أبرز الأخبار الكاذبة على مواقع التواصل خلال 2020

ظهر واقي الوجه بصورة غير مسبوقة خلال 2020 بعد تفشي فيروس كورونا المستجد
ظهر واقي الوجه بصورة غير مسبوقة خلال 2020 بعد تفشي فيروس كورونا المستجد (غيتي)

عاش العالم خلال العام 2020 جائحة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث قلبت الحياة فيه رأسًا على عقب، لكنها -وعلى فداحة آثارها الصحيّة والاقتصاديّة والاجتماعية- لم تحجب كثافة الأحداث الكبيرة في العالم، وخصوصًا في المنطقة العربية وما حولها، إذ توالت النزاعات والاضطرابات والكوارث والتحوّلات السياسية الكبرى.

وعلى وقع هذه المستجدّات، غرقت مواقع فيسبوك وتويتر وإنستغرام وتيك توك علاوة على تطبيق واتساب في بحر من الأخبار الكاذبة، سواء لتأييد مواقف سياسيّة، أو نظريات مؤامرة علميّة، أو لمجرّد جذب المشاهدات والتفاعلات لأسباب تجاريّة، جعلت مصدّقيها يعيشون في عالمٍ موازٍ منفصل عن الوقائع السياسية والحقائق الطبيّة والعلميّة.

وفيما يأتي بعض أبرز الأخبار الكاذبة التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، خلال عام 2020، بحسب رصد لوكالة الأنباء الفرنسية:

مطلع العام: تصعيد في الشرق الأوسط

قتِل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ومهندس الاستراتيجية الإيرانية في الشرق الأوسط، في الثالث من يناير/ كانون ثانٍ الماضي، بضربة من طائرة أمريكية من دون طيّار في بغداد، وسبق ذلك هجوم على السفارة الأمريكية بالعراق.

بعد ساعات قليلة، ظهرت على مواقع التواصل صورة قيل إنها تُظهر جثّة سليماني أو نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس الذي قتِل معه، لكن الصّورة -في الحقيقة- لجنرال قتل على يد تنظيم الدولة في سوريا، عام 2015.

في 8 ينايركاونون الثاني ، ردّت إيران بإطلاق صواريخ على قواعد تؤوي جنودًا أمريكيين في العراق. كذلك، أسقطت “عن طريق الخطأ” طائرة ركاب أوكرانية بعد ساعات على ذلك، مما أدى الى مقتل 176 شخصًا.

وإزاء توعّد إيران بردّ مناسب على مقتل سليماني، ظهرت أخبار وصور ومقاطع تدّعي تنفيذ هذا التهديد، منها صور قيل إنها تظهر جنودًا أمريكيين في حالة من الذعر بسبب القصف الإيراني، لكن الصور في الحقيقة منشورة في أوقات سابقة وفي مناسبات مختلفة.

فبراير/ شباط: سيل من الأخبار المضلّلة عن كوفيد-19

اعتبارًا من شهر فبرايرشباط الفائت، دخل العالم نفقًا غامضًا لم يسبق له مثيل مع انتشار فيروس كورونا المستجدّ (المسبّب لمرض كوفيد-19).

إزاء ذلك، غرقت شبكة الإنترنت في كلّ أنحاء العالم في سيل من المعلومات الطبيّة والعلميّة المضلّلة، ونظريات المؤامرة حول نشأة الفيروس، أو شائعات اجتماعية ودينيّة تتعلّق به.

لكن مواقع التواصل باللغة العربية ضجّت أيضًا بنوع آخر من هذه الأخبار المضللة تحدّثت عن انهيار الحضارة الغربية، وعن إقبال كثيف لغير المسلمين على اعتناق الإسلام، أو الاستنجاد به في ظلّ انتشار الوباء في العالم.

ومن أكثر الشائعات تداولًا في هذا السياق قيل إنه يُظهر إيطاليين ينضمّون لصلاة المسلمين في ظلّ فقدان حكومتهم السيطرة على انتشار الوباء، لكن الفيديو الذي انطلى على عشرات آلاف المستخدمين لا علاقة له في الحقيقة بشيء من كلّ ذلك، بل يرجع إلى عام 2017، ويصوّر تضامنًا معهم في وجه قرارات الرئيس الأمريكي (حينها) دونالد ترمب التي اعتبرت معادية للمهاجرين والمسلمين.

