هذه مخاطر تعويم السفينة الجانحة بقناة السويس.. وخبير: خسائر يومية بقيمة 100 مليون دولار (فيديو)

أكد خبير ملاحة بحرية صعوبة تحرير السفينة الجانحة في قناة السويس خلال أيام معددا المخاطر المحيطة بعملية التعويم، بينما أشار خبير اقتصادي عن التعويضات الناجمة عن توقف الملاحة وضرورة تطوير ممر القناة بما يواكب صناعة النقل البحري العالمي.

وقال خبير الملاحة البحرية سلفاتور ميركوجليانو، للجزيرة مباشر، إنه تحدث إلى العديد من منقذي السفينة التي جنحت في إيطاليا عام 2012 وأكدوا له وفق الوضع الحالي للسفينة أن عملية التعويم ستستغرق بالفعل وقتا من الزمن قد يمتد لأسابيع.

وأضاف أن السفينة الجانحة بقناة السويس ضخمة وثقيلة جدا وفي وضع غريب وصعب جدا وقد تتعرض للضرر لأنها تميل إلى الأمام الآن وأي حركة فيها قد تتسبب في حدوث تشققات أو سقوط الحاويات أو تسرب الوقود.

وأشار إلى أن السفينة اصطدمت بالضفة بسرعة كبيرة جدا وهي الآن معلقة في طين كثيف وبالتالي هناك حاجة إلى التجريف بحذر أسفل وجانب السفينة حتى لا تنقلب فيحدث الأسوأ.

وقال الخبير الملاحي إن “عبور السفينة من الممر الأضيق في القناة موضع مسؤولية لاسيما وأنها كانت تسير بسرعة عالية تصل إلى 13 عقدة، فبأي خطأ بسيط فني أو ميكانيكي يمكن تجنح السفينة أو تضرب في القعر، والمشكلة أن هذه السفينة طويلة جدًا بحيث تغلق القناة كاملة.”

وأوضح أن قناة السويس ستبقى شريان الحياة الرئيسي الذي يربط البحرين الأحمر والمتوسط، لكن يجب تحديد من المسؤول عما حدث هل هي شركات الشحن أم الشركة المشغلة أم المالك الياباني أم الطاقم الهندي أم الربان المصري؟ والأهم أن قناة السويس يجب أن تتكيف مع السفن الكبيرة بمثل هذا الحجم وعليها مراقبة سرعتها وقت العبور وأن ترافقها سفن صغيرة وألا تتركها مثلًا عرضة للرياح.

وقال الخبير الاقتصادي د. إبراهيم نوار، إن قناة السويس شريان ملاحة بحري مهم تمر منه 10% من حجم التجارة العالمية، وبالتالي فالوضع الآن صعب جدا لا يتوقف فقط عند الخسائر اليومية المقدرة بنحو 20 مليون دولار للقناة، بل بخسائر تتعلق كذلك بالأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالقناة مما يرفع حجم الخسائر اليومية إلى 100 مليون دولار.

وأضاف أن هناك 213 سفينة إما أنها داخل القناة أو بانتظار العبور بحمولات 17 مليون طن، منها 28 ناقلة بترول و18 سفينة غاز مسال و15 سفينة نقل سيارات هذه تسمى تجارة دولية تعادل من 6 إلى 10 مليارات دولار، وكل يوم تأخير يعني غرامة على السفينة والمنتجين.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الأمر يتعلق كذلك باضطراب دورة الإنتاج نفسها لأن هناك سلع مرتبطة بتلك الدورة، فعلى سبيل المثال لو أن 10% من مكونات الإنتاج لم تصل المصانع فهذا يعني أن الـ 90% المتبقية لن تعمل، ولذلك فإن ضرب سلاسل الإنتاج في أكبر ممر بحري في العالم يؤثر كثيرا على الاقتصاد وهو ما سيتم تقديره بشكل دقيق في نهاية الأزمة.

وأكد أن الناقلات العملاقة بمثل حجم السفينة إيفر غيفن أصبح اتجاها عالميا في صناعة النقل البحري العالمي ويجب أن يلاحقه تطور مماثل في قناة السويس وعليها التوسع بحيث تستوعب تلك الناقلات العملاقة، فأحد أسباب الأزمة الحالية أن السفينة طولها 400 متر بينما يترواح عرض المنطقة التي جنحت فيها السفينة ما بين 250 و300 متر.

وأشار نوار إلى أنه من المنطقي عندما تكون هناك سفينة بهذا الحجم من المتوقع جنوحها في أي وقت فلابد أن يكون عرض الممر المائي أكبر من طول السفينة، وبالتالي يجب تطوير القناة بحيث يتسع الممر لمرور باقي السفن إذا حدث جنوح في أي وقت لإحداها.

وعن التعويضات المتعلقة بالحادث، قال الخبير الاقتصادي إن مصر قد تأخذ تعويضات لأنها ليست سببًا فيما جرى إلا لو أثبت التحقيق الدولي أنها مسؤولة عن جنوح السفينة وتأخير البضائع.

وأضاف أنه بشكل عام فالسفن عادة يكون عليها بوليصة تأمين متعلقة بحياة الطاقم والبضائع وجسم السفينة وتأمين إنقاذ وغرامات تأخير وتعويضات عن فقد الإيرادات وخسائر الطرف المستلم وأضرار المجرى الملاحي نتيجة ضرب السفينة لدفتي الممر، كل تلك الأمور يحددها قرار محكمة تحقيق دولي كبير ودقيق جدا لأنه يتوقف عليه دفع مليارات الدولارات كتعويضات للقناة.

وعن فكرة وجود مؤامرة، قال إن كل التقديرات حتى الآن تشير إلى ظروف جوية سيئة أدت لانعدام الرؤية ورياح عاتية أدت إلى انحراف السفينة عن مسارها، هناك بالفعل مشروعات موزاية أو بديلة لقناة السويس لكنها منذ ستينات القرن الماضي ومنها صحراء النقب حيث تم التفكير في مشروع يربط ميناء العقبة بالبحر المتوسط ولكن هذا حق لكل دولة أن تطور نفسها وبالتالي على مصر أيضًا أن تلاحق التطور.

وبشأن تقييم تعامل القيادات في مصر مع الأمر، قال إنه يجب التعامل مع الأزمة باعتبارها رأي عام عالمي وبالتالي يجب أن يكون التعامل بمعايير عالمية، وقد تداولت وكالات الأنباء مثلا تصريحا للواء مهاب مميش بأن القناة ستُفتح خلال يومين أو 3 وهو أمر غير منطقي وفق الوضع الحالي، فيجب على مسؤولي الهيئة الأخذ في الاعتبار أنهم يخاطبون العالم وأصحاب مصالح معطلة وليس فقط المصريين.

وعن العرض الأمريكي للمساعدة في تعويم السفينة قال ديفيد دي روش أستاذ مشارك بمركز الشرق الأدنى للدراسات الأمنية، إنه ستكون هناك الكثير من المساعدة الفنية والمشورة وبعض الممارسات الأفضل في هذا الشأن.

وأضاف أن الولايات المتحدة لديها خبرة طويلة في بناء وتشغيل كثير من السفن حتى في مضيق بنما ولديها الكثير يمكن أن تقدمه في المساعدة البحرية تتعلق بتأمين المضائق والممرات المائية، وهناك فريق خبراء سيقدم المشورة وفي حال امتدت الأزمة سيكون هناك إمكانية لتوفير معدات متخصصة، لكن على مصر التعامل مع الأمر باعتباره مسألة أمن قومي.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تأخذ هذا الأمر بجدية كبرى، لأن القناة هي الممر الأسرع والأكثر كفاءة في العالم والأمر لا يتعلق فقط بالسفن التجارية بل السفن العسكرية التي تحتاج إلى التنقل بحرية وسرعة وفق الاتفاقيات الدولية.

وأوضح أن وزارة الدفاع الأمريكية(البنتاغون) حريصة على مساعدة مصر في أسرع وقت والولايات المتحدة مهتمة كونها أحد المستفيدين كذلك من التجارة العالمية وسيكون هناك تأثير علىيها من عرقلة الملاحة في القناة وبالتالي فإنها تعتبر حرية الملاحة مصلحة قومية أمريكية.

المصدر : الجزيرة مباشر