تونس.. وقفات رافضة لقرارات سعيّد الاستثنائية والغنوشي يصعّد ويتحدى الرئيس

تواصل أزمة الانسداد السياسي التونسي
تواصل أزمة الانسداد السياسي التونسي (AFP)

شهدت مدينة صفاقس (جنوبي تونس) اليوم السبت، وقفة احتجاجية رافضة لقرارات الرئيس قيس سعيد “الاستثنائية”، في حين دعا حزبا “حركة الشعب” و”التحالف من أجل تونس” أنصارهما إلى تنظيم مسيرات داعمة للرئيس، غدا الأحد.

وشارك العشرات في وقفة احتجاجية بـ”ساحة المقاومة” بصفاقس تحت شعار “مواطنون ضد الانقلاب” رفضا لتدابير سعيد الاستثنائية وللمطالبة بإنهائها وسط حضور أمني كثيف.

وجاءت الوقفة استجابة لدعوات من ناشطي المجتمع المدني على مواقع التواصل، ورفع المحتجون خلالها لافتات عليها شعارات من قبيل “الشعب يريد عودة الدستور” و”الشعب يريد إسقاط الانقلاب” و”لا للديكتاتورية”، و”لا للمحاكمات الكيدية أمام القضاء العسكري”.

وقالت الناشطة في المجتمع المدني حياة الشلي “هذه الوقفة الاحتجاجية الثانية في صفاقس والمطلب الأساسي اليوم هو إنهاء الانقلاب على الشرعية والعودة للعمل بالدستور وعدم مواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية”.

وأضافت “نطالب بعودة المؤسسات الشرعية المنتخبة حتى لا تذهب البلاد نحو المجهول”.

وقال حراك “مواطنون ضد الانقلاب” في تونس إن وزارة الداخلية “مارست ضغوطًا” لمنع اجتماع له، داعيا إلى التظاهر ردا على ذلك، في حين لم يصدر عن وزارة الداخلية تعقيب بهذا الشأن الآن.

وقال الحراك في بيان عبر حسابه على فيسبوك إن “وزارة الداخلية التونسية ممثلة في رئيس مركز الحرس الوطني ببومهل (إحدى مدن الضاحية الجنوبية للعاصمة) قامت بممارسة ضغوطات على صاحب إحدى الفضائيات التي كان من المقرر عقد اجتماع سياسي فيها في إطار فعاليات حراك “مواطنون ضد الانقلاب””.

 

واعتبر الحراك ذلك “اعتداءً على الحريات التي ضمنها دستور الثورة”.

وفي ردّ فعل على ذلك، قال الحراك إنه دعا إلى مظاهرة حاشدة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، في 10 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وتأسس حراك “مواطنون ضد الانقلاب”، المشكل من نشطاء وحقوقيين ومواطنين، تزامنا مع إعلان سعيد تلك الإجراءات “الاستثنائية” كتحرك رافض لها.

واعتبر الناشط في الحراك الحبيب بوعجيلة، أن “عدم منح ترخيص للاجتماع الذي كان مقررا الأحد، يعد تضييقا على معارضي الانقلاب”، وفق وصفه.

وأضاف أن “مثل هذه الأساليب تعيدنا لذكرى ممارسات نظام الاستبداد”، في إشارة إلى ما قبل ثورة 2011.

وكان راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب التونسي قد قال، أمس الجمعة، إن البرلمان في حالة انعقاد دائم، داعيًا النواب إلى استئناف العمل متحديًا قرار الرئيس قيس سعيّد بتعليق عمل المجلس وذلك في تصعيد جديد للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

ويعمّق إعلان الغنوشي النزاع بشأن شرعية قرارات سعيّد التي أعلنها، في يوليو/ تموز الماضي، بالسيطرة على معظم السلطات التشريعية والتنفيذية في خطوة وصفها معارضو الرئيس بأنها انقلاب.

وغرّد الغنوشي -زعيم حزب النهضة الإسلامي- عبر تويتر إن “مكتب مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم”.

وتعرض سعيّد المنتخب، عام 2019، لضغوط محلية ودولية لاختيار حكومة جديدة بعد تدخله، في يوليو/تموز الماضي، بإقالة رئيس الوزراء وتعليق عمل البرلمان واضطلاعه بالسلطة التنفيذية.

وعين سعيّد، الأربعاء الماضي، نجلاء بودن -الجيولوجية والتي ليس لها خبرة تذكر في العمل السياسي- رئيسة للوزراء لتصبح أول امرأة تشغل المنصب في تونس.

وحذرت حركة النهضة في بيان “من أن تكليف رئيس(ة) حكومة من دون التقيد بالإجراءات الدستورية وعلى أساس أمر رئاسي لا دستوري وبصلاحيات شكليّة، يعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ولا يساعد على حلّها”.

وبودن غير معروفة في الأوساط السياسية وليس لها توجه حزبي معلن.

وطالب الحزب “باستئناف المسار الديمقراطي من خلال التراجع عن الأمر الرئاسي عدد 117 وعبر إكساء الحكومة المقبلة الشرعية الدستورية بعرضها على البرلمان لنيل ثقته كما ينص عليه الدستور في كل الحالات”.

والأسبوع الماضي، ألغى الرئيس أغلب أجزاء الدستور قائلا إنه يستطيع أن يحكم بمراسيم ويسيطر على الحكومة بنفسه خلال فترة استثنائية لم يعلن عن موعد انتهائها لتزداد الشكوك في المكاسب الديمقراطية التي تحققت عقب ثورة 2011 التي كانت إيذانا بموجة الربيع العربي.

وعزّزت قوات الأمن التونسي من وجودها بمحيط البرلمان المجمّد منذ أكثر من شهرين لمنع نواب من الدخول إلى مقرّ مجلس نوّاب الشعب المغلقة أبوابه منذ 25 يوليو الفائت.

وطوّق أفراد من الشرطة بالزي المدني والأمني، منذ صباح الجمعة، مقرّ البرلمان ووضعوا حواجز تمنع مرور المواطنين والسيّارات.

جاء ذلك بعد أن دعا أكثر من ثمانين نائبا من حزب النهضة وحليفه السياسي حزب “قلب تونس” النواب للتجمّع أمام مقرّ البرلمان الذي يضم 217 مقعدًا.

وأعلن سعيّد، منذ 25 يوليو الماضي، “إجراءات استثنائية” شملت إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان، وأن يترأس النيابة العامة، والسلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.

مسيرات لدعم سعيد

وفي السياق، أصدر حزبا “حركة الشعب” (15 مقعدا من أصل 217 بالبرلمان المجمدة اختصاصاته) و”التحالف من أجل تونس” (دون مقاعد)، اليوم السبت، بيانين دعوا فيهما أنصارهما إلى الخروج للشارع دعما لسعيد.

وقالت “حركة الشعب” في بيانها “ندعو جميع هياكلنا ومناضلينا وكل القوى الوطنية المؤمنة بمسار التصحيح وعموم أبناء شعبنا للمشاركة بكثافة في هذه التحركات”.

 

وأضافت “مشاركتنا تأتي انتصارا لإرادة أبناء الشعب في بناء حياة كريمة تصان فيها حقوق الإنسان وكرامته ودفاعا عن الدولة في وجه عصابات الفساد والإفساد وناهبي قوت الشعب وثرواته”.

من جهته، دعا حزب “التحالف من أجل تونس” كل أنصاره ومنتسبيه وأفراد الشعب “للمشاركة في مسيرة سلمية الأحد بشارع الحبيب بورقيبة (بالعاصمة تونس)”.

وقال التحالف في بيان إن المسيرة هدفها “إتمام المسار التصحيحي وتجسيد رغبة الشعب التونسي في إقرار سيادته ومواصلة مسيرة التأسيس والبناء للجمهورية الثالثة”.

 

 

وكانت 6 أحزاب تونسية أعلنت، بعد 25 من يوليو/تموز الماضي، دعمها قرارات سعيد، وهي كل من “حركة الشعب” و”التحالف من أجل تونس”، إلى جانب “حركة تونس إلى الأمام”، و”التيار الشعبي”، و”حركة البعث”، و”الحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي”.

وفي بيانات سابقة لها، دعت هذه الأحزاب، التي لا تمتلك مقاعد في البرلمان بخلاف “حركة الشعب” إلى “التسريع بتفكيك مثلث الدمار الذي كان السبب الرئيسي في تخريب الثورة ونهب ثروات البلاد وتفكيك الدولة، والمتمثل في الفساد والإرهاب والتهريب”.

في حين، أعلنت أحزاب أخرى معارضتها تدابير سعيد والتصدي لما اعتبرته “انقلابا” على الدستور، بينها حركة النهضة (53 مقعدا/ أكبر حزب بالبرلمان) و”قلب تونس” (28 مقعدا)، و”التيار الديمقراطي” (22 نائبا) و”آفاق تونس” (نائبان) و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” (من دون نواب) و”الجمهوري” (من دون نواب).

وكان سعيّد قد وجه -في مناسبات عدة- تطمينات إلى الداخل والخارج أكد فيها أنه “لا ينوي إرساء نظام دكتاتوري في تونس” ولا “المساس بالحقوق والحريات”، إنما يهدف إلى “إصلاح الأوضاع بعد أن تأكد من وجود خطر داهم يهدد الدولة التونسية”.

المصدر : الجزيرة مباشر + مواقع التواصل + وكالات