يوليو/ تموز: تحويل آيا صوفيا إلى مسجد أجّج التراشق بالأخبار الكاذبة 

في يوليو تموز  الماضي ، أشعل قرار السلطات التركيّة إعادة آيا صوفيا إلى مسجد، فتيل تراشق بالأخبار الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية، بين تبرير القرار باستحضار صور لكنائس قيل إنها “بُنيت من جماجم المسلمين”، وبين مهاجمة القرار والحديث عن “غضب إلهي” مناخيّ على تركيا وتهديد روسي بمحوها عن الخريطة.

لكن هذه الأخبار -وغيرها حول قضية آيا صوفيا- لا أساس لها من الصحّة، فلا الصور تُظهر كنائس بنيت من جماجم المسلمين، ولا الرئيس الروسي هدّد تركيا، بل هو اعتبر قرارها “شأنًا داخليًا”.

أما الفيديو المنتشر على أنه يُظهر غضب الطبيعة في تركيا بعد القرار، فهو مصوّر قبل سنوات أثناء فيضانات في أنقرة.

أغسطس/ آب: انفجار مرفأ بيروت

في 4 أغسطس آب، وقع انفجار هائل في مرفأ بيروت سُمع دويّه في جزيرة قبرص، ناجم عن تخزين أطنان من نيترات الأمونيوم من دون وقاية.

أسفر الانفجار عن دمار تامّ في المرفأ والأحياء المجاورة له، وخراب كبير في العاصمة، وأوقع مئتي قتيل و6 آلاف و500 جريح.

منذ اللحظات الأولى للانفجار، و   بينما كان اللبنانيون ما زالوا تحت هول الصدمة والعشرات منهم تحت أنقاض الأحياء المجاورة للمرفأ في عاصمتهم المنكوبة، كانت الأخبار الكاذبة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات وصولًا إلى أندونيسيا وماليزيا، سواء لتعزيز موقف سياسي أو تحليل أمني، أو لمجرّد جذب التفاعلات على منشورات غير صحيحة توظّف تعاطف المستخدمين حول العالم واهتمامهم بهذه الكارثة.

لكن أبرز ما طبع الأخبار الكاذبة عن انفجار بيروت، الصور والمقاطع المركّبة التي تُظهر صاروخًا يهوي على المرفأ قبل الانفجار؛ لتعزيز فرضيّة أن إسرائيل تقف وراء الانفجار.

ومن أكثر الأخبار تداولًا في هذا السياق، فيديو قيل إنه بالتصوير الحراري وإنه يُظهر صاروخًا يصيب المرفأ قبل الانفجار.

لكن المقطع معدّل من فيديو نشرته شبكة “سي إن إن”، وقد تلاعب مروّجو الخبر الكاذب بالألوان لجعل الفيديو يبدو وكأنه بالتصوير الحراري، ثم أضافوا الصاروخ لتأييد فرضيّتهم.

وغزا هذا الخبر الكاذب مواقع التواصل باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية.

سبتمبر/ أيلول: أخبار مضلّلة عن التطبيع بين الإمارات وإسرائيل

في 15 سبتمبر الماضي، وقّعت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اتفاقي تطبيع مع إسرائيل في البيت الأبيض، وهو ما وصفه الفلسطينيون بأنه “طعنة في الظهر”، ثم حذا كلّ من السودان والمغرب حذوهما بعد أسابيع.

إثر ذلك، ظهرت على مواقع التواصل باللغة العربية أخبار مضلّلة ذات صلة، منها فيديو مصوّر بالعربية استخدمه مروّجو الأخبار الكاذبة على أنه احتفال باتفاق السلام، أو استخدمت للقول إنها تُظهر هجمات انتقامية في الإمارات وخارجها.

ومن أغرب ما ظهر في هذا السياق، وبين مؤيدي الخطوة الإماراتيّة، فيديو قيل إنه يُظهر فلسطينيين يدخلون إلى المسجد الأقصى للصلاة بفرح عارم بعد شيوع خبر الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل.

إلا أن الادّعاء خطأ، والفيديو منتشر قبل نحو شهرين، وهو يصور فلسطينيين يدخلون المسجد الأقصى بعد شهرين من الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا المستجدّ.

