إدارة بايدن.. ملامح سياسات جديدة في الداخل والخارج

تحديات كثيرة تواجه الساكن الجديد بالبيت الأبيض، جو بايدن
تحديات كثيرة تواجه الساكن الجديد بالبيت الأبيض، جو بايدن (غيتي)

على مدى 4 سنوات من حكم الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، شهد العالم العديد من الصراعات الناتجة عن قرارات الأخير غير المسبوقة، على الصعيدين الدولي والمحلي.

ومع انقضاء حكمه وتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، الأربعاء، رئيسًا للولايات المتحدة، الآمال تتعلق على الإدارة الجديدة لحل هذه الصراعات وتعزيز الاستقرار.

في البداية، وخلال ساعات الحكم الأولى من البيت الأبيض سيوقع بايدن نحو 17 أمرًا تنفيذيًا تلغي قرارات سابقة لإدارة ترمب، أبرزها تلك المتعلقة ببناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وحظر السفر إلى الولايات المتحدة من الدول المسلمة، فضلًا عن الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ.

كما ستشمل القرارات الجديدة لبايدن، سياسات جديدة تتعلق بآليات مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد (المسبّب لمرض كوفيد-19) في الولايات المتحدة، بعدما أسفرت سياسات ترمب عن جعل بلاده أكثر الدول تضررًا من الجائحة.

الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن
الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن (غيتي)

شؤون داخلية

سيطلب بايدن استخدام الأقنعة والتباعد الجسدي في جميع المباني الفيدرالية، ومن قِبل الموظفين والعاملين في القطاعات الحكومية.

وحسب وكالة أسوشيتد برس، سيحث بايدن جميع الأمريكيين على ارتداء الأقنعة خلال الأيام المئة الأولى من إدارته.

كما سيوجه بايدن الحكومة للانضمام مرة أخرى  إلى منظمة الصحة العالمية، التي انسحب منها ترمب -في وقت سابق من هذا العام- بعد اتهامها بعدم الكفاءة والرضوخ للضغوط الصينية بشأن فيروس كورونا.

وفي السياق، سيوقّع بايدن على أوامر تنفيذية لعودة واشنطن إلى اتفاق باريس للمناخ، وفاءً بتعهد الحملة بالعودة إلى ميثاق المناخ العالمي.

وكان ترمب، أحد مؤيدي النفط والغاز والفحم، قد أعطى الأولوية الأولى للانسحاب من الجهود العالمية لخفض انبعاثات الوقود الأحفوري الضارة بالمناخ، وسيستغرق الأمر 30 يومًا حتى تعود الولايات المتحدة رسميًّا إلى الاتفاقية الدولية.

وعلى الصعيد الداخلي أيضًا، سينهي بايدن الحظر المفروض على المسافرين المسلمين، الذي فرضه ترمب، في يناير/ كانون الثاني 2017، حيث منع رعايا أجانب من 7 دول مسلمة من دخول الولايات المتحدة.

وسيُنهى بايدن حالة الطوارئ الوطنية التي أعلنها سلفه ترمب على الحدود، في فبراير/ شباط 2018، بشكل فوري، وذلك لتحويل مليارات الدولارات من وزارة الدفاع إلى بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، حسبما نقلت أسوشيتيد برس، وسيُوقف بناء الجدار الحدودي وسيبحث سبل إعادة توجيه أموال الجدار.

واستكمالا لقضايا الهجرة والمهاجرين غير النظاميين، سيأمر بايدن حكومته بالإبقاء على الإجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة المعروف اختصارا باسم داكا DACA.

ووفر هذا الإجراء الحماية لمئات الآلاف من الناس، الذين قدموا إلى البلاد وهم أطفال صغار، من خطر الترحيل منذ تقديمه عام 2012.

وسيُلغى بايدن أحد أوامر ترمب التنفيذية الأولى، التي أعلن بموجبها أن جميع الناس  البالغ عددهم 11 مليون شخص تقريبًا ووصلوا إلى البلاد بشكل غير قانوني يعتبرون من أولويات الترحيل، وستُراجع وزارة الأمن الداخلي في إدارة بايدن أولويات التنفيذ.

وتوضح حملة بايدن على موقعها الإلكتروني أن عمليات الترحيل ستركز على الأمن القومي وتهديدات السلامة العامة.

مشروع هجرة شامل

وسيقدم بايدن مشروع قانون هجرة شامل، في اليوم الأول لتنصيبه، يوفر مسارًا للمهاجرين غير النظاميين نحو الحصول على الجنسية الأمريكية في غضون 8 سنوات، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

وذكرت الصحيفة نفسها، الإثنين، أن مشروع القانون سيحمي المهاجرين غير النظاميين، ويضعهم على طريق مدته 5 سنوات للحصول على البطاقة الخضراء، وإذا استوفوا شروطًا معينة، مثل دفع الضرائب، والتحقق من الخلفية، يمكنهم حينئذ الحصول على الجنسية بعد 3 سنوات.

ويبلغ عدد المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة نحو 12 مليونًا، منذ عام 2015، بينما هناك تقديرات أخرى أعلى من ذلك، وفق ما أفادت وكالة أسوشيتيد برس.

قضايا دولية

ينتظر كثيرون تغييرات في سياسات الولايات المتحدة الخارجية، لا سيّما فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران، واستمرار الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق.

1- العودة إلى الاتفاق النووي

ألمح بايدن، في حواره مع صحيفة “النيويورك تايمز” الأمريكية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى عام 2015، الذي انسحبت منه ترمب، في مايو/ أيار 2018، وفرض على إيران عقوبات اقتصادية.

وفي معرض رده على سؤال (إن كان متمسكًا بآرائه بشأن الصفقة النووية الإيرانية التي أوردها في مقال، بتاريخ 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، على موقع شبكة سي إن إن)، أجاب بايدن “سيكون الأمر صعبًا.. لكن نعم”.

وكتب بايدن “إذا عادت إيران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تعود للاتفاق كنقطة انطلاق لمتابعة المفاوضات، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس ترمب على إيران”.

وأكد أن واشنطن -وبالتشاور مع حلفائها وشركائها- ستشارك في مفاوضات وستتابع الاتفاقيات التي من شأنها تشديد وإطالة القيود النووية على إيران، وكذلك معالجة برنامجها الصاروخي، مضيفًا أن الولايات المتحدة دائمًا لديها خيار إلغاء العقوبات إذا لزم الأمر وإيران تعرف ذلك.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس، الثلاثاء، عن مرشحة بايدن لمنصب نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، قولها إن الخارجية الأمريكية ستعمل بجد في هذا الأمر (الاتفاق النووي)، لأننا فقدنا المصداقية ويُنظر إلينا على أننا أضعف بعد ترمب.

وشغلت شيرمان منصب وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية خلال إدارة أوباما وكانت المفاوضة الرئيسية في المفاوضات النووية لعام 2015 مع إيران.

وينص الاتفاق على التزام طهران بالتخلي، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، عن أجزاء حيوية من برنامجها النووي، وتقييده بشكل كبير، بهدف منعها من امتلاك القدرة على تطوير أسلحة نووية، مقابل رفع عقوبات مفروضة عليها.

2- أمن إسرائيل

تظل علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل محور اهتمام دول عدة لا سيّما العربية منها، واشتدت الأزمة بعدما نقلت واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس، في مايو/أيار 2018، وما تبع تلك الخطوة من موجة غضب واسعة.

لكن يبدو أن إدارة بايدن لن تحدث تغيرًا جذريًا في هذه القضية، رغم استمرار دعم الرئيس الأمريكي الجديد لمقترح حل الدولتين.

وقال أنتوني بلينكن، المرشح لمنصب وزير الخارجية، الثلاثاء، إنه خلال توليه الوزارة سيبقي على السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، وسيواصلون اعترافهم بالمدينة عاصمة لإسرائيل.

كما شدد على أنهم سيواصلون الدعم الذي يقدمونه لإسرائيل، التي قال إنها أهم حليف للولايات المتحدة بالمنطقة، وأوضح أنه لا يعتبر إسرائيل دولة عنصرية.

ووعد بلينكن بالتزام الولايات المتحدة الدائم بأمن إسرائيل، لكنه قال إن بايدن لا يزال ملتزمًا بحل الدولتين مع الفلسطينيين.

3- الانسحاب من العراق وأفغانستان

كشف مرشح الرئيس بايدن لوزارة الدفاع (البنتاغون)، لويد أوستن، خلال جلسة بمجلس الشيوخ لمناقشة ترشيحه، الثلاثاء، عن رغبته في إنهاء النزاع في أفغانستان بتسوية سياسية.

وأشار إلى أن واشنطن “تريد أن ترى أفغانستان بلا خطر في المستقبل”، مع ضرورة التركيز على محاربة الإرهاب.

وجاءت هذه التصريحات لتنهي حربًا طويلة تورطت فيها الولايات المتحدة، انتهت حتى الآن بالإبقاء على 2500 جندي في العراق ومثلها في أفغانستان.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر