مارادونا.. الأعلى موهبة وأكثر لاعبي كرة القدم وقوعا في الأزمات

مارادونا يحمل علم فلسطين (تويتر)

من الصعب القول إن فريقا فاز بلقب كأس العالم بفضل لاعب واحد، ولكن الحقيقة أن هذا ربما ينطبق على المنتخب الأرجنتيني في بطولة كأس العالم 1986 بالمكسيك بقيادة النجم الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا.

ورغم فوز المنتخب الأرجنتيني بلقب كأس العالم 1978 على أرضه، لم يكن الفريق من المنتخبات العملاقة في تاريخ اللعبة على المستوى العالمي قبل هذا التاريخ. إذ كان أفضل إنجاز سابق له في البطولة العالمية هو بلوغ دور الثمانية في مونديال 1966 بإنجلترا.

ولكن العروض التي قدمها المنتخب الأرجنتيني (راقصو التانجو) في كأس العالم 1986 بالمكسيك، والتي كان مارادونا هو البطل الأبرز فيها ولعب الدور الأكبر في تتويج الفريق باللقب، وضعت الفريق بالفعل بين عمالقة الساحرة المستديرة ليصبح منذ ذلك الوقت ضمن المرشحين دائما للمنافسة على اللقب العالمي.

كذلك جعل مارادونا من نابولي الإيطالي صاحب التاريخ المتواضع بطلا للدوري الإيطالي مرتين في عامي 1987 و1990.

ومن خلال مسيرته مع نابولي والمنتخب الأرجنتيني، سطر مارادونا اسمه بين عظماء اللعبة وأساطير الساحرة المستديرة.

ولكن مشاكل وأزمات اللاعب ظلت ظاهرة أيضا على مدار حياته خارج المستطيل الأخضر بسبب إدمان المخدرات وزيادة الوزن، بل وأثرت سلبيا على السنوات الأخيرة من مسيرته داخل الملعب.

ويرى كثيرون من عشاق اللعبة أن مارادونا هو اللاعب الأبرز في تاريخ كرة القدم ما يعني أن عالم كرة القدم بأكمله سيحزن على مارادونا وينعيه بعدما فارق الحياة عن عمر 60 عاما.

وولد مارادونا في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 1960 في لانوس بضواحي العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. وكان مارادونا هو الخامس في ثمانية أشقاء.

وبدأ مارادونا مشاركاته مع الفريق الأول بنادي “أرخنتينوس جونيورز” قبل عشرة أيام فقط على احتفاله بعيد ميلاده السادس عشر.

وأصبح مارادونا أصغر لاعب سنا يشارك مع المنتخب الأرجنتيني في مباراة دولية وذلك عندما خاض مع الفريق المباراة أمام المنتخب المجري في 27 فبراير/ شباط 1977 وهو لا يزال في السادسة عشرة من عمره.

ورغم هذا، لم يخض مارادونا فعاليات كأس العالم 1978 مع الفريق. وفي العام التالي، قاد المنتخب الأرجنتيني للفوز بلقب كأس العالم للشباب (تحت 20 عاما) باليابان.

وقاد مارادونا منتخب بلاده للفوز بلقب كأس العالم 1986 حيث سجل في هذه البطولة خمسة أهداف مؤثرة من بين 34 هدفا أحرزها في 91 مباراة دولية خاضها مع الفريق على مدار مسيرته الكروية.

وكان من بين هذه الأهداف الخمسة الهدف التاريخي الذي سجله بيده في مرمى المنتخب الإنجليزي خلال مباراة الفريقين في دور الثمانية للبطولة حيث أطلق عليه لقب “يد الرب”.

وفي نفس المباراة، سجل مارادونا هدفا ثانيا يصنفه العديد من المشجعين بأنه الأفضل في تاريخ اللعبة حيث انطلق بالكرة من منتصف الملعب وتلاعب بمعظم لاعبي المنتخب الإنجليزي قبل أن يسدد الكرة في المرمى.

وفي نهائي البطولة، تغلب المنتخب الأرجنتيني على منتخب ألمانيا الغربية 3-2.

وعلى مستوى الأندية، فاز مارادونا بلقب الدوري الأرجنتيني مع بوكا جونيورز في 1981 قبل الانتقال لبرشلونة في 1982.