معارك إقليم ناغورني كاراباخ ومواجهات بالأخبار الكاذبة

على وقع المعارك التي اندلعت، أواخر سبتمبر الماضي، بين أذربيجان وانفصاليين مدعومين من أرمينيا في إقليم ناغورني كاراباخ وما حوله، تحوّلت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربيّة إلى ساحة اشتباك بين مؤيّدي الطرفين، وميدان تراشق بالأخبار الكاذبة حول مجريات القتال، وسياسات الأطراف المتنازعة وتدخّل دول الإقليم.

ونشر مؤيّدون للسياسة التركية صورًا ومقاطع قالوا إنها تُظهر انتصارات للجيش الأذري أو مواقف إنسانيّة ودينيّة موثّرة، لكن معظم ما انتشر في هذا السياق كان مضلّلًا أو قديمًا أو متلاعبًا به.

في المقابل، حشد مناصرو المعسكر الثاني صورًا ومقاطع قالوا إنها تُظهر انتصارات الأرمن، أو تظاهرات ترفع أعلام إسرائيل في أذربيجان، أو مشاركة مرتزقة سوريين في النزاع، كانت بمعظمها مضلّلة أو خارج السياق.

ومن الأمور اللافتة في هذا السياق، استخدام مقاطع من ألعاب إلكترونية للقول إنها تُظهر انتصارات عسكرية لهذا الطرف أو ذاك، على غرار هذا المقطع الذي قيل إنه يصوّر إسقاط طائرة أذرية، فيما هو في الحقيقة مقطع من لعبة “آرما 3”.

نوفمبر/ تشرين ثان: الأخبار المضلّلة ترافق الانتخابات الأمريكية

ظلّت الأنظار في العالم العربي متّجهة إلى ما يصدر من أنباء عن نتائج الانتخابات الأمريكية، لما لهذه النتائج من انعكاسات سياسية مباشرة على المنطقة.

وفي هذا السياق، ظهرت على مواقع التواصل أخبار انطلت -رغم غرابتها- على آلاف المستخدمين، منها فيديو قيل إنه يُظهر ترمب مستعينًا بمشعوذين لجلب الحظ، لكن الفيديو في الحقيقة يعود لعام 2017، ويصوّر صلاة أقيمت في البيت الأبيض لضحايا إعصار هارفي.

وتداول عشرات آلاف المستخدمين بشتّى اللغات حول العالم قيل إنه يُظهر ترمب وهو يحطّم مكتبه بعد صدور النتائج وهزيمته أمام المرشّح الديمقراطي جو بايدن، لكن هذا الفيديو مقتطع من فيديو ساخر وليس حقيقيًّا.

آخر السنة: لقاحات كورونا

مع اقتراب عام 2020 من أيامه الأخيرة، وفي وقت تتهيّأ فيه بلدان المنطقة العربية لحملات التلقيح ضدّ فيروس كورونا، وجد مواطنوها أنفسهم أمام زخم من الأخبار المقلقة التي تحاصرهم بين مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات واتساب مرورًا بأحاديث الشارع ووصولًا إلى ما يُلقى على بعض وسائل الإعلام حول مخاطر مزعومة لهذه اللقاحات وقصص خياليّة معقّدة تعزّز نظريات المؤامرة المتّصلة به.

ومن أبرز الشائعات المتداولة عن اللقاح، الحديث عن احتوائه على شرائح لجمع معلومات، وهو ما يستحيل بحسب خبراء مستقلين، أو أنه مصنّع من خلايا أجنّة مجهضة، وأنه يسبّب العقم لدى النساء، أو أنه يسبّب تغييرًا جينيًّا لدى الإنسان، وهو ما وصفه خبراء بأنه “هذيان تام”.

وفي السياق، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي باللغات الهولندية والألمانية والفرنسية والسلوفاكية والإسبانية، علاوة على اللغة العربية، قصّة معقّدة عن علاقة خفيّة بين مختبر ووهان في الصين الذي تتهمه شائعات بـ”تصنيع” الفيروس، وشركات إنتاج اللقاح وشركات التأمين وبعض أثرياء العالم، بما يوحي بوجود مؤامرة متشعّبة الأطراف تمتدّ خيوطها في أرجاء القارات الخمس.

لكن هذه الحبكة ليست سوى قصّة يختلط فيها شيء قليل من الوقائع بكمّ كبير من “الهذيان والتضليل”.

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية