أنييس كالامار: العفو عن قتلة خاشقجي صادم واستخفاف بالعدالة (فيديو)

جمال خاشقجي (يمين)، والمقررة الأممية أنييس كالامار (يسار)
جمال خاشقجي (يمين)، والمقررة الأممية أنييس كالامار (يسار)

أعلنت مقررة الأمم المتحدة المعنية بجرائم الإعدام خارج نطاق القانون، أنييس كالامار، أن عفو أبناء الصحفي السعودي جمال خاشقجي عن قتلة أبيهم المشتبه بهم “صادم”، مشبهة الأمر بـ”مهزلة”.

وكان صلاح خاشقجي، نجل جمال خاشقجي، قد نشر بيانا على حسابه على “تويتر”، فجر اليوم الجمعة، جاء فيه “نعلن نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي أننا عفونا عمن قتل والدنا”، وأضاف أن قرار العائلة يستند إلى آية قرآنية تشجع على العفو.

وأضافت كالامار، التي تحقق في الإعدامات التعسفية وحققت في قضية اغتيال خاشقجي على أيدي سعوديين في إسطنبول: “رغم أنه صادم، فإن الإعلان أن عائلة الصحفي السعودي جمال خاشقجي عفت عن القتلة، كان متوقعا”.

وقالت كالامار في حديث للجزيرة مباشر: “عفو أبناء خاشقجي عن القتلة ليس مفاجئا، وجزء من التضليل الذي تمارسه السعودية ضد المجتمع الدول”. 

المقررة الأممية أنييس كالامار في حديث للجزيرة مباشر وردها على عفو أبناء خاشقجي عن قاتل أبيهم

وأضافت كالامار: “كنا نتوقع أن تضغط السلطات السعودية على أسرة خاشقجي بحثًا عن مخرج للقتلة، وما حدث اليوم جزء من التضليل الذي تمارسه السلطات السعودية تجاه المجتمع الدولي”.

واستطردت المقررة الأممية: “يمكننا القول إن هناك مسؤولية لمحمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي. استنتاجي أن محمد بن سلمان متورط بصفة مباشرة في اغتيال خاشقجي ، وإن كان لا يمكنني التأكيد إن كان هو من أعطى الأمر مباشرة أم لا”.  

وقالت كالامار: “ليس لدي الأدلة الكافية التي تمتلكها السلطات الأمريكية بشأن قضية خاشقجي، والكونغرس الأمريكي لا يزال يضغط للإفراج عن هذه الأدلة”.

وعن قتل خاشقجي، قالت كالامار “إنها جريمة دولة خططت لها السعودية، ونفذها مسؤولون من أعلى المستويات في السلطة”.

واستأنفت كالامار حديثها للجزيرة مباشر: “لا يجب أن يكون منظورنا للعدالة في قضية خاشقجي رهينة للسلطات السعودية، ويجب عدم مكافأة السعودية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان، كما لا يمكن أن التعويل على السعودية في تحقيق العدالة في قضية خاشقجي”.

وقالت إن “السلطات السعودية تراهن على ما تأمل أن يكون الفصل الأخير في سياق مهزلتها القضائية أمام مجتمع دولي مستعد أكثر من اللازم لأن ينخدع”، معتبرة أن عفو أبناء خاشقجي “فصل” جديد في “المهزلة”.

ودعت كالامار -مجددًا- الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إلى “التحرك” وفتح “تحقيق استقصائي” يتمحور حول “التسلسل القيادي والمسؤوليات الفردية المتصلة، بما فيها أعلى مستويات الدولة”.   

وحسب محللين فإن “عفو” أبناء خاشقجي عن قتلة والدهم، يمثل خطوة من شأنها السماح للمتهمين بالإفلات من عقوبة الإعدام، ولم تعلق السلطات السعودية على إعلان صلاح خاشقجي الذي يعيش في السعودية.

وقتل خاشقجي، الذي كان مقربا من السلطات السعودية، قبل أن يتحول إلى معارض، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بعد وصوله إلى قنصلية بلاده في إسطنبول لإتمام معاملة.

وبعد محاكمة بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 2019، حكم على خمسة أشخاص بالإعدام، وبالسجن على ثلاثة آخرين، وشملت المحاكمة 11 شخصا بالمجمل، وقررت الإفراج عن نائب رئيس الاستخبارات السابق أحمد العسيري وعدم توجيه اتهام لسعود القحطاني، المستشار المقرب من ولي العهد.    

وفي نهاية يونيو/ حزيران 2019، أكدت الخبيرة الفرنسية أنّها جمعت ما يكفي من “الأدلة الموثوقة” التي تتيح فتح تحقيق دولي في قضية خاشقجي، وذلك بهدف تحديد مسؤوليات أرفع الشخصيات السعودية ضلوعًا في هذه الجريمة، بمن فيهم ولي العهد محمد بن سلمان، وطلبت إلى الأمين العام للأمم المتحدة إطلاق هذه المحاكمة. 

ورد المتحدث باسم غوتيريش بأن الأمين العام لا يملك صلاحية لذلك، ويتوجب أن تقدّم دولة عضو واحدة على الأقل طلبًا في هذا الشأن، وطلبت كالامار من محاكم في دول على غرار تركيا والولايات المتحدة (حيث كان خاشقجي يعمل ويقيم) النظر في القضية.

ردود الأفعال بعد إعلان أبناء خاشقجي العفو عن قاتل أبيهم

وبعد ساعات من الإعلان عن العفو، تباينت ردود الأفعال حول هذه الخطوة غير المتوقعة من كثيرين؛ فأصرت خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي التركية، على أن “أحدًا” لا يملك حق العفو عن قتلته.    

وقالت جنكيز على تويتر إن “جريمة قتله (خاشقجي) المشينة لن تسقط بالتقادم، وليس لأحد حق في العفو عن قتلته. وسأستمر أنا وكل من يطالب بالعدالة من أجل جمال، حتى نحقق مرادنا”.     

وأضافت “القتلة قدموا من السعودية بترتيب مسبق والقتل غيلة وليس لأحد حق العفو. لن نعفو لا عن القتلة ولا عمن أمر بقتله”.     

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في أبريل/ نيسان 2019 أن أبناء خاشقجي تسلموا منازل بملايين الدولارات كتعويضات عن قتل والدهم، وأنهم يتقاضون شهريًا آلاف الدولارات من السلطات السعوديّة. وأشارت إلى أن تلك المنازل تقع في جدة (غربي السعودية) في مجمع سكني واحد، وتبلغ قيمة كل منها أربعة ملايين دولار. ونفت العائلة في حينه وجود أي تسوية مالية مع السلطات.

ودافع صلاح خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي عن السلطات في المملكة في الذكرى السنوية الأولى لمقتل والده، رافضا محاولات “استغلال” القضية “للنيل” من السعودية.

وكتب على “تويتر”، “لدي مطلق الثقة في قضاء المملكة، في تحقيق العدالة كاملة بمرتكبي الجريمة النكراء”.          

وقالت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بسمة مومني: “من المحزن رؤية أبناء خاشقجي يتعرضون لإذلال جديد من جانب النظام السعودي عبر ما يسمى عفوا عن قتلة والدهم”.
     
وقالت الأستاذة في جامعة ووترلو الكندية: “الإيحاء بأن هذا العفو طوعي، هو تجاهل للضغط السياسي والاجتماعي الضخم على الأبناء على يد دائرة الحكم السياسي ذاته الذي يقف وراء قتل والدهم”.

وعلقت علياء الهذلول، شقيقة الناشطة السعودية المسجونة لجين الهذلول، على إعلان العفو، على حسابها على “تويتر” قائلة “العفو لا يعني تبرئة الجاني”.

وقال الكاتب والمحلل السعودي، علي الشهابي، في تغريدة على “تويتر”، “هذا يعني بشكل رئيسي أنه سيتم تجنيب القتلة عقوبة الإعدام، لأن هذا حق يعود للعائلة عبر العفو”.

وقال الباحث في شؤون الخليج نبيل نويرة على “تويتر”، “وفقا للشريعة في السعودية، لن يتم إعدام القتلة” بعد العفو عنهم.

وقال ولي العهد السعودي في تصريحات لشبكة تلفزيون أمريكية في ذكرى مقتل خاشقجي أن جريمة القتل وقعت خلال وجوده في سدة الحكم ما يضعه في موقع من يتحمّل المسؤولية، لكنه شدد على أنّها تمت من دون علمه.

اقرأ أيضًا:

أبناء خاشقجى يعلنون العفو عن قتلة والدهم.. وخطيبته تعلّق

“أنييس كالامار” صوت العدالة الدولية

خبيرة أممية: ولي العهد السعودي يراوغ للخلاص من مسؤولية قتل خاشقجي

كالامار: غوتيريش لم يكن شجاعا بقدر كاف في قضية خاشقجي

المصدر : الجزيرة مباشر + الفرنسية + مواقع التواصل الاجتماعي