تحذير من استهداف المسلمين.. فرنسا تمضي في قانون لقمع السلوك “الذي يتنافى مع قيم الجمهورية”

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

عرض رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الأربعاء مشروع قانون “لتعزيز احترام مبادئ الجمهورية” المثير للجدل، مؤكدا أن النص الذي وجهت إليه انتقادات دولية عدة، ليس “ضد الأديان” بل للدفاع عن “الحريات”.

ويعتبر مشروع القانون بالغ الحساسية، بعد انتقادات دولية ومظاهرات غاضبة في عدة دول احتجاجا على معاودة صحيفة “شارلي إيبدو” نشر رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

كما حذر معارضون من أن يولد هذا القانون مشاعر عزلة واغتراب بين المسلمين في فرنسا.

وقال كاستيكس بعد اجتماع مجلس الوزراء إن “هذا القانون ليس نصا ضد الأديان ولا ضد الديانة الإسلامية بشكل خاص”، مؤكدا أنه “وعلى العكس قانون للحرية وقانون للحماية وقانون للتحرر في مواجهة الأصولية الدينية”.

وأوضح أن القانون سيضع في أيدي السلطات أدوات “لمكافحة التوجهات السياسية والأيديولوجية التي تتعارض مع قيمنا وسيادتنا وترقى في بعض الأحيان لأن تكون أعمالا إجرامية”.

وأشار رئيس الوزراء الفرنسي إلى أن “العلمانية تضمن حرية الإيمان وعدم الإيمان (…) وتميز بين المجالين الخاص والعام”، مؤكدا أن القانون الجديد أصبح ضروريا “بسبب الهجمات المتزايدة” على هذه المبادئ التي “تؤثر على قدرتنا على العيش بسلام”.

وأشار إلى حالات جرى فيها حرمان أطفال من التعلم في المدرسة “لتلقي تعليم مجتمعي أو قيام جمعيات رياضية أو دينية بأعمال تتحدى قوانين الجمهورية”.

البرلمان الفرنسي (رويترز)

وأضاف أن هذا “العمل التقويضي غالبا ما يكون نتيجة أيديولوجيا خبيثة تحمل اسم الإسلام الراديكالي”، معتبرا انها “مشروع مسيس” يهدف إلى “جعل القانون الديني يعلو على القانون العام”، و”يستغل ثغرات” النظام أحيانًا “بمساعدة أجانب”.

وأيدت الحكومة رسميا مشروع القانون المقترح، اليوم الأربعاء، فيما يسمح لها بإرساله إلى مجلس النواب في البرلمان، الذي تهيمن الحكومة وحلفاؤها على أغلبية مقاعده.

وتقول الحكومة الفرنسية إن القانون يستهدف الممارسات التي تتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية.

وجاء عرض المشروع، الذي يتوقع أن يكون أحد آخر مشاريع القوانين الكبيرة في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون، عقب التوتر المتزايد إثر إعادة نشر الرسوم المسيئة.

وتم تعديل اسم مشروع القانون أكثر من مرة ليستقر على “قانون لتعزيز احترام مبادئ الجمهورية”، واعتبر ماكرون أن هدفه هو التصدي لقيام “مجتمع مضاد”.

وأتى مشروع القانون الذي يضم نحو خمسين مادة وعرض في الذكرى الخامسة عشرة بعد المئة لقانون العام 1905 التاريخي بشأن العلمانية، نتاج ثلاث سنوات من المحاولات لمواجهة ما سماه ماكرون “الهيدرا الإسلامية”، في إشارة إلى الحية هيدرا المتعددة الرؤوس الواردة في الأساطير اليونانية.

ويضم مشروع القانون بنودا للحد من التعلم المنزلي الذي بات يشمل 62 ألف طفل، أي ضعف ما كانت عليه الأرقام في عام 2016، مع بعض الاستثناءات المحتملة (صحة، رياضة، فنون).

ويشمل النص إطارا لمراقبة تمويل الجمعيات وعملها، وقد تم حل عدد منها بالفعل مثل جماعة الشيخ ياسين وبركة سيتي. وسيكون تمويل دور العبادة وإدارتها موضع رقابة مع آلية تحول دون سيطرة “المتطرفين” عليها.

ويتضمن مشروع القانون إطارا لمعالجة الكراهية عبر الانترنت وحماية الموظفين الرسميين من التهديدات والعنف والاشراف المشدد على الجمعيات ودور العبادة.

وينص مشروع القانون على منع تعدد الزوجات ومنع إصدار شهادات العذرية، وينص كذلك على مبدأ حياد العاملين في المرافق العامة.

ويواجه مشروع القانون احتجاجات في دول مثل بنغلاديش وباكستان وانتقادات من قبل بعض قادة الدول الإسلامية وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كما امتدت الانتقادات إلى الولايات المتحدة، إذ أعرب المبعوث الأمريكي للحرية الدينية سام براونباك مساء الثلاثاء عن قلقه بشأن مشروع القانون الذي وصفه بأنه “قمعي جدا”.

ولدى تطرقها إلى مشروع القانون الفرنسي، أعربت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه عن قلقها إزاء “وصم محتمل للمسلمين”.

وردا على المخاوف من توجه يميني للحكومة، عدد كاستيكس تدابير هدفها ضمان “المساواة في الفرص” على غرار تقليص عدد التلاميذ في الصفوف، وتطوير دور الرعاية ووعد بتوفير مزيد من المساكن الاجتماعية بهدف التصدي “لمنطق الغيتو”.

المصدر : الفرنسية + رويترز