وبعد موسمين عانى فيهما كثيرا من الإصابات خلال مسيرته مع برشلونة الذي فاز معه بلقب كأس ملك إسبانيا في 1983، انتقل النجم الأرجنتيني الراحل إلى نابولي الإيطالي في 1984 في صفقة بلغت قيمتها نحو 12 مليون دولار.

وقاد مارادونا الفريق للفوز بأول ألقابه في الدوري الإطلاق وذلك في 1987.

كما قاد الفريق بعدها بعامين للفوز بلقب كأس الاتحاد الأوربي في موسم 1988- 1989 وذلك بالفوز 2- 1 على شتوتغارت الألماني في النهائي ليكون اللقب الأوربي الوحيد لنابولي حتى الآن.

وفي 1990، قاد مارادونا الفريق مجددا للفوز بلقب الدوري الإيطالي ليظل اللقبان (في 1987 و1990) هما كل رصيد نابولي من الألقاب في البطولة المحلية على مدار تاريخ النادي حتى الآن.

وسقط مارادونا عام 1991 في اختبار المنشطات حيث تبين تعاطيه مادة الكوكايين المخدرة وتلقى عقوبة الإيقاف لمدة 15 شهرا.

وبعدها بفترة قصيرة، ألقي القبض عليه في الأرجنتين بسبب تعاطي الكوكايين أيضا، وأصدر القاضي حكمه على اللاعب بالخضوع للعلاج والرعاية الطبية للتخلص من الإدمان.

وبعد انتهاء فترة إيقافه في 1992، رفض مارادونا العودة لنابولي واختار اللعب لأشبيلية الإسباني ولكنه استبعد من صفوف الفريق في 1993 وعاد إلى الأرجنتين حيث لعب لفريق “نيويلز أولد بويز”.

ومع استدعائه لصفوف المنتخب الأرجنتيني في بطولة كاس العالم 1994 بالولايات المتحدة، خاض مارادونا مباراتين فقط مع الفريق في البطولة قبل أن يتعرض للإيقاف والاستبعاد من البطولة لثبوت تعاطيه مادة منشطة.

وبعد تجربتين فاشلتين في التدريب مع فريقي “ديبورتيفو مانديو” و”ريسينغ كلوب” الأرجنتينيين، عاد مارادونا للعب في 1995 من خلال “بوكا جونيورز”، ولعب للفريق على فترات متقطعة حتى أنهى مسيرته الكروية مع الفريق في 1997.

وبين عامي 1995 و1997، خضع مارادونا لفترة علاج بمصحة سويسرية للتخلص من الإدمان.

وبعد مشاكل صحية تعرض لها في أوروغواي عام 2000، توجه مارادونا إلى كوبا وظل بها حتى مارس/ آذار 2004 ثم عاد إلى الأرجنتين.

وأصبح مارادونا صديقا للزعيم الكوبي فيدل كاسترو والرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، ووضع وشما للزعيم السابق تشي جيفارا.

وفي عام 2018، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع مارادونا في روسيا على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم.

وتعانق الرئيس الفلسطيني مع مارادونا وبادره قائلا “أنت الأفضل”، ليرد الأخير مشيرا إلى قلبه قائلا “قلبي فلسطيني”.

ونشر مارادونا في حسابه على إنستغرام صورة مع الرئيس عباس قائلا “هذا الرجل يريد السلام في فلسطين، لدى الرئيس عباس دولة وحق”.

وتولى مارادونا تدريب المنتخب الأرجنتيني في 2008 وقاده إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا ولكنه سقط أمام المنتخب الألماني صفر- 4 في دور الثمانية. ولكن الفريق لعب وقتها بنفس المهارة التي اتسم بها مارادونا كلاعب.

وترك مارادونا الفريق بعدها بفترة قصيرة ثم تولى بعدها عدة أندية بأماكن متفرقة من العالم مثل الوصل والفجيرة الإماراتيين ودورادوس دي سينالوا المكسيكي وخيمناسيا دي لا بلاتا الأرجنتيني.

ورغم هذا، ستظل الشهرة الأكبر للراحل مارادونا من خلال الفترة التي لعب فيها وإنجازاته لاعبا.

واختار الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) مارادونا والأسطورة البرازيلي بيليه في عام 2000 للقب لاعب القرن العشرين مناصفة بينهما.

المصدر : الألمانية + رويترز