطع كبير بين مصالح مصر وتركيا في شرق المتوسط، مشيرا إلى وضوح هذا الأمر جليا في اتفاقية ترسيم الحدود بين تركيا وليبيا التي أتاحت لمصر مساحات شاسعة من المياه المصرية الخالصة، مما يعني إعطاء مصر فرصا أكبر للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز.

وأضاف فؤاد أن هذا الأمر من شأنه أن يقطع الطريق على المساعي الإسرائيلية لإنشاء ما يعرف بخط “إيست ميد” الذي يقوّض الرغبة المصرية في أن تصبح منصة إقليمية لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوربا.

وتابع “ما حدث في الفترة الأخيرة هو أن مصر طرحت مزايدة عالمية للتنقيب والاستكشاف في مناطق على سواحلها الغربية والشرقية في أواخر فبراير/ شباط الماضي، وما طرحته مصر من ناحية السواحل الغربية يتوافق بشكل كبير جدا مع رؤية تركيا لحدودها البحرية الجنوبية”.

ويرجح خالد فؤاد أن تكون تلك الخطوة أحادية الجانب من مصر وذلك لأن استثمارات الشركات العالمية في الاستكشاف والتنقيب على النفط والغاز بشكل عام تكون في المناطق البعيدة عن النزاعات الدولية، وبالتالي فمن مصلحة مصر أن تكون المناطق المطروحة في المزايدة بعيدة عن التوترات والأزمات.

وسياسيا، يعتقد أن كلا من مصر وتركيا تريد  التهدئة والتوافق بينهما تزامنا مع قدوم إدارة أمريكية لها سياسات جديدة في الشرق الأوسط، وبالتالي من مصلحتهما تهدئة الأوضاع الإقليمية حتى تستطيعا مواجهة تغيرات السياسة الأمريكية المتوقعة.

وعلى الجانب الآخر، قال أستاذ العلوم السياسية عصام عبد الشافي إن تصريحات وزير الخارجية التركي مؤشر إيجابي بالفعل إلا أنه لا يعتقد أنها بداية النهاية للأزمة بين البلدين، لأن الأزمة لها أكثر من بعد لا يرتبط فقط بعملية ترسيم الحدود ولكن بالعديد من الملفات السياسية والاستراتيجية الأخرى.

غير أن التطور الإيجابي شديد الأهمية الذي أشار إليه وزير الخارجية التركي، بحسب الدكتور عصام عبد الشافي، يكمن في التوافق في الرؤى من ناحية ترسيم الحدود بما يسمح بالمزيد من التنسيق بين الدولتين، ويصب بالتالي في صالح الطرفين على صعيد كثير من قضايا شرق المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام.

التنقيب في السواحل المصرية

وأعلنت مصر، في شهر فبراير/شباط الماضي، عن طرح مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في 24 منطقة بعضها بالبحر المتوسط.

وقبل أيام، نقلت وكالة الأناضول للأنباء عن صحف يونانية قولها إن مصر فتحت باب التفاهم مع تركيا في شرق البحر المتوسط عبر إعلانها عن المزايدة، التي تأخذ بعين الاعتبار حدود الجرف القاري لتركيا.

وأوضحت الصحيفة أن الخريطة التي أعلنتها الحكومة المصرية توضح بأن المناطق الغربية في المتوسط جرى تحديدها بموجب الاتفاق المبرم بين القاهرة وأثينا، كما تشير “إلى أن المساحة الأخرى الواقعة (شرق خط الطول 28) تحدد الحدود الجنوبية للجرف القاري التركي المشار إليها في الاتفاق التركي الليبي”.

وهناك خلاف بين أنقرة وأثينا بشأن امتداد الجرف القاري لكل منهما وحقوق موارد النفط والغاز البحرية في شرق المتوسط منذ عقود.

ووقعت تركيا اتفاقا عام 2019 مع حكومة الوفاق الوطني الليبية (المعترف بها دوليا) بشأن تحديد مناطق الصلاحية البحرية مما أثار غصب اليونان التي رفضت الاتفاق باعتباره غير قانوني، كما أثار اتفاق مماثل بين اليونان ومصر العام الماضي غضب تركيا.

المصدر : الجزيرة مباشر