فيضان باكستان وغياب الحكومة!

في ظل غياب مهيب للنجدة الحكومية، تضرب شتى مناطق باكستان موجاتٌ عارمةٌ من الفيضانات والسيول الجارفة. الأمطار الموسمية التي بدأ هطولها منذ شهر يونيو/حزيران هذا العام بلغت حدًّا غير مسبوق، ولم تتوقف حتى الحين، واكتسحت مياهها المتدفقة شوارع المدن الكبرى التي تعاني من ضعف البنية التحتية بما فيها مدينة كراتشي، وتحوّلت إلى بحيرات صغيرة، كما شلّت الشوارع الرئيسية التي تصل بين أقاليم البلاد وعطّلت الرحلات والتنقلات.

هذه الفيضانات الغاضبة ضربت مناطق من بلوشستان وأخرى في جنوب البنجاب ومدينتها تونسة، حيث طغت وزمجرت وأهلكت الحرث والنسل، وأدت بأهلها وبيوتها وجسورها في مكان سحيق.

البيوت التي اجتاحتها المياه وهدّمتها تُقدَّر بالمئات، وراح ضحيتها مثلُها من الرجال والأطفال والنساء غرقى أو مشرّدين تحت سماء عارية لا عاصم لهم من أمر الله إلا من رحم.

شهادة المنكوبين

وبحسب شهادة أهلها المنكوبين، فإنهم يعانون من هذه الأوبئة والأزمات الانسانية “بينما الحكومة والجهات المعنية بأمور الطقس وإدارة الكوارث لاهية” كأن شيئًا لم يحدث، لم تحرّك فيهم هذه الرزايا رمقًا من الإنسانية، أو لأن احتكاكهم الحزبي السياسي الممقوت أهم لديهم من هذه المأساة الإنسانية العظيمة التي تُوصَف بأنها غير مسبوقة من نوعها.

ولرجال “الميديا” والإعلام النصيب الأعظم في تضليل الشعب عن مجريات هذه الفيضانات الخطيرة ومآسيها، إذ كانت -ولا تزال- تشغل بالَ الشعب بقضايا سياسية تافهة وسخيفة في معزل تام عن القيام بمسؤوليتها لتغطية أحداث الفيضانات وما ألحقتها من خسائر في الأموال والممتلكات، كيما تستحث همة الجهات المعنية على نجدتها ودعمها.

وقُل مثلَ ذلك في تلك الجمعيات الحقوقية الإنسانية التي يسمّونها “إن جي أوز” وما شابهها، والتي كانت تتشدق بملء أفواهها رحمةً بكلبة عندما تموت جوعًا ولو كانت على رأس هيملايا، ولكنها الآن عادت وكأنه قد طار بها عنقاءُ الغيب عن ميدان العمل الذي ينتظرهم، طبعًا لأن هؤلاء الضحايا أقل قدرًا من قططهم وكلابهم التي تُغتصب حقوقها، أو لأن خدمة هذا النوع من البشر لا يخدم مصلحتَهم في شيء.

موقف العلماء

إذا كان هناك من يقف إلى جانب إخوانهم المصابين في هذا الرزية فهم هؤلاء العلماء والطلاب الشرعيون الذين سخّروا صلاحياتهم المالية والبدنية عبر شبكة المدارس الدينية المنتشرة في عموم البلد، لدعمهم والأخذ بأيديهم وتوفير حاجيات العيش والإسكان اللازمة، رغم قلة الإمكانيات وضآلة الآليات لديهم، لكن المهم أنهم أثبتوا وجودَهم وكفاءتهم وإنسانيتهم.

سلام الله تعالى عليهم، فهم رحمة لعيال الله، وأحبُّ الخلق إلى الله تعالى مَن أحسن إلى عياله.

والتحيات موصولة إلى كل من اشتكى لهذه الأعضاء المتألمة المنكوبة في جسد الأمة، ولمن ضمّ صوتَه إلى صوتهم ومدّ إليهم يد المعونة المادية والمعنوية في هذا الوقت الحرِج.

ألا إنّ أهالي المناطق المنكوبة أحوج ما يكونون إلى تضامن العالم الإسلامي، وأبواب الوصول إلى إغاثتهم وإعانتهم مفتوحة لمن جدّ في ذلك.