دور البنوك الاستثمارية في تحريك عجلة الاقتصاد في الدول العربية

أوبرا من الشركات الصغيرة التي نجحت بسبب البنوك الاستثمارية

 

 

في عصر الثورة الصناعية الجديدة في مجال الذكاء الصناعي والتكنولوجيا، أدى نمو المشاريع الناشئة إلى إحداث تغيير كبير في الخطط التي تهدف إلى التطوير الاقتصادي وتعزيز رؤوس الأموال في الدول النامية والمتقدمة. وتلك المشاريع الناشئة مرتبطة ارتباطا وثيقا بريادة الأعمال والتي لها دورمهم في تطبيق النظريات والابتكارات العلمية إلى تطبيقات وأدوات حقيقة يستطيع الناس استخدامها على أرض الواقع. فعندما يبتكر رواد الأعمال طريقة مناسبة لتسخير الابتكارات والاختراعات العلمية إلى منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة، سوف تسنح لهم فرصة إنشاء الشركات والمصانع اللازمة لتقديم تلك الخدمات والمنتجات الحديثة، وسيؤدي ذلك إلى إحداث أثر اقتصادي كبير على الدول. فتكوين رؤوس الأموال والشركات الناشئة سيؤدي إلى إنشاء أسواق مستحدثة بمنتجات وخدمات وابتكارات تكنولوجية جديدة تجلب استثمارات للدولة من الخارج ما يؤدي إلى زيادة النمو في الدخل القومي الوطني.

ولكن السؤال الحقيقي المطروح اليوم هو كيف للدول أن تعزز من قدرتها على تحفيز نمو تلك الأسواق وكيف لها أن تحفز رواد الأعمال والمستثمرين على إنشاء شركات تقدم منتجات وخدمات للعالم الخارجي لتسهم في نمو العجلة الاقتصادية في الدولة؟ والجواب على ذلك السؤال يكمن في عدة أمور، من أهمها نشاط البنوك الاستثمارية والتي تعمل كحلقة وصل ما بين الرياديين والمستثمرين.

 

ما هي البنوك الاستثمارية؟

 

قبل أن أشرح دور البنوك الاستثمارية في تحفيز نمو الاسواق الحديثة والابتكارات الجديدة، أريد أن أعطي نبذة عن البنوك الاستثمارية من الأساس. تعد البنوك الاستثمارية مؤسسات مالية متخصصة في تقديم الاستشارات والخدمات المالية في أعمال الاندماج والاستحواذ للشركات، إصدار السندات، وتحويل الشركات الخاصة إلى عامة عن طريق إدارة الاكتتابات الأولية. فخلافًا للمصارف التجارية والاستهلاكية، لا تقبل المصارف الاستثمارية الودائع لأنها تتعامل مع شركات ومستثمرين.

ومن أهم الادوار التي تلعبها البنوك الاستثمارية في أنشطتها هي تحويل الشركات الريادية الصغيرة إلى شركات مساهمة كبيرة عن طريق طرحها في الاسواق المالية لتوفير فرصة للمستثمرين والأفراد للاستثمار في تلك الشركات. فبعبارة بسيطة، يمكننا القول بأن البنوك الاستثمارية تلعب كحلقة وصل ما بين المستثمرين والشركات الناشئة والكبيرة. ونظرًا للدور المحوري الذي يقدمه هذا النوع من البنوك، تحظى البنوك الاستثمارية بتقدير كبير في عالم الشركات الناشئة والريادية والتي تحتاج إلى تمويل، فبدون البنوك الاستثمارية سيكون من الصعب جدًا على تلك الشركات الحصول على الأموال التي تحتاجها لتطوير ابتكاراتها وخدماتها ومنتجاتها.

إن للبنوك الاستثمارية أثرا كبيرا على تحفيز الرياديين على إنشاء شركات تقدم خدمات وابتكارات ذات أثر ملموس على أرض الواقع. وذلك لأنه عندما ينشئ الرياديون شركات ناشئة قادرة على انتاج نماذج أولية من تلك الابتكارات والخدمات الفعالة، ستعمل البنوك الاستثمارية كوسيط ما بين تلك الشركات وما بين المستثمرين الذين سوف يمولون هذا النوع من الشركات الريادية كي تتسع وتزيد من إنتاجها وتنافسها في الاسواق المالية وإيراداتها النقدية. فوجود حلقة وصل ما بين أصحاب الشركات الناشئة والرياديين من ناحية، وأصحاب النقد والمستثمرين من ناحية أخرى، سيساهم في تحفيز رواد الأعمال والمستثمرين على إنشاء شركات تقدم منتجات وخدمات للعالم الخارجي لتسهم في نمو العجلة الاقتصادية في الدولة. وهذا أيضاً سيحفزالنمو في الاسواق المالية في الدولة، فعندما تتوسع الشركات الناشئة وتصبح متقدمة، ستستطيع أن تبيع منتجاتها وخدماتها لمختلف دول العالم وهذا سيستقطب الأموال الأجنبية والعملة الصعبة للدولة مؤدياً إلى تطوير نموها الاقتصادي.

 

قفزة شركات البرمجيات

 

إن معظم شركات البرمجيات الكبرى في عالم التكنولوجيا مثل Uber, Google, Microsoft, Oracle، كانت شركات ناشئة صغيرة، ومعظم هذه الشركات أيضاً تم إنشاؤها من قبل رياديين وطلاب جامعات. والسبب الأهم التي أدى تلك الشركات إلى النجاح وتحقيق إيرادات بمليارات الدولارات سنوياً هو وجود بنوك استثمارية في الدول التي أقاموا فيها وفرت لهم الفرصة للتوسع والتنافس عن طريق استقطاب وجلب مستثمرين كي يمولوا مشاريعهم وابتكاراتهم وخدماتهم.

تسهم الشركات الناشئة والريادية في الولايات المتحدة بأكثرمن 40% من إجمالي اقتصادها القومي، و60% في الصين، و70% في هونغ كونغ، وعلى ذلك فإن ريادة الأعمال، في الوقت الحالي، تعد رافدًا مهمًا لأي نظام اقتصادي؛ ويجب أن تكون جزءا مهما، إن لم يكن الأهم، في أي خطة اقتصادية تضعها الدول النامية كي تطور من تنافسيتها واسواقها المالية كي تتطور. ولأجل ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار أهمية البنوك الاستثمارية ودورها الفعال في تنمية الشركات الصغيرة وجعلها شركات رائدة ذات قيمة اقتصادية كبيرة تحفز من عجلة النمو الاقتصادي. إن وجود بنوك استثمارية قادرة على إنشاء حلقة وصل ما بين المستثمرين وأصحاب المشاريع الريادية الناشئة هو أمر أساسي لتطوير تلك الشركات وزيادة تنافسها مع العالم الخارجي. لذلك، على الدول النامية والعربية أن تحسن من قدرتها على إنشاء وجلب بنوك استثمارية من الخارج إلى أراضيها كي تستغل عصر الثورة الصناعية الجديدة في مجال الذكاء الصناعي والتكنولوجيا.