نحو إستراتيجية تسويقية أفضل عبر منصات التواصل الاجتماعي في عام 2021

عمال يستعدون لافتتاح متجر لـ Apple

مضى عام 2020 كعام مثقل بالذكريات المؤلمة التي لا يمكن أن ينساها العالم، فقد ترك أثره على الجميع دون استثناء، عام وجد فيه الفرد نفسه محكوما بالبقاء في منزله لأيام وأسابيع وحتى أشهر رغماً عن إرادته، أما في الفترات التي استطاع فيها الخروج فقد احتكم لقواعد معيشية جديدة من الالتزام بالتباعد الاجتماعي والمعقمات وتغيير نمط العادات الاجتماعية والسلوكية.

كان من ضمن التغيرات التي شهدها العام التوجه الواسع لاعتماد التكنولوجيا كأداة بديلة للتواصل وإنجاز الأعمال و تلقي الخدمات بعد أن لعبت دور المعزز، فقد زادت أعداد المنتسبين لها بشكل كبير، فعلى سبيل المثال وفقاً لموقع Hootsuite الرائد في مجال السوشيال ميديا في العالم فإن مع نهاية أكتوبر عام 2020 ارتفع عدد اللقاءات التي نظمت عبر تطبيق زووم إلى ما يقارب 300 مليون لقاء بشكل يومي بينما لم يتجاوز عددها 10 ملايين لقاء في اليوم حتى نهاية عام 2019، وعرض تقرير شركة “Constant Contact” للتسويق الرقمي أن عدد مستخدمي فيسبوك بلغ ما يقرب من 2.5 مليار مستخدم نشط شهريًّا  هذا العام فيما تضم لينكد 303 ملايين مستخدم نشط شهريًّا أيضا بزيادة ملحوظة .

هذا التحول دفع طيفا كبيرا من المؤسسات والشركات للتوجه بشكل أكبر نحو الاستثمار في شبكات التواصل الاجتماعي كمكون أساسي في إستراتيجية التسويق وهو الأمر الذي انعكس على اشتداد المنافسة أيضا بين شركات التكنولوجيا للوصول لأفضل التطويرات التي تساهم في خدمة المسوق وتلبية الطلب المتزايد واحتياجات المستخدمين بشكل أفضل.

إن نقطة الانطلاق دائماً هي تحديد هدف منطقي للخطة التسويقية عبر منصات التواصل، ثم بناء خطة تسويقية خلاقة تحقق ذلك الهدف

ما هي الاعتبارات التي يجب مراعاتها بعد عام 2020 في التسويق الإلكتروني عبر منصات التواصل الاجتماعي؟

بمجرد أن تفكر بهذا السؤال وتبدأ بالبحث عن أجوبة شافية فعّالة فإنك ستجد أمامك بحرا من البيانات والمعلومات ونصائح من خبراء لا نهاية لها، لكن ما إن تبدأ بتطبيق ذلك تجد الأمر ليس بالسهولة بل أنت بحاجة إلى عناية فائقة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

تلك العناية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التطورات والتحديثات التي خلفتها ظروف عام 2020 على منصات التواصل الاجتماعي والمعطيات التي يمكن البناء عليها في عام 2021.

بداية.. إن نقطة الانطلاق دائماً هي تحديد هدف منطقي للخطة التسويقية عبر منصات التواصل، ثم بناء خطة تسويقية خلاقة تحقق ذلك الهدف، بمجرد تحقيق ذلك يمكنك المباشرة في أهم نقطة عملية ويمكن البناء عليها إذا كان خطتك التسويقية ستنجح أم لا، وهي المحتوى ثم المحتوى ثم المحتوى. عليك صناعة محتوى خاص بك بشكل متقن وتذكر لا يهم الإمكانيات التي بين يديك بقدر إمكانية تطويعها قدر الإمكان للخروج بمحتوى يليق بمشروعك.

