الجزيرة في اليوبيل الفضي

عندما تأسست الجزيرة ظهرت بشكل مصمم لتكون في القمة مباشرة.

لم تقتصر على الخبر وإنما تتابعت بها برامج مما رأينا ربما بعد بضع سنين ومقدمي برامج تنوعت مشاربهم وترى فيهم المهنية مع وضوح التوجه كأي إنسان عربي شفاف.

تابعنا بها أخبار الحدث عند وقوعه وبرامج مهمة مثل (الشريعة والحياة)، والذي كان أسبوعيا مع السيد العلامة القرضاوي، وبرنامج (بلا حدود) مع المبدع احمد منصور، ورغم أن برنامج (الاتجاه المعاكس) هو برنامج مقلد لبرنامج شبيه له في أمريكا، إلا أن بصمات الدكتور فيصل واضحة الأثر والرجل يعد وكالة أنباء قائمة لوحده، وكانت خديجة وليلى وكثر يشكرون ممن غادروا الجزيرة لهم أثر يدل على تخطيط محكم ونسق يصنع نجوم الفضائية بشكل مميز، ولست هنا بصدد ذكر أسماء الكل، فالكل نجوم في سماء الجزيرة وليس من أحد يقدر على حصرها.

نقاط مهمة جديرة بالذكر:

الجزيرة لم تك لتنمو وتحافظ على هامش مصداقية ربما هو ليس مرغوبا إلا نتيجة سياسة ثابتة، لكنها لن توافق الأذواق حتما في كليتها، فبعض من يرى في هذا البرنامج أو في سياق زمني أنها تعمل ضد توجهه، أو أبدت موقفا مائعا تجاوبا مع ضغوط دولية في إغفال مسائل مصيرية تؤلم من أصيب بها بشدة؛ والبعض الآخر يرى أن إدارة الأحداث ينبغي أن تكون بشكل آخر من تأييد أو ذم، ولربما أظهرت الجزيرة موقفا متحيزا عندما تعرض البلد لمشاكل قبل أن تستعيد رباطة الجأش وتعود إلى التوازن باحترافية، وحتى أن اختلفت وظهر خلافها أو نقدها لجهة ما فهي تحاول إبقاء التوازن بنسبة ما تعتبر مقبولة ضمن واقعنا، وهذا أمر جيد ويحسب لقادة قطر فهم حتما لو أرادوا التدخل في كل صغيرة وكبيرة لتدخلوا لكن الجزيرة لن تبقى الجزيرة.. وإن كنا نتوقع أن تعود منحنيات أداء الجزيرة إلى الارتقاء بدل المسار النسبي المستقيم.

كيف يمكن هذا:

الجزيرة ممكن أن تبرمج مركز الدراسات فيها وبرامجها في طريق إعادة الأمة إلى المسار الصحيح فكريا من خلال برنامج مشابه للشريعة والحياة يطرح فكرا يوضح فكرا نقيا صافيا بعيدا عن إسقاطات التاريخ التي استغلت في تدمير الأمة.

الجزيرة ممكن أن تفكر بالتوأمة مع قنوات من دول أخرى من أجل الارتقاء بالإعلام العربي وتطوير الخبرات والاستفادة أيضا من الطاقات الواعدة.

والجزيرة ممكن أن تكون إعلاما مناسبا لواقعنا في برنامج موسع كتطوير لحدث اليوم، لتناقش الحدث وتقترح الحلول الحيادية والمناسبة لما تراه من إخفاقات بالتواصل مع مفكرين وقادة رأي بعد دراسة الموضوع وطرح الأفكار وتلخيصها على أسلوب المبدع محمد كريشان.

الجزيرة ممكن أن تساعد الساسة وأصحاب القرار من خلال لقاءات ومفكرين للحديث عن كيفية التعامل ومشهد سياسي مفترض أو حاصل وما هي طرق الحل أو المنهج للحل لمثل هذه المشاكل.

هذا غيض من فيض من الأمور والموضوعات التي نرى أن تتوجه رسالة الجزيرة إليها، وهذا يتطلب تعزيزاً لمركز دراسات استشاري وتدريب خاص وفكر يفتح مثاني القرآن بالتدريج فلا يوجد شيء متكامل وجاهز دوما، فنحن نحتاج الفهم والبلاغة وسياسة الدول بل ما يمكن تسميته بالسياسة المستدامة التي تشمل التنمية والسياسة الخارجية والإدارة الداخلية، الجزيرة إذن مركز تعليمي وتثقيفي للشعب وأصحاب القرار والنخبة المؤثرة في مجتمعنا في  أقطاره المتعددة وما يمكن أن يطور البلاد من مشاريع إنمائية وما يتعلق بالطاقة والأمن الغذائي، هكذا تأخذ وسيلة كالجزيرة دورها في تنمية ورقي الأمة بإبداع ما يمكن أن يقلده الآخرون ولا تحتاج لتقليد أحد.