لوموند: التعذيب والاغتصاب قضايا مسكوت عنها في تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر

الجزائريون والجزائريات دفعوا ثمنا باهضا لنيل الاستقلال (غيتي - أرشيفية)

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية أن مجموع القضايا المرتبطة بالتعذيب وجرائم الإغتصاب الممنهج التي ارتكبها عدد من الجنود الفرنسيون أيام استعمارالجزائر ستظل من القضايا المحرمة أوالتي لا يجب تناولها في العلاقة بين البلدين.

وجاء في تحقيق للصحيفة لوموند الفرنسية انجزته الصحفية فلورنس بوجي، أن سلسلة التابوهات أوالمواضيع المحظورة ما كان لها لتتحطم لولا شجاعة الناشطة السياسية الجزائرية لويزا إيغيل أحريز التي تجرأت لتقديم  شهادة غيرمسبوقة على صفحات جريدة لوموند في عدد 20 من يونيو/حزيران 2000. تحدثت فيهاعن عمليات اغتصاب النساء الفدائيات الجزائريات ما بين عامي 1954و1962 .

وكشفت الناشطة لويزا إيغيل أحريز في شهادتها مستويات مختلفة من الانتهاكات التي تعرضت لها في سبتمبر/أيلول 1957، عندما كانت في العشرين من عمرها، في مقر الفرقة العاشرة للمظلات بالجزائر العاصمة.

وأضافت أنه لولا (القائد ريشا) الذي أنقذها من خلال نقلها إلى مستشفى بباب الواد وبعدها نُقلت إلى السجن لكانت في عداد الموتى.

ودفعت الناشطة الجزائرية ثمناً باهظاً مقابل هذه الشجاعة. لكنها تؤكد أنها لم تندم على أي شيء.

وقالت “كان علي أن أشارك العبء الثقيل مع الجميع حتى أشعر بالراحة. واليوم أشعر بالمرارة لأنني كنت أتوقع صدور خطاب مغاير، لكن ذلك لم يحدث.

وأضافت الصحيفة أن أكثر ما تعانيه لويزا إيغيل أحريز هو نظرة الآخرين لها. فهي تعترف أنها “فعلت الكثير خلال حرب التحريرتستحق عليه الشكر”. ومن ناحية أخرى، تظل بنظر الناس”المرأة التي تعرضت للاغتصاب”.

اغتصاب جماعي

وتضيف الصحيفة أن “بايا لعريبي” الملقبة بـ “بايا الأسود” بسبب لون بشرتها، تعد إلى جانب لويزا إيغيل أحريز إحدى المجاهدات القلائل اللواتي امتلكن القوة لمواجهة أنظار الآخرين.

ففي عام 1956 اعتقلت بمعية  ثلاث ممرضات أخريات ومجموعة من أربعة عشر مقاتلاً.

وأضافت في شهادتها أنه كان يجب أن يستلقي الرجال غير مسلحين على الأرض لتتدحرج فوق أجسادهم عربة مصفحة وهم على قيد الحياة.

وفقًا لشهادة لبايا لاريبي، فإن جريمة الحرب هذه ارتكبها (فوج التنين الثاني) شمال شرق البلاد.

وبعدها تم نقلها إلى الجزائر العاصمة، لأحد المعتقلات حيت تعرضت لأنواع من للتعذيب.

وأضافت بايا “في قصركلاين تعرضت للاغتصاب الجماعي في مقر القيادة العاشرة للشرطة، من  قبل مجموعة من الجنود والقادة الفرنسيين أحدهم  الكابتن غراتسياني. وهو نفس الشخص الذي اغتصب لويزا إيغيل أحريز ونساء أخريات، واحدة منهن على الأقل لا تزال على قيد الحياة في الجزائر العاصمة.

التعذيب النفسي

وأضافت الصحيفة أنه بعد الاستقلال، أصبحت بايا لعريبي قابلة؛ وبعدما تقاعدت في منتصف التسعينيات، أصيبت بمرض الهوس الاكتئابي.

وقالت للصحيفة “طالما أنجبت أطفالًا فأنني بخير. عندما تقاعدت انغمست فجأة في أمور أخرى، كن في سنوات العشر السوداء أصبحت الأمور أكثر سوءًا”.

وأضافت “نعم حصلنا على الاستقلال، ولكن بأي ثمن؟”. وأجابت الثمن هو أن هناك نساء  تم اغتصابهن في الجبال ولم نعرف عنهن أي شيء.

وتابعت تحتاج الأجيال الصاعدة إلى معرفة ما حدث، التعذيب الجسدي لا يقارن بالتعذيب النفسي .

وتابعت الموت هو النهاية، لكن التعذيب النفسي هو المعاناة التي لا تنتهي أبدًا.

وقالت”الرجال يشنون الحرب والنساء يدفعن الثمن”.

المصدر : الجزيرة مباشر + صحيفة لوموند الفرنسية