وتذكر دائما أنه قبل مباشرة النشر يجب أن يكون في جعبتك مواد كافية يمكن الانطلاق بها، لذلك يتوجب عليك اقتناص اللحظات التي تكون فيها بقمة إبداعك لصناعة محتوى مختلف من مواد مكتوبة أو صور أو فيديو، وهنا من المهم الانتباه لصناعة الفيديو القصير فهو يعد أحد أهم أنواع المحتوى في عام 2021 فقد أثبت عام 2020 بالفعل أن المستهلكين يحبون التفاعل مع مقاطع الفيديو القصيرة، لذا استعد لإنشاء المزيد من هذا النوع من المحتوى لإنعاش المحتوى الخاصة بك!

هذا لا يعني تجاهل باقي أنواع المحتوى فرغبات المتابعين مختلفة بكل تأكيد، فقد يكون من المهم صناعة مجموعة كبيرة من المحتوى دفعة واحدة ثم التخطيط لكيفية نشره. هذه العملية كفيلة أن تضمن لك اتساقا في النشر واستمراريته، فالقاعدة المهمة في منصات التواصل الاجتماعي إذا أردت رؤية نتائج حقيقية فعليك أن تكون متسقاً منتظماً بالنشر فغيابك عبارة عن عملية غدر لمجهودك وطموحك.

إلى جانب ذلك يجب أن تمتلك إستراتيجية موسمية للنشر عبر منصاتك بحيث يكون لديك مظهرا مختلفا في كل موسم، وذلك عن طريق تغيير ألوان تصاميم محتواك، على سبيل المثال استخدام ألوان زاهية وسعيدة في الصيف وصور أغمق قليلا ومتقاربة لفصل الخريف والشتاء، هذه الاستراتيجية على بساطتها تترك انطباعا جيدا لدى العميل حيث يستشعر بالاهتمام الذي توليه له، من خلال الاهتمام بتلك التفاصيل  بشكل لا إرادي يشعر العميل براحة في التنقل بين محتواك وهذا أمر مهم فبقاء الزائر في المنصة وقت أكبر يزيد من فرص ظهور محتواك لزوار آخرين بناء على الخوارزميات التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي.

الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة منها والكبيرة في مظهرك عبر تلك المنصات هي من أهم النصائح التي يجب أن لا تتجاهلها فمثلا عليك تحديث بياناتك على جميع المنصات التي تستخدمها ومراجعتها فلربما هناك تحديثات مهمة يجب إجراؤها.

عليك أن تتأكد أن جميع بياناتك متناسقة بين كل المنصات ولا تنسى أن تضمن البيانات رابط موقع الويب الخاص بك بحيث يجد العميل كل ما يريده عنك في منطقة واحدة ولا يشعر بالتشتت بين بياناتك المختلفة في كل منصة، وبالتالي تحظى بثقته.

وأنت في قمة اندماجك في صناعة المحتوى ومتابعته وتفاعلك الدائم مع عملائك إياك أن تتجاهل المنافسين

من جهة أخرى عليك أن تدرك أن ظهورك بشكل شخصي في محتواك سيشكل سحرا خاصا في زيادة التفاعل والوصول لك، فَتَعَرف المتابعين على شخصية صاحب المشروع يجعلهم مرتبطين به وبمشروعه بشكل شخصي، وعليك أن لا تتجاهل فكرة التواصل مع المتابعين من خلال منتجات تفاعلية مثل إنشاء مسابقات وتقديم هدايا لهم فهذه طريقة رائعة لزيادة عدد المتابعين الذين سيتحولون بمرور الوقت إلى عملاء مهتمين بما تقدمه.

إلى جانب ذلك وأنت في قمة اندماجك في صناعة المحتوى ومتابعته وتفاعلك الدائم مع عملائك إياك أن تتجاهل المنافسين بل على العكس عليك أن تقوم بإجراء تحليل تنافسي كل مدة، هذه فرصة رائعة لفهم ما يفعلونه جيدًا على وسائل التواصل الاجتماعي واكتساب بعض الأفكار حول المكان الذي يمكنك تحسينه، قم بعمل مخطط يسرد نقاط القوة والضعف لديهم، بعد ذلك ضع خطة عمل لتنفيذ التغييرات على إستراتيجية منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بك.

كن دائما على اطلاع بما يدور في الفلك حولك ، إياك أن تكتفي بنفسك فهذا عالم متسارع متغير متطور مثلا لا تكتفي بالأوسمة التي تستخدمها، عليك دائما أن تبحث عن أوسمة جديدة وأن تجاري الأحداث والمعلومات الهائلة التي تنتشر بشكل يومي على هذه المنصة، ومن أفضل الطرق لتبقى موجودا بشكل فعلي  في منصات التواصل الاجتماعي في عام 2021 هي بحثك عن أوسمة جديدة واختبارها، لذلك يتوجب عليك إنشاء قائمة بأهم الأوسمة الجديدة وتتبعها ورصد التي تحقق أفضل أداء واستخدامها لمساعدة منشوراتك على الأداء بشكل أفضل وأيضا لتمكينك من التواصل مع عملاء جدد.

في ذات السياق لا تنسى أنه من أهم الأمور المميزة في منصات التواصل الاجتماعي هو القدرة على التواصل وبناء مجتمع، ومن أجل مساعدتك على تنمية مجتمع خاص بك بشكل أكبر في عام 2021، من المستحسن البحث عن المزيد من الطرق للتعاون. فعلى سبيل المثال ابحث عن مشاريع تشاركك نفس التفكير وأقم معها شراكة مثلا.

من المهم أيضاً أن تكون كريماً على مشروعك فقد يكون من الصعب على الشركات الصغيرة الوصول إلى جماهير جديدة بشكل فعلي على منصات التواصل الاجتماعي. فيمكن أن يكون الاستثمار في القليل من الإعلانات المدفوعة وسيلة قوية لزيادة الوصول إليك في تلك المنصات في عام 2021.

علينا أن نتنبه جيدا لنقطة مهمة وهي ملائمة المحتوى والمنتج مع طبيعة المنصة المستخدمة لنجاح استراتيجيتنا التسويقية والوصول لتفاعل مع الأشخاص المناسبين، هذه النقطة تنقلنا إلى سؤال مهم كيف أحدد منصتي المناسبة للتسويق؟

عليك تقييم المنصات الجديدة ومعرفة إذا كانت مزاياها مفيدة لك أم لا ثم عليك تحليل مشاركاتك باستمرار في المنصات التي وقع اختيارك عليها ومعرفة اداء منشوراتك

منصات التواصل الاجتماعي كما أسلفنا أداة مهمة للغاية في عملية التسويق الإلكتروني إلا أنه لكي نضمن نجاح هذه العملية على صاحب المشروع مراعاة اختيار المنصة التي تناسب طبيعة المشروع والجمهور المستهدف، لذلك وجود حسابات لك على كل المنصات لا يعبر عن نجاحك بالفعل في عملية تسويق منتجك بل على العكس ربما يكون سببا أساسيا في فشل خطتك التسويقية  فانشغال المشروع بإدارة ومتابعة العديد من المنصات سيؤدي إلى إهدار جهودها ومواردها المالية والبشرية، لذلك وجب على صاحب المشروع أن يصب تركيزه على المنصة التي توفر له جمهورا ووصولا وتفاعلا حقيقيا.

جيد.. لكن كيف يكون ذلك؟ عليك تقييم المنصات الجديدة ومعرفة إذا كانت مزاياها مفيدة لك أم لا ثم عليك تحليل مشاركاتك باستمرار في المنصات التي وقع اختيارك عليها ومعرفة أداء منشوراتك هذه النقطة ستقدم لك معرفة ما هي المنشورات التي يفضلها متابعيك وأي المنصات يكون عليها التفاعل إيجابيا، في حال وجدت أنك غير قادر على إدارة منصة أو أنها لا تقدم لك النتائج المرجوة فلا تشغل نفسك بها مباشرة قم بإسقاط تلك المنصة من خطتك.

تذكر دائما أن هذه المنصات دائمة التطور والتغيير وأن ظروف العالم تفرض عليك أن تكون موجودا بها وعلى إطلاع دائم بإمكانياتها وأن تعمل على تطوير أدائك وفقاً للمعطيات، فإياك أن تتوقف عن البحث والقراءة والاطلاع فلا مجال في هذا العالم للتوقف لحظة .