يقيّد حقوق المسلمين.. هيئات إسلامية في أوربا تحذر من “ميثاق المبادئ” الفرنسي

استمرار الجدل بين الحكومة الفرنسية والمنظمات الإسلامية حول ميثاق تنظيم الحياة الدينية في فرنسا (غيتي-أرشيفية)

حذرت هيئات إسلامية في أوربا من تبني أهداف “ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي” مؤكدة أن هذا القانون يُقيّد حقوق المسلمين وحريتهم ويجعلهم موضع شبهة واتهام.

جاء ذلك في بيان مشترك لثلاث هيئات هي اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا، ومؤسسة المجتمع الإسلامي في أوربا وجمعية الإيمان والممارسة التي تنضوي تحت المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

ويعد “المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ” أكبر مؤسسة رسمية إسلامية في فرنسا، ويتكون من المنظمات والجمعيات الإسلامية والمساجد المعترَف بها قانونيًّا في فرنسا.

ميثاق ماكرون

وندّدت الهيئات الثلاثة بـ “وثيقة المبادئ” لتنظيم شؤون المسلمين في فرنسا التي تسعى الحكومة إلى فرضها.

و شدّدت على أن هذه الوثيقة  تتضمن ”فقرات تمسّ شرف المسلمين ولها طابع اتهّامي وتهميشي وتضعف أواصر الثقة بين مسلمي فرنسا والأمة”.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن المجلس الفرنسي للدين الإسلامي اعتماد ما أسماه “ميثاق مبادئ لإسلام فرنسا”، وقدُمّ الميثاق إلى رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون بعد أن وقّعت عليه 5 اتحادات إسلامية، في حين رفضت التوقيع 3 هيئات أخرى، وهي الجمعيات المكوِّنة للمجلس الفرنسي الذي تعدّه الحكومة الفرنسية ممثلا للمسلمين.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

ويكتسب هذا الميثاق صفة رسمية؛ فقد توصلت إليه بناء على طلب من ماكرون منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبتدخلات من وزير الداخلية الفرنسي.

وينص الميثاق على ”مبدأ المساواة بين الرجال والنساء” وعلى ”توافق”  الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، كما يشددّ على ”رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية” وعلى ضرورة ”عدم تدخل دول أجنبية في شؤون الجالية”.

 تهميش وتعميم

وجاء في بيان الهيئات الإسلامية الثلاث “نأسف لهذه الإدارة السريعة التي اعتمدتها حكومة ماكرون، من دون احترام الخطوات اللازمة للتشاور، والتي دفعت مجموعات أئمة المساجد للإعلان عن رفضهم المشاركة في هذا المشروع”.

وأوضح البيان أن “استخدام خطاب يهمش المسلمين والأئمة، وتعميم السلوك غير المقبول الذي يرتكبه أفراد معزولون على المجتمع المسلم بأسره، من شأنه أن يضر بشكل خطير بمصداقية هذا الميثاق ومن ثم بمصداقية المجلس الوطني للأئمة”.

وأضاف أن “استخدام الكلمات المجرّدة التي قد تلقي بظلال الشك على المسلمين وتفتح الطريق لتفسيرات مختلفة قد تقوّض قبول المسلمين لهذا الميثاق وهذا المجلس”.

“إسلام فرنسا”

ورفضت المؤسسات الاسلامية عددًا من المواد في “ميثاق مبادئ الإسلام الفرنسي”، وارتأت أنه لا أساس لها وتتجاوز أهدافها، موضحة ورود عبارة “إسلام فرنسا” والتي لا محل لها من الدقة، وقالت “لا يمكن حصر الإسلام، ومصادره الرئيسية القرآن والسنة، بمجتمع أو أيديولوجية، لذلك لا يمكن أن يكون هناك سؤال عن إسلام وطني مثل إسلام تركيا أو إسلام المغرب أو إسلام الجزائر”.

وقال البيان “الدستور الفرنسي يكفل حريات المواطنين في الأمور المتعلقة بالمعتقدات الدينية والالتزامات المدنية، فليس هناك حاجة للجوء إلى أي إعلان أو التزام يفرض على المسلمين والمنظمات التي تمثلهم، وأنه يجب معاملتهم مثل أتباع الديانات الأخرى ومنظماتهم، في إطار الحقوق والواجبات التي يقرها الدستورالفرنسي والقانون الدولي”.

وطالب بالمساواة بين جميع المواطنين الفرنسيين، مهما كانت أفكارهم ومعتقداتهم، حين يتعلق الأمر بالحق في حرية الدين والوجدان، “وأنه لا مانع من أن يكون للأفراد، سواء كانوا ملتزمين بالعقيدة الإسلامية أم لا، الحرية الكاملة في اختيار أو رفض أي دين. فالدين هو مسألة حرية فردية لا يمكن فرضها بالإكراه”.

وقال البيان “ترفض المنظمات الإسلامية اتخاذ أي إجراء ضد أي شخص ينتهك سلوكه التعاليم والمحظورات الدينية. وفي هذا السياق، فإن الأئمة المناوبين في مساجدنا مسؤولون عن الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالمثلية الجنسية وفق مصادر الدين الإسلامي، وخاصة القرآن والسنة، دون الدعوة إلى الكراهية أو العنف”.

وحذر من مصطلح “الإسلام السياسي” الوارد في الوثيقة، لأنه يحد من حق المسلمين أو المنظمات الإسلامية في الدخول في نقاش اجتماعي أو سياسي، إذ قد توجّه إليهم تهمة ممارسة “الإسلام السياسي”، علاوة على منعهم من ممارسة حقوقهم الديمقراطية.

المصدر : الجزيرة مباشر