مصر: عصام العريان.. عاش إصلاحيا ومات سجينا (بروفايل)

القيادي الإخواني عصام العريان في إحدى جلسات محاكمته

بوفاته داخل محبسه، ختم عصام العريان (66 عامًا)، نائب رئيس حزب “الحرية والعدالة”، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، حياةً حافلة بنعوت إصلاحية واتهامات متكررة.

وقالت وسائل إعلام محلية في مصر، بينها صحيفة “المصري اليوم” (خاصة)، إن الوفاة “طبيعية إثر أزمة قلبية مفاجئة”.

ولم تُصدر وزارة الداخلية المصرية على الفور بيانًا بشأن وفاة العريان وملابساتها.

وعلى مدار عقود، عُرف عن العريان تحركه كإصلاحي داخل الجماعة، ونُعت بهذه الصفة أكثر من مرة في وسائل إعلام غربية.

وصعد العريان أكبر درجات السلم الطلابي والنقابي فضلًا عن الحزبي والبرلماني في مصر.

كان رئيسًا للاتحاد العام لطلاب الجامعات المصرية، ثم أصبح أحد أبرز القيادات النقابية، ورئيس لجنة الشؤون العربية في برلمان 2012، قبل توقيفه في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، وهو نائب لرئيس حزب الحرية والعدالة.

الميلاد والدراسة

ولد العريان في 28 أبريل/ نيسان 1954 بقرية ناهيا في مركز إمبابة (تتبع مركز كرداسة حاليًا) بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وتخرج في كلية الطب عام 1977.

ولم يكتفِ بدراسة الطب، فحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة بتقدير جيد جدًا، وليسانس الآداب قسم التاريخ من الجامعة نفسها عام 2000، وبالتقدير ذاته أيضًا.

كما درس في جامعة الأزهر، ونال الإجازة العالية في الشريعة الإسلامية، وهو مسجل لنيل درجة الدبلوم في القانون العام بجامعة القاهرة.

ووصفت الجماعة العريان بأنه “عُرف بمنهجه الوسطي وبمبادراته السياسية الجريئة، وهو خطيب مفوّه وطالب علم نَهِم، ومناضل تعرفه ساحات النضال وسجون الاستبداد”.

مهام ومسؤوليات

كان للعريان نشاط لافت خلال دراسته في كلية الطب، ما أهّله ليكون مسؤولًا للجماعة الإسلامية في جامعة القاهرة، ثم منسِقًا لـ”مجلس شورى الجامعات بالاتحاد العام للجمعيات والجماعات الإسلامية”، نهاية سبعينيات القرن الماضي.

وأصبح مسؤولًا عن اتحاد طلاب جامعة القاهرة، وانتُخب رئيسًا للاتحاد العام لطلاب الجامعات المصرية، وتولى أمانة اللجنة الثقافية باتحاد طلاب طب القاهرة بين 1972 و1977.

انتُخب عضوًا بمجلس إدارة نقابة أطباء مصر عام 1986، وشغل منصب الأمين العام المساعد، وأسس مؤسسة شعبية بهدف الوقوف إلى جانب شعب فلسطين، باسم “ملتقى التجمعات المهنية لمناصرة القضية الفلسطينية”.

برلمانيًّا، انتُخب عضوا بمجلس الشعب (البرلمان) في الفصل التشريعي 1987 – 1990 عن دائرة إمبابة، وكان أصغر نائب في تلك الدورة.

وهو أيضًا عضو مؤسس في كل من المؤتمر الإسلامي القومي العربي، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وعضو مشارك في المنظمة العربية لحقوق الإنسان.

شارك في ندوات عدة ومؤتمرات ثقافية وسياسية في أوربا والولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي.

وفي حزب “الحرية والعدالة”، تولى العريان منصب نائب الرئيس، وكان عضوا بمكتب الإرشاد للجماعة ومسؤول المكتب السياسي.

توقيفات وأحكام

بسبب نشاطه السياسي والنقابي، جرى توقيف العريان أكثر من مرة، ولمدد بلغت في مجموعها سبع سنوات.

في المرة الأولى، اعتُقل عامًا واحدًا قبيل اغتيال الرئيس محمد أنور السادات (1970 ـ 1981)، من بداية سبتمبر/ أيلول 1981 حتى نهاية أغسطس/ آب 1982.

وبعد مرور 13 سنة على تلك التجربة، أفضت محاكمة عسكرية استثنائية إلى سجنه خمس سنوات بين يناير/ كانون الثاني 1995، والشهر نفسه من 2000.

واعتقل مجددًا في 18 مايو/ أيار 2006، ضمن تظاهرات في القاهرة مناصرة للقضاة، وتجدّد حبسه لفترات متعددة حتى الإفراج عنه في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2006، لكنه اعتقل في يوليو/ تموز 2007، وأُفرج عنه في أكتوبر من العام نفسه.

اعتُقل من دون اتهام قبيل “جمعة الغضب”، يوم 28 يناير 2011، ضمن ثورة شعبية أطاحت بنظام الرئيس آنذاك (المخلوع) محمد حسني مبارك (1981 ـ 2011).

وخرج العريان من سجن “وادي النطرون” شمالي مصر، برفقة مجموعة من قيادات الجماعة، بينهم الرئيس الراحل محمد مرسي (أول رئيس مصري منتخب).

أُوقِف العريان، في 30 أكتوبر 2013، عقب أشهر من الإطاحة بمرسي من رئاسة مصر في انقلاب عسكري بعد عام واحد في الحكم.

ومنذ توقيفه وحبسه في أحد سجون القاهرة، خضع العريان لمحاكمات، وصدرت بحقه أحكام غير نهائية بالإعدام والمؤبد (25 عامًا) في عدد من القضايا، نفى صحة الاتهامات الموجهة إليه فيها.

وأعلنت مصادر في الجماعة ووسائل إعلام محلية، اليوم الخميس، وفاة العريان داخل محبسه، في تكرار لنهاية عدد من قيادات “الإخوان” ورموزها، مثل مرسي ومحمد مهدي عاكف، في أكبر محنة تواجهها الجماعة منذ تأسيسها عام 1928.

نعي واسع

ونعى عدد من الساسة والإعلاميين والنشطاء -بينهم معارضون للإخوان- العريان، ونعتوه بالرجل الإصلاحي البارز في الجماعة، وأنه حمل قدرًا من التفاهمات؛ بدأ حياته طالبًا ثائرًا وختمها مسجونًا.0

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر + مواقع التواصل الاجتماعي