مع تزايد الرفض الشعبي.. مظاهرات للأسبوع الثالث في فرنسا ضد قانون الأمن الشامل (فيديو)
تتزايد في فرنسا ردود الفعل الرافضة لمشروع قانون “الأمن الشامل” في خضم استعداد الحكومة لتطبيقه، ووصفه من قبل الاتحاد الأوربي ومنظمات دولية بأنه ضد حقوق الإنسان.
وتجددت المظاهرات السبت للأسبوع الثالث على التوالي في العاصمة الفرنسية باريس ومدن أخرى، رافضة مشروع قانون الأمن الشامل، في حين عززت السلطات من إجراءاتها الأمنية خشية نشوب أعمال عنف.
وخلال مظاهرات الشهر الماضي، التي تخللتها أحداث عنف، وصف المتظاهرون مشروع القانون بأنه محاولة من قبل إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون لتقييد الحريات والتستر على عنف الشرطة وتعزيز سلطوية نظامه.
ورغم إعلان الحكومة عزمها التراجع عن تطبيق بعض بنود المشروع للتخفيف من ردود الفعل الشعبية والدولية، فإن المجتمع الفرنسي ما زال يعبر عن رفضه لمواد أخرى توصف بأنها تنتهك حقوق الإنسان.
مثير للجدل
قال ثوماس جاليير، للأناضول، إن مشروع القانون بمثير للجدل، وينبغي عدم السماح بتمريره، لأنه يحتوي على بعض المواد المبهمة التي تهدف لتعزيز سلطوية النظام.
وأوضح جاليير، الذي يعيش بالعاصمة باريس، أن إصرار الحكومة على طرح مشروع القانون “لا طائل من ورائه” لأنه من حق الجميع مشاركة الصور، لاسيما تلك التي تعكس عنف الشرطة، لتقديمها كدليل في بعض التحقيقات.
وأضاف أن الحكومة أو الشرطة تحاول أحيانًا التستر على الأدلة من أجل حماية صورتها، بوضع قيود على حرية التقاط الصور، مشيرا إلى أن هذه الحرية التي تشكل رادعا للشرطة لعدم ارتكاب أعمال عنف.
في 2019، أدانت محكمة فرنسية رجلين بتهمة "الازدراء" بعد أن أحرقا دمية تمثّل ماكرون. وحالياً يناقش البرلمان قانوناً يجرّم تداول صور المسؤولين على وسائل التواصل. فمن الصعب التوفيق بين هذا التوّجه وبين دفاع #فرنسا الشرس عن حق تصوير النبي محمد في رسوم ساخرة. https://t.co/xP5W94w0zf
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 13, 2020
وأثار القانون الذي قدمته حكومة الرئيس ماكرون، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات في مدن بجميع أنحاء فرنسا، بما في ذلك باريس وليون وبوردو ومرسيليا.
كما أثار انتقادات منظمات حقوقية وصحفيين ينظرون إلى مشروع القانون على أنه وسيلة لإسكات الصحافة وتقويض الرقابة على الانتهاكات المحتملة للسلطة من قبل الشرطة.
.@AmnestyAR :
"#فرنسا ليست نصيرة حرية التعبير كما تزعملا ينبغي لأحد أن يخشى العنف… بسبب إعادة إنتاج أو نشر [الرسوم التي اعتبرت مسيئة إلى الإسلام] لكن أولئك الذين لا يوافقون على نشر الرسوم… لهم الحق أيضا في التعبير عن مخاوفهم"https://t.co/yppuYb2YaU pic.twitter.com/UchquTsoDy
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) December 8, 2020
العنف ضد شريحة معينة
وانتقدت تانيا لاتوش، المواطنة الفرنسية من أصل أفريقي، محاولات إدارة ماكرون فرض مشروع القانون على المجتمع، معتبرة أن تبني مثل هذا المشروع سيزيد من عنف الشرطة.
وقالت لاتوش، للأناضول، أن المشاركة في الاحتجاجات تزداد صعوبة، والمشكلة الرئيسية ليست الشرطة، بل فقدان المجتمع حقه في حرية التعبير وفقا للأنظمة الديمقراطية.
وأوضحت أن الحكومة التزمت الصمت حيال تعرض الموسيقار الفرنسي من أصول أفريقية، ميشال زكلر، للضرب على أيدي الشرطة عند مدخل الاستوديو الخاص به لمدة 20 دقيقة.
وأكدت أن “الشرطة الفرنسية تستخدم العنف ضد شريحة معينة” في إشارة للمواطنين من أصول أفريقية، مؤكدة أن مشروع القانون أعطى صلاحيات واسعة لقوات الأمن.
وتابعت” أعتقد أنه من الخطأ منح الشرطة صلاحيات مطلقة وفي المقابل نحرم الصحفيين وغيرهم من الأشخاص العاديين من ممارسة حق التقاط الصور”.
وفي الفترة الماضية، انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، مقطع مصور لعناصر من الشرطة الفرنسية وهي تعتدي بالضرب المبرح على المنتج الموسيقي زكلر، في الاستوديو الخاص به بالعاصمة باريس.
يثير قلق المجتمع الفرنسي
أما فيليب ألبينت، فاعتبر أن الحكومة تحاول حظر مشاركة صور قوات الأمن بحجة حماية الشرطة والدرك، وقال، إن طرح مثل هذا المشروع بالتزامن مع احتجاجات السترات الصفراء كان خطأً كبيرا.
وأوضح أن المجتمع ليس مستعدا بأي حال من الأحوال لقبول أدنى خطر على حرية الصحافة، كما أن فرنسا شهدت في الآونة الأخيرة توترات شديدة لدرجة أن هذا القانون أثار قلقًا عامًا داخل المجتمع.
وحركة “السترات الصفراء” انطلقت في فرنسا عام 2018 للتنديد بارتفاع أسعار الوقود وتكاليف المعيشة، ثم امتدت مطالِبها لتشملَ إسقاط الإصلاحات الضريبية، إلى أن تطوّرت الأمور فيما بعد لتصل إلى المطالبة باستقالة ماكرون.
وذكر أن فرنسا شهدت أيضا في الفترة الماضية تزايد حالات عنف الشرطة، وقال” ما كنا لنصدق ميشال زكلر لولا نشر الصور التي أظهرت تعرضه للعنف، لولا نشر تلك الصور لتمت تبرئة الشرطة”.
واستطرد “حتى لو حدث الشيء نفسه لشباب الضواحي، فلن نصدقهم أيضا الجميع وقتها سيطالبهم بصور، لكن المادة 24 من مشروع القانون تحظر نشر الصور”.
وأكد أن إدارة ماكرون تسعى إلى “إخفاء الحقيقة وتنتهج الكذب” في العديد من القضايا، ما تسبب في هز الثقة بين الدولة والمجتمع.
إن الحل المقترح لحل التجمع ضد الإسلاموفوبيا في #فرنسا يشكل خطوة صادمة من جانب الحكومة الفرنسية. فقد يكون لهذه الخطوة تأثير مروع على جميع الأشخاص والمنظمات المشاركة في مكافحة العنصرية والتمييز المجحف في فرنسا.https://t.co/E8O7Gc1NRZ
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 23, 2020
تجريم الصحفيين
ويجرم مشروع القانون نشر أي شخص ـ صحفيين ومدنيين على حد سواء ـ صور عناصر الشرطة بوجوه واضحة المعالم.
وتنص المادة 24 من مشروع القانون، على عقوبة السجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو، في حال بث صور لعناصر من الشرطة والدرك.
ورغم اعتماد مشروع قانون الأمن الشامل من قبل البرلمان الفرنسي، إلا أن الحكومة قررت إعادة صياغة المادة 24 الأكثر إثارة للجدل.
وشهدت فرنسا خلال السنوات الماضية فتح آلاف الدعاوى القضائية ضد الشرطة بعد ثبوت ارتكابهم للعنف ضد المتظاهرين ومشاركة صور تظهر ذلك العنف على وسائل التواصل الاجتماعي خلال مظاهرات السترات الصفراء والاحتجاجات على إصلاح نظام التقاعد.
ومن المقرر أن يتم التصويت على مشروع القانون، الذي سيتم تقديمه إلى مجلس الشيوخ للموافقة عليه في يناير/ كانون الثاني 2021، في البرلمان مرة أخرى.
وتقدمت بمشروع القانون المذكور كتلة حزب “الجمهورية إلى الأمام” (الحزب الحاكم) ويركز على توسيع صلاحيات الشرطة المحلية وتنظيم الأمن الخاص، ولكن المادة 24 منه تتعرض لانتقادات من المدافعين عن الحريات.