الشيخ محمد بيصار الذي جمع بين الجويني والغزالي

الإمام الأكبر الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار (1910 ـ 1982) واحد من أساتذة الفلسفة البارزين الذين لمع أداؤهم في الأزهر الشريف و حققوا نجاحا  واثقا فيما تولوه من مناصب قيادية متتالية توجها بتوليه وكالة الأزهر و وزارة  الأوقاف و المشيخة الكبرى .

ولد الإمام الأكبر الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار بالسالمية؛ بمحافظة كفر الشيخ في العشرين من أكتوبر (1910)، وتلقى تعليمه الأزهري العام في ثلاثة معاهد أزهرية، قبل أن يلتحق بكلية أصول الدين ، وذلك في حالة فريدة لم تتكرر على هذا النحو فقد درس في معاهد دسوق و طنطا والإسكندرية.

ومن الطريف أن هذا التعدد تكرر معه في دراسته في بريطانيا حيث درس في لندن و كمبردج  و أدنبرة .

وكان السبب في انتقاله من معهد طنطا إلى معهد الإسكندرية؛ أنه ألف رواية تمثيلية بعنوان (بؤس اليتامى) ، ولم يكن هذا من المستحب و لا المقبول معهديا ولا اجتماعيا في ذلك الوقت .

تخرج الدكتور  بيصار من كلية أصول الدين (193٩)، ثم  واصل دراسته العليا في تخصص المادة فحصل علي الشهادة العالمية من درجة أستاذ بامتياز (1945) في الفلسفة وعلوم الكلام من كلية أصول الدين أيضا.

كان الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار ممن ابتعثوا  إلي إنجلترا فحصل علي درجة الدكتوراه من أدنبرة باسكتلندا (1949).

الشيخ محمد عبد الرحمن بيصار مع الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات

 

عمل  في سلك التدريس بكلية أصول الدين؛  وتدرج من مدرس إلى أستاذ مساعد إلي أستاذ، كما شغل بعض المناصب المرموقة في هدوء ودون ضجيج، فعمل مديرا للمركز الإسلامي في واشنطن (أبريل 1955)، وظل يدير المركز لمدة 4 سنوات، كما عمل مديرا للمركز الإسلامي في لندن وبعدها عاد إلى مصر أستاذًا بكلية أصول الدين واختاره الأزهر رئيسًا لبعثته التعليمية في ليبيا ( ١٩٦٣ ).

عين بيصار أمينًا عامًّا للمجلس الأعلى للأزهر١٩٦٨ ؛ ثم  أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية  ١٩٧٠ خلفا للدكتور عبد الحليم محمود ، واستطاع في هذا المنصب أن يقوم بنهضة علمية كبرى، وأشرف على إصدار عشرات المصنفات العلمية القيمة، وتحقيق طائفة من أمهات مصادر التراث الإسلامي الخالد.

اختير وكيلا للأزهر عام (١٩٧٤) في عهد  الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود (1974 ـ 1978) خلفا للدكتور محمد حسن فايد الذي انتقل مديرا لجامعة الأزهر .

عهدت إليه الحكومة السودانية المشاركة في إعداد مناهج الدراسات العليا في جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، وفي تطوير التعليم الأزهري، كما اختير عضوا في اللجنة الدائمة لمعهد الدراسات الشرقية.

كان الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار من العلماء الذين تركوا الزي الأزهري مع خروجهم إلي الحياة العامة في الخارج، لكنه عاد لارتدائه  منذ سنة 1970

عين  الدكتور بيصار وزيرًا للأوقاف وشؤون الأزهر في وزارة الدكتور مصطفى خليل الأولى في أكتوبر 1978 فخلف هذا الشيخ محمد متولى الشعراو ي ثم عين شيخا للازهر في نهاية يناير ١٩٧٩  فخلف بهذا الدكتور عبد الحليم محمود الذي كان قد توفي في أكتوبر تشرين أول، وكان الدكتور النمر يقوم بالمشيخة بالنيابة .

وقد كان هو  أول مَنْ شغل منصب الإمام الأكبر بعد رفع درجته إلي ما يعادل درجة رئيس الوزراء، وقد توفي وهو شيخا للأزهر في عهد الرئيس حسني مبارك (1982)، وخلفه في منصفه فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق.

بدأ الشيخ الإمام محمد عبد الرحمن بيصار عمله في مشيخة الأزهر بدراسة قانون تطوير الأزهر ولائحته التنفيذية لتعديله بما يحقق له الانطلاق دون معوقات في أداء رسالته الداخلية والعالمية

بدأ الشيخ الإمام محمد عبد الرحمن بيصار عمله في مشيخة الأزهر بدراسة قانون تطوير الأزهر ولائحته التنفيذية لتعديله بما يحقق له الانطلاق دون معوقات في أداء رسالته الداخلية والعالمية.

آثاره
  • الوجود والخلود في فلسفة ابن رشد.
  • العقيدة والأخلاق في الفلسفة الإسلامية.
  • الحقيقة والمعرفة على نهج العقائد النسفية.
  • تأملات في الفلسفة الحديثة والمعاصرة.
  • العالم بين القدم والحدوث.
  • الإمكان والامتناع.
  • شروح مختارة لكتاب المواقف، لعضد الدين الإيجي.
  • الإسلام والمسيحية.
  • رسالة باللغة الإنجليزية عن الحرب والسلام في الإسلام.
  • “رجلان في التفكير الإسلامي” ، وهي دراسات عن حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي وإمام الحرمين الجويني.

وعن بيصار قال الدكتور النشار في موسوعته -نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام “وفي حركة البعث الكبيرة للعالم الإسلامي الخالص، يقوم علماء أزهريون بمجهود علمي جبار في إحياء وبعث الفكر الإسلامي: أما أولهم، فهو الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار في أبحاثه المتعددة الممتازة عن ابن رشد  وتوضيح حقيقة فكره وعن الغزالي وفكره وفلسفته”.

توفي الدكتور  محمد عبد الرحمن بيصار في 7 مارس سنة 1982.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها