ليبيا.. تهديد بكارثة تفوق 9 مرات انفجار بيروت (فيديو)

نفط ليبيا
مؤسسة النفط الليبية تحذر من وقوع كارثة حال استمرار التوتر العسكري بمنطقة الهلال النفطي

“من الوارد جدا أن يتكرر انفجار بيروت في البريقة وراس لانوف والسدرة”.. بهذه الكلمات دق رئيس المؤسسة الليبية للنفط مصطفى صنع الله، ناقوس الخطر الذي يهدد الموانئ النفطية في بلاده.

وأشار إلى تكدس كميات كبيرة من المنتجات السريعة الانفجار بشكل غير مسبوق، نظرا إلى إغلاق قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر لموانئ النفط منذ 17 يناير/كانون الثاني الماضي.

وتحدث صنع الله، في فيديو نشر على موقع مؤسسة النفط، الجمعة، عن تخزين 25 ألف طن من غاز الأمونيا (الأمونياك) بمرسى البريقة )750 كلم شرق طرابلس)، وأن هذه الكميات إذا تعرضت لإطلاق نار أو إلى حرارة شديدة فإنها ستسبب انفجارا شديدا وسحابة كبيرة ومقتل من يستنشق غبارها السام.

واستدل صنع الله، بحادث تسرب سابق لأجزاء من المليون من غاز الأمونيا )أحد مُركبَات نترات الأمونيوم(، أدى إلى مقتل عدد من العاملين (دون ذكر مزيد من التفاصيل)، محذرا من أن انفجار هذه الكميات الكبيرة سيتسبب في مقتل سكان محليين وعمال أغلبهم ليبيون، إذا لم يتم السماح بتصدير هذه الشحنات واستمر إغلاق الموانئ النفطية.

وكان قد أدى اشتعال 2750 طن من نترات الأمونيوم في مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت إلى مقتل أكثر من 170 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين فضلا عن خسائر بالمليارات.

الأمونيا تقتل مثل نترات الأمونيوم

يشار إلى أن إنتاج نترات الأمونيوم صناعيا يتم عبر تفاعل غاز الأمونيا مع حمض الآزوت المركز.

ونظرا لأن غاز الأمونيا أو نترات الأمونيوم يتأثران بسرعة بالحرارة وقد يؤدي ذلك إلى انفجارات قوية، ينتج عنها سحب سامة، فإن هذه المادة تحتاج أن تحفظ ضمن شروط صارمة.

ففي أغسطس/آب 2013، تسبب تسرب غاز الأمونيا السائل من مخزن مبرد في مدينة شنغهاي الصينية، في مقتل 15 شخصا وإصابة 26.

وفي الهند، قُتل 6 أشخاص على الأقل، وأصيب أكثر من 150 آخرين بعد تسرب غاز الأمونيا من ناقلة شمال الهند، في يونيو/حزيران 2015.

أما في روسيا، فأدى انفجار في مصنع أورالخيم الكيميائي لتصنيع غاز الأمونيا بمدينة بيريزنيكي، إلى مقتل 3 أشخاص، في مايو/أيار 2019.
وينتج العالم نحو 20 مليون طن سنويًا من نترات الأمونيوم، ثلاثة أرباعها تستخدم سمادا زراعيا، بينما يستخدم الربع الباقي كمادة تفجير في المناجم.

لكن بعض الجماعات المسلحة تستخدم نترات الأمونيوم في صناعة قنابل تقليدية نظرا لأنها سريعة الانفجار، وأقوى من البارود بأربعة أضعاف، واستخدمت سابقا في تفجيرات بإيرلاندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية والعراق والجزائر، ولذلك منعت بعض الدول إنتاجها أو تسويقها إلا تحت شروط معينة. 

ليبيا – حقل الشرارة النفطي (رويترز)
ليبيا أفلتت من كارثة قبل 20 يوما من انفجار بيروت 

وكادت ليبيا أن تشهد كارثة مأساوية، قبل 20 يوما من انفجار بيروت الذي أوقع عشرات القتلى وآلاف الجرحى، لكنها نجت بأعجوبة.

فبحسب بيان لمؤسسة النفط الليبية، وقعت اشتباكات (في 16 يوليو/تموز الماضي) بالقرب من ميناء البريقة النفطي بين قوات الصاعقة وحرس المنشآت النفطية، التابعين لقوات حفتر، بأسلحة متوسطة؛ ورشاشات مضادة للطيران عيار 23، وقذائف صاروخية “;آر بي جي”، على بعد مئات الأمتار من خزانات النفط.

وأمام هذا الوضع الخطير، اتهمت مؤسسة النفط قوات حفتر بـ”انعدام المسؤولية، وعدم وجود أي انضباط عسكري من أي نوع.. وخطورة أفعالهم هذه على سلامة المنشآت النفطية والعاملين المتواجدين بها والسكان في المناطق المحيطة بها”.

ويوجد في البريقة خزانان لغاز الأمونيا، بحسب صنع الله، يحتويان على 25 ألف طن، أي أكثر من 9 أضعاف كمية نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار، مما يجعل ليبيا أمام تهديد أكبر.

7 خزانات نفط انفجرت بسبب الاشتباكات

في نهاية 2014، بدأت حكومة الإنقاذ السابقة في طرابلس عملية الشروق العسكرية لتحرير الموانئ النفطية من سيطرة حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم جضران، المدعوم حينها من قوات حفتر.

وتسببت المعارك بميناء السدرة، أكبر ميناء نفطي في البلاد (600 كلم شرق طرابلس) بإصابة خزان نفطي بقذيفة آر بي جي، مما أدى إلى انفجاره واشتعال نيران سوداء به ثم انصهار هيكل الخزان.

وامتد الحريق إلى خزانات أخرى، وخلال أيام التهمت النيران 7 خزانات مليئة بالنفط من إجمالي 19 خزانا.

ولم يتم تسجيل خسائر بشرية، لكن الخسائر المادية كانت كبيرة، وقدرت حينها بمئات الملايين من الدولارات.

وتبادل الطرفان مسؤولية إصابة خزانات النفط، لكن هذه الحادثة كشفت خطورة المواجهة المسلحة وسط خزانات النفط، غير أن انفجار مرفأ بيروت كشف أن نترات الأمونيوم أخطر بكثير من انفجارات خزانات النفط. 

المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (مواقع التواصل)
على صفيح ساخن

الهلال النفطي، الذي يقع على خليج سرت، وسط الساحل الليبي، يوجد حاليا تحت صفيح ساخن، حيث تصر قوات حفتر على منع تصدير النفط منه، وتقوم بحشد مرتزقة فاغنر والجنجويد بموانئه وحقوله النفطية، وتزويده بترسانة من الأسلحة منها ما يعتقد أنها منظومة صواريخ آس 300 المضادة للطائرات، ومحاولة تأهيل مطار راس لانوف لأغراض عسكرية.

وعسكرة قطاع النفط يمهد لجعل منطقة الهلال النفطي ساحة معركة وشيكة بالنظر إلى أهميتها الاستراتيجية، إذا لم يتم تحييدها، وإخراجها من حلبة الصراع، خاصة وأن المحروقات تمثل المصدر شبه الوحيد للعملة الصعبة في ليبيا.

وأي معركة في المنطقة قد تؤدي إلى مآسٍ إنسانية واقتصادية قد تمتد لفترات طويلة، وستؤثر على مستقبل تصدير النفط الليبي للخارج، إذ لم يتم أخذ هذه المخاطر بجدية وتجنب سيناريو انفجار مرفأ بيروت.

وتجري مفاوضات دولية تقودها كل من الولايات المتحدة وتركيا وروسيا لجعل المنطقة الممتدة من مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) إلى مدينة أجدابيا (850 كلم شرق طرابلس) منزوعة السلاح، بشكل يخرج الهلال النفطي من معادلة الصراع، ويفتح فرص الحوار لإيجاد حل سياسي للأزمة قد يجنب ليبيا ما هو أسوأ من مأساة بيروت.

وتأمين الهلال النفطي من كارثة “هيروشيما بيروت”، لا يمكن أن يتم إلا بضغط دولي صارم على قوات حفتر، لدفعها للانسحاب من المنطقة دون قتال، حيث أثبتت هذه القوات أنها تفتقد للوعي الكافي بخطورة الوضع، وإلا لما تبادلت إطلاق القذائف الصاروخية فيما بينها قرب خزانات النفط. 

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر