قصيدةُ وطن

رغمَ حصارِ الموتِ، واللهيبِ، والدخانْ
بعدَ شهورٍ سبعة
رجعتِ يا حبيبتي الكويتْ
كما تعودُ للربى شقائقُ النعمانْ

-من ديوان برقيات عاجلة إلى وطني؛ الشاعرة سُعاد الصباح.

كنتُ أعتلي منصة المسرح المدرسي كل عام لأُلقي قصيدة وطنية في أعيادِ دولة الكويت. أقف بهيئتي الطفولية المضحكة ولكن بشموخ الكبار مرتدية وشاحًا من ألوانِ علم دولة الكويت وأتزين باسم الكويت، وأصارع لأهزم ارتجاف صوتي وتلعثمي أمام فوج المتفرجين حتى أندمج مع القصيدة المُبلّلة من فيضِ قلقي وبصوت قلبي العالي الذي يُنشد بحبِّ أرضٍ اعتقدت كل طفولتي أنني أنتمي إليها ليس بعواطفي فحسب ولكن بمسقط رأسي قبل أن أتعرف على كعكة سايكس بيكو! الأرض التي حضنتني منذ ولادتي إلى لحظة كتابتي فيها هذا المقال.

لقد آمنت بمعنى الوطن: أنه ليس أرضا مجردة ولا موقعا جيوغرافيا مُسيّجًا بحدودٍ شائكة بل هُوية نموت ونحيا من أجلها ومن أجل بقائها ولو على أعناقنا. الوطن مثلُ الأم، فالأم ليست دائما الوالدة ولكنها دائما المُربية والحاضنة التي ترعى أبناءها بلا كلل ولا ملل، بلا حواجز ثقافات أو أديان أو أعراق.

الكويت تحتفل

وطني الكويت، يحتفل هذا الشهر -فبراير- بانتصاراته، باستقلاله، وتحريره. يحتفل بحرص أبنائه وحبهم العفيف للؤلؤة الخليج وجوهرتها العتيقة. تحتفل الكويت باعتراف العالم بكيانها وبصمود رجالها. تحتفل بصبر الأمهات وفجعهن إبان الغزو الغاشم وبعرق الرجال في الذود عنها ووقوفهم أمام بطش العدو مدافعين عن أرضهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم. تحتفل بشهدائها وصلابة من أحبها بصدق ولهفة وبمن سقوا أرضها بدمائهم الطاهرة الشريفة، فشربت الكويت وأينعت خضراء نضرة وقوية فتاة.

الكويت تحتفلُ اليوم بإنسانيتها وأصالتها وحميتها ليست لأنها من الدول القلائل التي ما زالت تفتخر بعادات وتقاليد الأجداد ومن بناها ولكن لأنها الحاضنة لجميع دول الخليج والسبّاقة دوما للمّ شمل المتخاصمين والساعية لجمع أواصر المحبة والإخاء بين دول المنطقة.

فقد عُرف عنها وقوفها بجانب المظلوم وجبروتها أمام الظالم. فظلت الكويت إلى يومنا هذا رافضة للتطبيع وحاملة وحدها هم الأمة العربية بثبات مبادئها نحو فلسطين وقُدسية بلاد المسلمين وميلاد المسيح. لم يخب ظن الفلسطينيين بها يوما ولن يخيب.

النموذج

الكويت اليوم تُعتبر نموذجا حيّا لمعنى الوفاء والإخلاص فلم تنسَ المكروبين يومًا ولا المكلومين فامتددت أياديها الإنسانية لجميع بقاع الأرض ضامدة جراح المتألمين وماسحة على قلوب المحتاجين.

تُعرف الكويت بأسد الجزيرة، أبو الدستور، أمير القلوب، قائد الإنسانية وعميد الدبلوماسيين العرب -رحمة الله تغشاهم- ويواصل اليوم مسيرة الإنجازات سمو الشيخ نواف الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه، مسيرة تاريخية توثق للتاريخ جهود الكويتيين المستمرة في حماية أرضهم وتطورها وازدهارها وحفر اسمها عاليا في قاموس الشرف والكرامة.