الطريقة الأذكى في تعليم اللغة العربية

 

بعد خبرات عملية طويلة، أصبحنا نعتقد أننا إذا أردنا تحقيق أقصى نجاح ممكن في تعليم اللغة العربية لأطفالنا أو للأجانب، فعلينا أن نبدأ بتعليمهم الضمائر المتصلة. فهذه الضمائر البسيطة الخفيفة السهلة في النطق -التي تقتصر على حرف أو حرفين- كفيلة بأن تجعلهم يُحبّون اللغة العربية، ويحسّون بالقدرة على إتقانها في أقصر وقت ممكن.

وعلى سبيل المثال، فإننا نبدأ بالفعل “كتب” ونستخدم صيغة الماضي للغائب المفرد منه التي هي الصيغة الأساسية (أو القاعدية بلغة الصناعة والتكنولوجيا) فتصبح عندنا بجانب هذه الصيغة القاعدية صِيَغٌ دالّة على المتكلّم الفرد “كتبَ” وجماعة المتكلمين “كتبنا” والغائب “كتب” والغائبة “كتبتْ” والغائبَيْن “كتبا” والغائبتَيْن “كتبتا” والغائبين “كتبوا” والغائبات “كتبنَ” والمُخاطَب “كتبتَ” والمخاطَبة “كتبتِ” والمُخاطَبَيْن “كتبتما” والمخاطَبين “كتبتم” والمخاطَبات “كتبتنّ”.

وبعد أن يتعلّم الأجنبي هذه الصيغ، ندلُّ المتعلّم في الحصة التالية -أو في المرحلة التالية من الحصة ذاتها- على أن هذه الضمائر المتصلة تنوب عن ضمائر منفصلة، وأننا لو أردنا استخدام المنفصلة بعدها من باب التأكيد أو التحقيق، فإن هذا قد يكون نوعًا من البلاغة، وقد يكون نوعًا من تلبية حاجة معيّنة إلى تحديد أو تنبيه. وبهذا، فإنه سيتعلّم، وسيشعر حينئذ بتمكّنه من اللغة العربية، وكيف لا وقد أصبح قادرًا على صياغة الجمل التالية:

–      كتبتُ               أنا

–      كتبنا                نحن

–      كتبَ                هو

–      كتبتْ               هي

–      كتبا                 هما

–      كتبتا                هما

–      كتبوا               هم

–      كتبنَ                هنّ

–      كتبتَ               أنتَ

–      كتبتِ               أنتِ

–      كتبتما              أنتما

–      كتبتم               أنتم

–      كتبتنّ               أنتنّ

اليسار إلى اليمين

فإذا أضفنا إلى هذا قولنا إنه يمكن له أن ينقل الكلمة التي على اليسار إلى اليمين، والتي على اليمين إلى اليسار، فيقول هو كتب، بدلًا من كتب هو، فيحصل على جملة اسمية بدلًا من جملة فعلية، فإننا بهذا الأسلوب البسيط والسهل جدًّا نكون قد وصلنا معه إلى نصف المطلوب في تعليم اللغة العربية في أقلّ من ساعة من الزمن.

يقتضي هذا خطوة ثالثة في تعليم ضمائر النصب والجر المتصلة، وهو أمر يصبح يسيرًا مع إتقان ما سبق من ضمائر الرفع. والجدير بالذكر هنا أنه يمكن من باب توكيد التعليم أن نجعل مَن يتلقون العلم علينا يربطون في بداية تعلّمهم وبصفة دائبة بين ضمائر الوصل وضمائر الفصل المناظرة لها من باب تثبيت إحساسهم باللغة العربية، فإذا قلنا تعبيرًا من قبيل (ذهب إليهم) فلا مانع من أن نجعل الجملة قابلة للتوكيد، بأن نعلّمهم معها (ذهب إليهم هم)، ومثلها (جاء إلينا) تكون هناك جملة مقابلة لها (جاء إلينا نحن)، وهكذا.

حزمة الأفعال

في هذه المرحلة المبكّرة نبدأ باختيار حزمة الأفعال المرتبطة في المعنى، التي تحقّق في الوقت نفسه إلمامًا بكلّ حروف الهجاء. فإذا قلنا كتب وقرأ وذاكر ودرس ونقل وسمع وسكت وعلم وفهم وبدأ وشهد وخرج وشكر، فإننا نكون قد استوعبنا الحروف الثمانية والعشرين في الوقت ذاته، ويمكن لنا أن نبدأ في بناء الجمل والتعبير بها عن المعاني التي نريدها، كما نبدأ ما يُسمّى في الحياة العامّة بالحوار الذي يعتمد على مفردات قليلة، لكنّه يوظّف هذه المفردات بطريقة قادرة على أن نستوعب المعاني جميعًا.

وعلى سبيل المثال، نستطيع أن نجعل هذا الأسلوب مقدّمة لأيّ منهج (أو أيّ فصل دراسي) قائم بالفعل على الطريقة الكلّية، بحيث نبدأ -بعد إتقان هذه الجزئيات- قراءة النصوص المتاحة في كتب التعليم القائمة بالفعل، التي تستند إلى مقاربات أخرى للمنهج والمعنى.

الذي أريد أن أقوله إن هذا المنهج الذي أقترحه لتدريس اللغة العربية لا يشترط إلغاء المتاح، بل على العكس يرحّب باستخدام بداياته، وتكملة ما كانت شرعت فيه وتدّربت عليه وأسّست مؤسّستها، فنحن لا نشترط الهدم من أجل البناء، وإنما نقدّم بوّابات تقود إلى البوّابات الموجودة بالفعل، وتساعدها على تحقيق فعالية أكبر في نجاح مخططاتها التربوية.