حركة طالبان في تركيا.. ماذا يعني ذلك؟

وفد طالبان في لقاء مع مسؤولي الهلال الأحمر في أنقرة

الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021 زار وفد كبير من حركة طالبان الأفغانية العاصمة التركية أنقرة لإجراء مباحثات مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، وترأس الوفد وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية المؤقتة أمير خان متقي، فماذا يعني أن تزور “طالبان” تركيا في هذا التوقيت؟

خلال اللقاء أكد وزير الخارجية التركي أن تركيا لا تتعامل مع الآخرين وخاصة مع أفغانستان من خلال وضع الشروط أو فرض الآراء أو إعطاء الدروس بل تركيا تقدم التوصيات والنصائح المفيدة وتشرحها بالتفصيل.

ومن خلال هذه النقطة نستطيع أن ندرك أن زيارة هذا الوفد الأفغاني إلى تركيا، نابعة من أن الحكومة الأفغانية المؤقتة تدرك حقيقة الدور الإيجابي لتركيا على خلاف سلبية الدور الغربي، فـ”طالبان” تعلم أنها إن زارت تركيا فإنها تزور دولة شقيقة لأفغانستان، على عكس الدول الغربية التي دمرت أفغانستان على مدى عقدين ماضيين من الزمن.

علاقات متينة

“طالبان” عندما تأتي إلى تركيا فإنها تقول للعالم إنها مستعدة لإقامة علاقات متينة مع تركيا، التي ما تدخلت في ملف إلا وكان تدخلا إيجابيا نافعا لطرفي الملف، واليوم أفغانستان بحاجة لتدخل طرف إيجابي مؤثر يزيل الغبار الفاسد الذي خلفه الغرب في المدن الأفغانية المختلفة، فما بالنا إذا كان التدخل التركي الإيجابي متناغما مع تدخل الحليف القطري هناك.

ومن جهة أخرى، فإن حركة طالبان ما كانت لتأتي إلى تركيا لو أنها لا تدرك أنها مستعدة لدعم الشعب الأفغاني في هذه الظروف، فالوقت ليس وقت القيام بزيارات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إنه وقت العمل بالنسبة للحركة التي تقف اليوم أمام تحديات داخلية وإقليمية ودولية كثيرة، فأتت إلى تركيا لأنها تعلم أنها قادرة على مساعدة الشعب الأفغاني سواء من الناحية الإنسانية أو التنموية أو السياسية من خلال دعم أفغانستان في المحافل الدولية.

كما نستطيع أن نقرأ أن حركة طالبان تدرك بدقة أن الوجود العسكري التركي خلال المرحلة الماضية في أفغانستان لم يكن قتاليا على الإطلاق، بل كان إنسانيا، والشعب الأفغاني بكل أطيافه لمس الدور الإنساني للجيش التركي في مختلف المدن الأفغانية، و”طالبان” تقدر هذا الدور، لذلك قال العديد من مسؤوليها في مناسبات عدة أن عودة الجيش التركي إلى أفغانستان أمر ممكن، فلو كان الجيش التركي سلبيا هناك ما كانت الحركة لتقول هذه الجملة.

ومن ناحية أخرى، أن تستقبل تركيا وفدا أفغانيا بهذا الحجم وبهذه العلنية فهذا يعني أن تركيا تقول للعالم كله وخاصة للأطراف المعترضة على حركة “طالبان” أنها دولة صاحبة قرار مستقل تنشئ علاقات مع من تشاء وكيفما تشاء ووقت ما تشاء، ولا تخضع لرغبات الآخرين.

دولة صديقة

كما تؤكد تركيا من خلال هذا الاستقبال أنها اليوم دولة صديقة للشعب الأفغاني مستعدة لدعمه في أشد الأوقات التي يحتاج فيها للدعم، وهذا ما تمت مناقشته فعلا بين الجانبين التركي والأفغاني في أنقرة.

كما أن الرسالة واضحة أن تركيا وقطر حليفتان تنسقان بالشأن الأفغاني، فوجهت “طالبان” الثانية بعد قطر كانت إلى تركيا، التي أكدت مرارا أنها إلى جانب الشعب الأفغاني لتحقيق رخائه.

“طالبان” اليوم في تركيا، وغدا تركيا في أفغانستان، نحو تعاون استراتيجي يصب بمصلحة الطرفين، لا بمصلحة طرف واحد، مصلحة عنوانها البناء والتطور والاستفادة، وبعيدة كل البعد عن المفهوم الغرب السلبي للمصلحة التي لا تكون بمفهومه إلا له على حساب الشعوب والدول.