تركيا تتهم ماكرون بـ”الشعبوية” والجزائر تعد تصريحاتة “خطأ جسيما”

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في بروكسل (رويترز)

اتّهمت تركيا، اليوم الخميس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ”الشعبوية” بعد نشر تصريحات منسوبة إليه يصف فيها الحكم العثماني في الجزائر بـ”الاستعمار” ما أثار اضطرابات دبلوماسية.

ووصف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو تصريحات ماكرون ضد بلاده والجزائر بأنها غير مجدية و“سيئة إلى أعلى درجة”. 

وقال إن التاريخ التركي خال من الاستعمار، مضيفا “إذا لدى ماكرون ما يقوله لنا، فليقله في وجهنا وليس خلف ظهرنا”.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك، الخميس، عقده الوزير التركي مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، بمدينة لفيف الأوكرانية.

من جهته قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن تركيا لاعب دولي مهم جدا ونرتبط معها بـ”علاقات تاريخية عميقة”، واصفا تصريحات ماكرون، بـ”الخطأ الجسيم”.

وأضاف لعمامرة -حسبما نقلت وكالة الأناضول- على هامش الاجتماع الوزاري الثالث بين إيطاليا وأفريقيا في روما، أن الجزائر وتركيا تمتلكان علاقات تاريخية عميقة وروابط معنوية قوية، وتسعيان إلى تعزيز علاقاتهما المشتركة.

وتابع أن تركيا أسهمت بشكل مهم في عملية التنمية بالجزائر خلال السنوات الأخيرة، وأن بلاده تتطلع إلى المزيد من علاقات الشراكة والاستثمارات التركية خلال الأيام القادمة.

وأردف أن بلاده تدعم  إقامة علاقات شراكة نوعية مع تركيا، بحيث تشمل المجالات كافة، معربا عن تفاؤله بهذا الصدد.

وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة
وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة (غيتي)

وردا على سؤال حول تصريحات ماكرون الأخيرة، قال لعمامرة “مهما كان سبب المشكلة بين فرنسا والجزائر، لا أعتقد أنها ستؤثر في علاقاتنا مع الدول الشقيقة مثل تركيا”.

وشدد على أن الجزائر حافظت دوما على سمعتها وحقوقها وسيادتها أمام فرنسا وأي دولة أخرى.

وتابع “على جميع الدول الشريكة وخاصة فرنسا أن تفهم جيدا أن الجزائر لن تقدم أي تنازلات ولن تسمح بالتدخل في شؤونها الداخلية إطلاقا”.

وبدأت القضية عندما نشرت صحيفة (لوموند) الفرنسية الأسبوع الماضي حواراً بين ماكرون وعشرين شاباً شارك آباؤهم أو أجدادهم في حرب استقلال الجزائر (1954-1962).

وبحسب (لوموند)، اعتبر ماكرون خلال هذا اللقاء أن النظام الجزائري يقوم على “ريع الذاكرة”، ما أثار غضب الجزائر التي أعلنت استدعاء سفيرها لدى باريس.

وأضاف ماكرون “هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال”، مشيرا إلى وجود “عمليات استعمار سابقة”.

وتابع بنبرة ساخرة أنه “مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماما الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها”، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية.

وأثارت هذه التصريحات غضب الحكومة التركية التي تعد مسائل الذاكرة حساسة جداً.

وتكرر تركيا -التي قامت بعد الامبراطورية العثمانية وسيطرت على الجزائر الحالية على مدى ثلاثة قرون- أن تاريخها لا يتضمّن “استعمارا ولا إبادة جماعية”.

وفي المقابل، لا تمتنع تركيا عن انتقاد بشكل منتظم ماضي فرنسا الاستعماري.

وتأتي هذه المعركة حول الذاكرة في إطار أوسع من التوترات بين تركيا وفرنسا، البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) واللذين يختلفان بشأن مواضيع عدة.

وشهدت علاقاتهما توترات شديدة العام الماضي خصوصاً على خلفية ملفات ليبيا وسوريا إضافةً إلى شرق البحر المتوسط وبشأن مسألة قبرص.

وذهب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى حدّ التشكيك بـ”الصحة العقلية” لماكرون، متهماً إياه بقيادة “حملة كراهية” ضد الإسلام لدفاعه عن الحق في نشر رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ودعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.

وكثف البلدان في الأشهر الأخيرة خطوات التهدئة من بينها إعادة مواطن فرنسي -مُدان في تركيا بشبهة حيازة مخدرات- إلى باريس، العام الماضي.

المصدر : وكالات