إثيوبيا.. من سلام تاريخي إلى حافة الحرب

رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يواجه مشكلة داخلية جديدة
رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يواجه مشكلة داخلية جديدة

قالت مصادر دبلوماسية إن قتالا عنيفًا اندلع في إقليم تيغراي، الأربعاء، بعد أن أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عمليات عسكرية، ردًا على ما قال إنه هجوم على قوات الحكومة الاتحادية.

ومع إعلان إثيوبيا حالة الطوارئ في إقليم تيغراي الشمالي بعد “هجومٍ” دامٍ استهدف معسكرًا للجيش، نتتبع فيما يلي أهم التطورات الرئيسية منذ وصول رئيس الوزراء أبيي أحمد إلى السلطة عام 2018.

في فبراير/شباط 2018، استقال رئيس الوزراء هايلي مريام ديسالين عقب احتجاجات مناهضة للحكومة استمرت سنوات عدة.

وفي أبريل/نيسان 2018، أدى أبي اليمين الدستورية ليصبح رئيسًا للوزراء وأول زعيم لإثيوبيا من جماعة أورومو العرقية الأكبر في البلاد.

ويتصاعد التوتر، منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما أجرى الإقليم انتخابات في تحد للحكومة الاتحادية، التي وصفت التصويت بأنه “غير قانوني”. 

وتبادل الجانبان، في الأيام القليلة الماضية، الاتهامات بالتخطيط لإشعال صراع عسكري.

وقال مكتب رئيس الوزراء، عبر بيان في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، إن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حاولت سرقة قطع مدفعية وغيرها من العتاد من القوات الاتحادية المتمركزة هناك.

وأضاف البيان “لقد تجاوزوا الخط الأحمر الأخير بهجمات هذا الصباح، ما اضطر الحكومة الاتحادية إلى الدخول في مواجهة عسكرية”، وتابع “إن الهدف هو الحيلولة دون زعزعة استقرار البلاد والإقليم”.

وقالت بيلين سيوم -المتحدثة باسم أبي لرويترز- في وقت لاحق “إن عمليات عسكرية بدأت في الإقليم دون الخوض في التفاصيل”. 

وذكر مصدران دبلوماسيان في أديس أبابا أن قتالًا عنيفًا، شمل قصفًا مدفعيًا، اندلع في الإقليم الشمالي الواقع على الحدود مع إريتريا.

وقال مكتب رئيس الوزراء إن الحكومة الاتحادية أعلنت حالة الطوارئ في الإقليم لمدة ستة أشهر على أن تخضع لإشراف رئيس أركان القوات المسلحة.

نفي تقارير عن انشقاق

وقالت الحكومة المحلية في تيغراي إن القيادة الشمالية للجيش الاتحادي المتمركزة في المنطقة انشقت وانضمت إليها، في بيان وصفته بيلين بأنه “معلومات كاذبة”.

وقالت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، خلال بيان صدر في وقت لاحق اليوم: “ننتصر دائمًا لأن الغرور والتعدي وأفعال الخيانة في بلادنا ليست من خصالنا. نحن نعرف الحرب في ميادين القتال؛ تزهق الأرواح وتدمر الممتلكات”.

وقال رضوان حسين المتحدث باسم مهمة عمل حالة الطوارئ المشكَّلة حديثًا إن الحكومة تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي العدو الحقيقي وليس إقليم تيغراي.

وأضاف في إفادة صحفية: “هذا الصراع مع جماعة صغيرة للغاية لها مصالح شخصية محدودة تهدف إلى زعزعة استقرار النظام في البلاد”.

وقال لرويترز إن هجوم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وقع عند قاعدة للقيادة الشمالية للجيش الاتحادي قرب ميكيلي وفي دانشا. 

وردًا على سؤال عما إذا كانت المفاوضات مطروحة، قال “ليس بعد”، ولم يرِد بعد تعليق من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

في حين، حثت السفارة الأمريكية في إثيوبيا الجانبين على خفض التصعيد، وقالت في بيان “نحث بشدة جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لسلامة المدنيين وأمنهم”.

وقالت منظمة (نت بلوكس) التي تتابع شبكة الإنترنت إن الاتصال بالشبكة انقطع في الإقليم، مؤكدة تقارير عن وقف السلطات لخدمات الهاتف والإنترنت.

وكان سكان تيغراي قد هيمنوا على السياسة الإثيوبية، منذ أن أطاح مقاتلون بديكتاتور ماركسي عام 1991، لكن نفوذهم تضاءل في عهد أبي. 

وفي العام الماضي، انسحبت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي من ائتلافه الحاكم.

ومنذ أن تولى أبي السلطة في 2018، اعتُقل الكثير من كبار المسؤولين المنحدرين من تيغراي أو أُقيلوا أو هُمِّشوا، فيما تصفه الحكومة الاتحادية بأنه حملة على الفساد، لكن سكان الإقليم يرونه وسيلة لقمع المعارضة.

ولا يشكل سكان تيغراي سوى خمسة بالمئة من عدد سكان إثيوبيا البالغ 109 ملايين نسمة، لكن الإقليم أشد ثراءً وتأثيرًا من أقاليم أخرى كثيرة أكبر في البلاد.

وتفجّر العنف مرات عدة منذ تولي أبي السلطة، وفي مطلع الأسبوع قتل مسلحون 32 شخصًا وأضرموا النار في أكثر من 20 منزلًا، غربي إثيوبيا.

انقسامات عرقية 

وأشعل الأورومو مع الأمهرا (ثاني أكبر مجموعة عرقية في البلاد) الحركة الاحتجاجية اعتراضًا على التهميش الاقتصادي والسياسي على يد الائتلاف الحاكم، الذي تهيمن عليه جماعة تيغراي.    

ولكن على الرغم من حل التحالف الاستبدادي، عاد العنف العرقي ليظهر مشكِّلا أزمة مستمرة في عهد أبي أدت غالبًا إلى إراقة الدماء وعمليات نزوح جماعي.       

اتفاق سلام   

في يوليو/تموز 2018، وقّعت إثيوبيا وإريتريا المجاورة اتفاق سلام تاريخي، أنهى عقودًا من أزمة مريرة تعود جذورها إلى حرب الحدود التي خاضها البلدان بين عامي 1998 و2000. 

ونال أبي إشادة بسبب إصلاحات سياسية محلية نفذها في البلاد، مثل رفع الحظر عن أحزاب المعارضة. 

وتعهد أبي بإجراء انتخابات حرة ونزيهة عام 2020، وفي أكتوبر/تشرين أول 2019 مُنح جائزة نوبل للسلام.         

إرجاء الانتخابات 

أعلنت اللجنة الانتخابية، في آذار/مارس 2020، إرجاء انتخابات كانت مقررة، في أغسطس/آب، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد (المسبِّب لمرض كوفيد-19).     

ووافق البرلمان الإثيوبي، في يونيو/حزيران الماضي، على تمديد بقاء أبي في منصبه لعامٍ إضافي بعد انتهاء ولايته، واتهمته المعارضة باستغلال الأزمة الصحية للتشبث بالسلطة.     

العنف العرقي

وبعد مقتل مطرب شهير من قومية الأورومو بالرصاص في يونيو الماضي، لقي أكثر من 160 شخصًا حتفهم في أعمال عنف عرقية ومواجهات مع قوات الأمن.    

وفي أحدث هجوم من سلسلة هجمات استهدف الأمهرا، الأحد، قتلت جماعة مسلحة 34 مدنيًّا على الأقل، في حين قدرت منظمة العفو الدولية عدد الضحايا بـ54 ضحية.      

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات