‏مسحوق أبيض-3 .. طعم جديد

‏كنت أعتقد أن الأطعُم الخمسة الأساسية هي: الحلو كما نذوقه بصورة نقية في السكر، والحامض كما نذوقه في طعم الليمون أو ملح الليمون وهو موجود بصورة نقية على شكل بلورات بيضاء في جميع البيوت، والطعم المالح ويوجد بصورته النقية في ملح الطعام أو كلوريد الصوديوم، والطعم المرّ وهو لا يوجد كإضافة للطعام فأي مجنون يضيف الطعم المر إلى الأكل؟! لهذا لم يكلف أحد نفسه العناء لاستخراج أي مادة نقية لهذا الطعم الشنيع. وأخيرا الطعم الحار مثل طعم الفلفل الأخضر أو الأسود أو الأحمر وهو موجود ضمن ما يضاف إلى الطعام على شكل مسحوق الشطة أو الفلفل الأسود في كل البيوت.

لكن الصحيح أن الطعم الحار ليس طعما أصلا، بل هو إحساس بالألم!! ‏وينتقل هذا الإحساس إلى الدماغ عبر الأعصاب الحسية في الأغشية المخاطية والجلد، فقد نحس بالحرقان في العين مثلا أو في المعدة أو على الجلد أو أماكن أخرى وهذا لا يحدث بالنسبة للأطعُم الخمسة الأخرى التي تنتقل عبر الأعصاب القحفية إلى مركز التذوق بالدماغ وليس مركز الألم.

الطعم الأُومامي

‏إذن ما هو الطعم الخامس؟

في سنة 1908 اكتشف العالم الياباني كيكوناي إيكيد طعمًا جديدًا يعبر عن الطعم اللذيذ سُمي الطعم الأُومامي، وهي كلمة يابانية تعني الطعم اللذيذ. يشعر الإنسان بالطعم الأُومامي عند تناول اللحوم والخضراوات والجبنة القديمة والفطر والأسماك والمحار ‏وبعض الأعشاب البحرية.

‏قام هذا العالم بتحديد مادة الجلوتاميت ‏على أنها محفز أساسي لخلايا التذوق الخاصة بالطعم الأُمامي.

‏ثم ذهب كيكوناي إيكيد إلى المطبخ يفتش عن أي مادة نقية يمكن أن تضاف إلى الطعام لتعطينا الطعم الأُومامي، وعندما لم يجدها قام باستخراج حمض الجلوتاميت من الأعشاب البحرية ‏ثم قدم لنا منتجا جديدا على شكل مسحوق أبيض هو جلوتاميت أحادي الصوديم (MSG) ليجد هذا المنتج مكانه في رفوف المطبخ بجانب المنكهات الأُخرى.

طبعا هو سجل براءة الاختراع باسمه وأصبح مليونيرًا.

‏تستخدم حاليا معظم شركات الأغذية جلوتاميت أحادي الصوديم أو الملح الصيني لإعطاء طعم لذيذ لمنتجاتها، فعند إضافته إلى طعام بسيط مثل المعكرونة السريعة التحضير تصبح لذيذة جدا ويطلبها الأطفال دائما مع أنها لا تحتوي على قيمة غذائية حقيقية.

‏أحد الأطفال طلب من والده هدية في عيد ميلاده، وحددها بأن يسمح له بتناول معكرونة سريعة التحضير!!

‏يسبب هذا الطعم اللذيذ الإدمان طبعا، حيث يقوم الدماغ بإفراز مادة الدوبامين عنده تناول اللحوم والخضراوات والأسماك مكافأة على تناول هذه الأطعمة الغنية بالمواد الغذائية. وعند تناول الطعام الذي يحتوى على مادة جلوتاميت أحادي الصوديم (MSG) تقوم هذه المادة بخداع المخ وتعطي شعورًا لذيذًا ومكافأة مقابل وجبة بسيطة من الكربوهيدرات مما يسبب البدانة بسبب كثرة تناول النشويات بالإضافة إلى نقص في البروتينات والفيتامينات المهمة الموجودة أصلًا في الأغذية التي تعطي هذا الطعم بشكل طبيعي.

‏لم يثبت عن مادة جلوتاميت أحادي الصوديم (MSG) أنها تسبب السرطان وهي معتمدة من منظمة الأدوية والأغذية الأمريكية (FDA) ولكنها بالقطع تسبب السمنة*

تفضيل الطعم يعني ببساطة أن الإنسان سيختار أنواعا معينة من الطعام مفضلة عن غيرها حسب الطعم، ويُستخدم هذا تلقائيًّا للمساعدة على التحكم في النظام الغذائي الذي يأكله، ولكن إضافة محسنات الطعام المركزة تفسد هذا النظام الموجود بشكل طبيعي بالجسم مما يؤدي إلى تناول الطعام غير المتوازن.

‏نعود إلى نقطة البداية وهي أن أفضل شيء لصحة الإنسان هو الحصول على الطعام من المصادر الطبيعية.