“عزلة قسرية”.. ما الآثار النفسية التي يسببها استمرار التعليم عن بعد لدى الأطفال؟ (فيديو)

مع الاستعداد لموجة ثالثة من جائحة كورونا، أشارت دراسات عديدة شعور الطلاب بعدم السعادة أو بالاكتئاب في الأشهر الأخيرة بالإضافة إلى زيادة الآثار النفسية المرتبطة بصعوبات التعلم مع الحجر المنزلي.

وفي لقاء مع برنامج (مع الحكيم) على شاشة الجزيرة مباشر، قالت د. رجاء مكي أستاذة علم النفس بالجامعة اللبنانية ونقيبة المعالجين النفسانيين في لبنان، إن “دراسات كثيرة ركزت على تأثير العزلة المرتبطة بالجائحة على من لديهم صعوبات في التعلم أو التوحد لكن في حقيقة الأمر هي موجودة من قبل”.

وأضافت أن “الجائحة أجبرتنا على عزل أنفسنا بشكل قسري الأمر الذي أثر على التلاميذ بعد فصل عملياتهم التعلّمية والإدراكية التي كانت تتم بشكل منسجم بين العقل والجسد والفكر وكلها تتمركز حول فكرة الذات ككلية بشموليته”.

وتابعت أستاذة علم النفس أن “الجائحة اضطرتنا إلى أن نجزئ كل ذلك ونأخذ الطالب إلى عالم افتراضي لتتحول كل قواه المعرفية إلى العزلة وحصر حركته ونشاطه فيصبح محرومًا ومحبطًا في تعويض الطاقة الموجودة لديه، وفي العملية التعلمية الإدراكية يحتاج الطالب أن يدرك المعلومات المدخلة إليه بشكل شامل وغير مجزأ”.

وقالت إنه “في الوقت الحالي نحن نجزئ له العملية ونحصره في عالم افتراضي ربما يساعده، فهذا لا يعني أبدًا أننا لا نقبل بالتعليم عن بعد لأنه قدم بعض الأفكار أو الحلول، لكن على المدى الطويل التعلم يجب أن يكون بإطلاق الطاقات خاصة مع المراحل العمرية الصغيرة”.

وأضافت الأكاديمية النفسية أن العزلة ربما تحمي الطلاب من الجائحة لكن على صعيد العاطفة التلاميذ بحاجة إلى التواصل ونقل بعض من مشاعرهم إلى المعلم أو الأستاذ وهذا مهم جدا.

أما عن السعادة، فقالت إنها شعور نسبي والحضارة بكل ما تقدمه من تقنيات ووسائل تواصل واتصال وشبكات تواصل جماعية لكنها لا تجلب أبدًا السعادة وفق دراسات بل قد تؤدي إلى زيادة العسر في الحضارة وليس اليسر وتقوي “البعد النزواتي” لدى الطالب وتطلق الخيال لديه كي يذهب إلى نزوته أمام الشاشة دون معايير أو ضبط اجتماعي.

وأشارت إلى أن ما تعرض له الطلاب أثناء الجائحة يتصل بالصدمة وما بعد الصدمة وهو أمر يتناقل مع تناقل الأجيال الذين سيتحدثون لاحقًا لأجيال أخرى ويذكرون لهم مشاعرهم وكيف أنها كانت أيام قسرية غير جالبة للسعادة لأنها تفتقد لعناصر التواصل الإيجابي.

وعمن يعانون من صعوبات في التعلم، قالت أستاذة علم النفس إن الجائحة أصبحت كالتيار قضت على كثيرين، لكن نحن بصدد مفهوم جائر لأنه أصبح يطال الجميع وليس فئة بعينها وأصبح حجة لدى المقصرين وكل من لديه عسر أو عدم تنظيم لأفكاره ومشاعره.

وأضافت “يمكن للطالب أن يكون فعليا لديه صعوبات: تعلمية أو إدراكية أو معرفية أو جسدية، ولكن يجب أن نعرف ونحدد السبب خاصة على صعيد علم النفس حال لم يتعلق السبب برابط عضوي، فغالبًا يعبر الطالب عما لديه من إحساس صدّيق له انعكاس نفسي خاصة في العلاقة مع عائلته وإخوته وأصحابه ويود من خلالها أن يعبر عن أشياء أخرى”.

وتابعت “هنا يجب علينا التركيز في تلك الأشياء البسيطة الأخرى التي تتعلق بالمواقف العاطفية ومن ثم نحدد لاحقًا هل هي صعوبات تعلم تحتاج وصفة أم وضعه ضمن فئات مختلفة عن أقرانه، وهي مسألة يجب إعادة النظر فيها”.

وفي النهاية وجهت أستاذة علم النفس نصائح إلى الطاقم التعليمي والأهالي بأن يكونوا أكثر إيجابية بقبول واقع الجائحة والتكيف معه والتصرف بمطواعية أكثر لنصبح أقل عصبية مع ضرورة التواصل المباشر مع الأبناء وسؤالهم المستمر عن الصعوبات التي يعانون منها ومساعدتهم، لأن التواصل هو الوسيلة الوحيدة الهادفة التي يمكن أن توصلنا إلى السعادة.

المصدر : الجزيرة مباشر