شكرًا 2020 وأهلًا 2021

كورونا ودروس عام 2020

بدأ عام 2020 بكوارث دولية وعالمية أثّرت على العالم بأسره. حرائق وانفجارات، إرهاب وقمع، مقاطعات اقتصادية، واحتجاجات عالمية، أزمات صحية واجتماعية وأخرى سياسية، حتى المؤسسات التعليمية تأثرت، فانطلق العالم للتعليم الإلكتروني بتوظيف التطور التكنولوجي والتقني بالإضافة إلى حديث الساعة جائحة كورونا أو كوفيد19 ولقاحاته التي أثارت الهلع في النفوس أكثر من الجائحة نفسها.

الأزمة العالمية التي أعادت تنظيم علاقاتنا من جديد فأصبح الابتعاد والعزلة وسيلة معبرة عن مدى المحبة والاهتمام والاقتراب تحول إلى خطوة مُهلكة، بل خلال فترة الحجر الصحي اكتشف البعض مواهب كانت مدفونة فيهم من قبل فأثروها وأخرون بدأوا من جديد بممارسة هواياتهم التي قاطعوها لضيق الوقت، فكانت فترة استكشافية بامتياز.

هذا العام أعطانا درسا قيّما عن حقيقة الصداقة والأصدقاء هؤلاء الذين بعثرتهم الأيام وابتعدوا بلا سابق إنذار والذين أثبتوا بأن الصداقة مفهوم عميق

هذا العام على الرغم من أزماته وكوارثه التي أدهشت العالم وأبكته فإنه عام مليء بالتجارب التي صقلت شخصياتنا وأثبتت أن دوام الحال من المحال. لقد استشعرنا النعم التي نعيش فيها من أصغر نعمة وهبة إلى أكبرها. لقد أضافت لنا الكثير فلقد كانت درسا مكثفا عن استشعار ما نحن فيه وما نعيشه من واقع جميل وإن كان لا يخلو من الصعاب والشوائب، حتى ولو كان بسيطا: أن تشعر بالامتنان بأنك ما زلت حيّا تتنفس رغم ابتلاع الجائحة والأحداث الكارثية لأكثر من مليون من الأرواح.

هذا العام أعطانا درسا قيّما عن حقيقة الصداقة والأصدقاء هؤلاء الذين بعثرتهم الأيام وابتعدوا بلا سابق إنذار والذين أثبتوا بأن الصداقة مفهوم عميق لا كلمة مجردة بلا تأثير وبين آخرين توطدت العلاقات معهم وكانوا خير رفقاء. لم تُبعثرهم سوء الأحوال ولم تبعدهم بل أقسموا البقاء.

لقد كان عاما مليئا بالمتناقضات. الصحة والمرض، الحياة والموت، الوجودية والعبثية، الإيجابية الساذجة والسلبية الفائضة. كل أنواع المتناقضات اجتمعت فكانت كالمُعلم الذي إن لم تتعلم من أول مرة قسى عليك حتى تتأدب.

2020 لم تكن حزينة كما أنها لم تكن مفرحة أو مبهجة ولكنها علمتنا أخيرا معنى الاقتناع والرضا. أن نرضى بما لدينا وألا نتحسر على ما فات، تأييدًا لما جاء في الحديث الشريف: قول النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا».

لقد علمتنا أن العائلة هي السند الحقيقي والأمل الوحيد بين كل الأحوال التي تطفح باليأس. أن تستيقظ تحت سقف أمن وبين أفراد عائلة مُحبّة هي أقصى ما نتمنى الآن.

عام 2020 انتهى وكل تبعاته ودروسه وذكرياته ستبقى معنا لوقت طويل. ستبقى تذكرنا بمدى هشاشتنا وضعفنا وبنفس الوقت بمدى إصرارنا وقوتنا.

القوة التي جعلتنا نعبر هذا القطار المظلم الطويل ونستقبل 2021 بخوف وبحذر ولكن بأمل كبير بأن الغُمة ستنجلي والضباب سيختفي والحياة ستعطينا فرصة أخرى لنعيش ممتنين لما وصلنا إليه ومستعدين لخوض غمار الحياة من جديد بقوة وهمّة عالية.

شكرًا 2020 وأهلًا 2021..