شاكر بارحمة.. حكاية شاب كفيف تقلد منصبا حكوميا وأصبح سفيرا للسلام

الناشط اليمني شاكر بارحمة (مواقع التواصل)

رغم إصابته بالعمى، إلا أنه استطاع تحقيق أحلامه ليصبح سفيرا للسلام، إنه اليمني شاكر بارحمة (37 عاما)، أول كفيف يتقلد منصبا حكوميا، وهو مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بمدينة شبوه اليمنية.

واجه بارحمة؛ معوقات عديدة ومتنوعة، إذ ولد مصابًا بالعمى الجزئي الوراثي، ما حال دون حصوله على التعليم في صغره، فضلا عن إصابته بكسور عديدة؛ جراء عثراته واصطدامه المتكرر بالأشياء الصلبة، لكن كل تلك التحديات وغيرها الكثير لم ينل من إرادته.

وعن رحلته مع الدراسة، قال بارحمة في تصريحات إعلامية “لم أتمكن من مواصلة دراستي أثناء مرحلة الطفولة؛ بسبب عدم قدرتي على رؤية الكتابة بشكل جيد والمخاطر التي كنت أتعرض لها أثناء ذهابي إلى المدرسة (10 كم) ذهابًا وإيابًا مشيًا على الأقدام، الأمر الذي دفعني لترك الدراسة في سن مبكرة جدا”.

وأضاف “عدم وجود مدارس خاصة لتعليم المكفوفين في منطقتي والمحافظة (شبوه) بشكل عام كان سببًا في حرماني من التعليم، لكن ذلك لم يحل دون إقبالي على الحياة بتشجيع والدي لي”.

في عام 2005، انتقل “بارحمة” هو وأسرته للعيش في مدينة عدن، وهي لحظة فارقة شكلت وعيه وكتبت له سيناريو مختلف في الحياة.

اليمني شاكر بارحمة (مواقع التواصل)

وقال كنت أسال نفسي دائما،  كيف سأدرس وأنا كبير في السن؟ كيف سأتعلم وأنا فاقد للبصر؟ وهل المجتمع سيتقبلني بوضعي هذا؟، فضلًا عن آثار الحرب وتداعياتها في عدن، لكنني بعزيمتي وإرادتي، وضعت كل ذلك جانبًا وشققت طريقي بنجاح”.

وأكد أن تمتعه بالإرادة، التي مكنته من إذابة جليد المعيقات، قائلًا “عند وصولي عدن التحقت بمعهد النور للمكفوفين وتعلمت فيه طريقة الكتابة (برايل)، ثم واصلت دراستي وأكملت الثانوية، ثم التحقت بكلية اللغات جامعة عدن لتعلم الإنجليزية”.

وأشار إلى معاناة أصحاب الإعاقة من معوقات إضافية في بلد يشهد، منذ نحو 7 سنوات، حربًا بين القوات الموالية للحكومة وبين مسلحي الحوثي، ما أدى إلى تردي الأوضاع في القطاعات كافة.

وبفضل تفوقه ونشاطه الكبير في مجال التماسك المجتمعي، اختارت منظمات المجتمع المدني في عدن “بارحمة” سفيرًا للسلام، عام 2018، فشكل ذلك دافعًا له من أجل المزيد من العمل.

وقال “كان للقب سفير السلام طيب الأثر في نفسي ورفع معنوياتي وشعوري بأهمية ما أقوم به، فأسست مبادرة اسميتها (صناع الأمل)، وجميع أعضائها من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

وأوضح أن “الهدف من تأسيس المبادرة كان توصيل رسالة للمجتمع ولذوي الهمم منهم بأن المجال مفتوح أمامهم ليبرزوا قدراتهم وما يكتنزونه بدواخلهم، متى ما أتيحت الفرصة لهم”.

وتابع “خلال فترة وجيزة استطعت إدخال الكثير من ذوي الإعاقة، بالذات الناشطون منهم، في مجال بناء السلام بعدن وأخذت بيد الكثير أيضًا، فصاروا اليوم، ولله الحمد، مؤثرين في أنفسهم وفي محيطهم، ومن صناع السلام في مجتمعهم”.

أول كفيف يتقلد منصبا حكوميا في اليمن (مواقع التواصل)

من بين الأشياء الجميلة التي يحرص “بارحمة” على فعلها في عمله المجتمعي والإنساني هو أنه يولي ذوي الاحتياجات الخاصة الاهتمام الأكبر، ربما لشعوره، أكثر من غيره، بمتطلبات تلك الفئة.

في مارس/آذار 2020، تقلد “بارحمة” منصب مدير صندوق رعاية وتأهيل المعاقين في محافظته شبوه، كأول كفيف يمني يتقلد منصبًا حكوميًا.

وعن تصوره لدعم المعاقين، قال “أسعى دومًا لتوفير الأجواء المثالية لذوي الاحتياجات الخاصة وإخراجهم من حالة العزلة التي يعيشونها واستسلام غالبيتهم للإعاقة”.

وتابع “سأعمل على إدماج المعاق، حتى يغدو الواحد منهم مؤثرًا في بيته ومجتمعه ومحيطه، لا متأثرًا وعائشًا على غيره، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تشجيعهم على العمل وتمكينهم اقتصاديًا”.

وأضاف “أنا كشخص مسؤول عما يقارب 4 آلاف معاق في شبوه يحتم علي العمل بإخلاصٍ وتفانٍ ومنح هذه الفئة فرصة التعليم الذي حُرمت منها أنا في صغري كخطوة أولى”.

وأشار إلى جملة من الخطط والبرامج لتأهيل المعاقين في شبوه، وإدماجهم في سوق العمل، حتى يكسب لقمة عيشه من عرق جبينه، بالإضافة إلى دورات حرفية ومهنية وفتح مدارس للمكفوفين وللصم والبكم”.

وتمنى بارحمة أن “تحذوا السلطات المحلية في المحافظات اليمنية حذو محافظة شبوه، بحيث تسند مهام المعاقين ورعايتهم إلى الكفاءات من ذات الفئة، فهم أعلم بأحوالهم واحتياجاتهم أكثر من غيرهم”.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر