كيف أهلكت القروض الاقتصاد الأردني؟

المعلمون في الأردن أنهوا أطول إضراب في تاريخ المملكة

إن الاقتراض غير المدروس ومخطط له من المؤسسات الدولية يجعل تلك المؤسسات جماعات ضغط على الحكومة الأردنية..

لقد تفاقمت مديونية المملكة الأردنية الهاشمية في الآونة الأخير لتصل إلى مستوى عال بلغت تقريباً 43 مليار دولا للمرة الأولى في تاريخها.

 إن هذا الكم الهائل من الدَين العام  الذي يشكل نسبة 94.6% من الناتج المحلي الإجمالي يصعب علينا سده واجتياز عواقبه الوخيمة؛ إذ ما باشرنا في العمل جاهدين كي نتخلص منه ونقلل من عواقبه الاقتصادية الوخيمة التي ما زالت تؤثر علينا كأبناء لهذا الوطن، و هي التي بلا محالة ستغير مصير الأجيال المقبلة  للأسوأ. جاء هذا الارتفاع الكبير في المديونية بسبب ارتفاع فوائد القروض السابقة التي حصلت عليها الأردن وبسبب حصول الحكومة على قروض جديدة من مؤسسات دولية وعالمية مختلفة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
كما طلبت الحكومة تسهيلات ائتمانية من بعض الحكومات الأخرى؛ أودت بنا إلى هذا المطاف.
إن سياسات الاقتراض من الداخل ومن الخارج، التي تتبعها الحكومة من أجل تغطية عجز الموازنة العامة وسداد القروض المتراكمة عليها من سنوات سابقة أدى إلى عدم سيطرتنا على الأداء الاقتصادي في البلاد.

مظاهرات لمعلمي الأردن -أرشيف

 لهذا يجب على من يملك زمام الأمور أن يبدأ بخطة إصلاحية لهذا النظام الاقتصادي القائم،  كي نكون قادرين على تملك زمام أمورنا وأخذ قراراتنا دون مواجهة ضغوطات من الجهات التي أقرضتنا وعجزنا عن سدها.
إن السبب الرئيسي الذي يقف وراء المديونية الضخمة التي يعاني منها الأردن هو فشل إدارة موارد الدولة.
 على الحكومة أن تستغل القروض التي تأخذها من مختلف المؤسسات المحلية والإقليمية في استقطاب استثمارات وإنشاء مشاريع اقتصادية ذات عوائد مالية تتيح لنا سد هذه القروض في المستقبل.
 إن الأموال المقترضة تصبح خطرا، عندما يتم صرفها وضخها لتغطية نقص الموازنة بدلاً من فتح مشاريع استثمارية تجذب رؤوس الأموال من مختلف دول العالم.
إن الذي كان يحصل هو أن الحكومات المتعاقبة كانت تعمل جاهداً على الحصول مزيد من القروض بأسعار فائدة مخفضة لسد الرواتب ونفقات وفوائد الديون السابقة من دون الانتباه إلى أخطار الاقتراض في المستقبل.
 وترتب في النهاية أعباء مالية كبيرة على الدولة أدت إلى ارتفاع أقساط الديون وفوائدها، وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة بشكل طردي مع الزمن.
وهذا الارتفاع المتواصل في مديونية الدولة التي يمر بها الأردن هو ليس إلا دليلاً على فشل السياسيات المتبعة والتي إذ لم تغير، ستؤدي حتماً إلى زيادة الأعباء الاقتصادية على كاهل الدولة لسنوات مديد في المستقبل.
 إحدى أهم المشاكل التي نعانيها هي اعتماد الإيرادات المحلية على الضرائب الرسوم التي يدفعها كل من الشركات والمواطنين بدلاً من الاعتماد على الاستثمارات .

والاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادي والبشرية التي نملكها، وهذه معضلة تحد من قدرتنا على سداد مديونية الدولة والفوائد المترتبة عليها ما دامت مواردنا الاقتصادية لا تزيد  ولا تتطور.
إن اقتراض الحكومة من المؤسسات المحلية في الدولة يشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد الوطني.

 إن الاقتراض غير المدروس ومخطط له من المؤسسات الدولية يجعل تلك المؤسسات جماعات ضغط على الحكومة الأردنية.

لأن هذا الاقتراض يستنزف السيولة المالية في الاقتصاد المحلي وبالتالي سيقلص القوة الشرائية، و سيزاحم القطاع الخاص للحصول على التمويل من البنوك المحلية وعلى الأموال المتاحة للإقراض.
كما وأن الحكومة ستصبح الزبون المفضل لدى البنوك باعتبارها مقترضا مضمونا قليل المخاطر على القطاع الخاص، وبالتالي ستصبح سياسة التمويل المصرفي سياسة انتقائية.
 إن الاقتراض غير المدروس وغير المخطط له من المؤسسات الدولية، يجعل تلك المؤسسات جماعات ضغط على الحكومة الأردنية.
وقد تجبر تلك المؤسسات الحكومة على تلبية شروطها ومتطلباتها  التي قد تضر المواطنين، مثل رفع الضرائب والارتفاع المفاجئ لأسعار بعض الخدمات مثل المياه والكهرباء.
 إن الاقتراض لمواجهة فوائد الديون التي راكمتها الحكومات على مستقبل الأجيال سيؤدي إلى التهلكة إن لم نتخلص منه، لأن تلك القروض هي ليست إلا ديون جديدة لتسديد ديون قديمة.
إن الحل الأمثل لتحسين الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به الأردن هو إيجاد حلول وخطط تعزز من فرص الاستثمار في البلاد وتجذبها من مختلق أقطار العالم.
فهنالك العديد من رجال الأعمال الذين يتطلعون إلى فرص في شتى ارجاء العالم للاستثمار والاستفادة من الفرص المتاحة كي يحققوا مصالحهم الشخصية والتي ستؤثر إيجابياً على الوضع الاقتصادي الراهن.
على الحكومة أخذ خطوات فعالة لجذب رجال الأعمال ومختلف الشركات العالمية، وهذا يتطلب إعادة النظر في متطلبات الاستثمار في الأردن ومحاولة تسهيلها قدر الإمكان.

 إن النمو الاقتصادي في الأردن تضرر كثيراً خلال السنوات السابقة مع ارتفاع نسب البطالة؛ وتأثير الصراع لإقليمي على المستثمرين في المملكة

وعليها أيضاً أن تعيد النظر في طرق صرف مواردها الاقتصادية حتى تستطيع أن تجتاز الصعوبات والتحديات الاقتصادية التي تمر بها وحتى تتفادى المخاطر المختلفة الناجمة من سوء إدارة مواردها المالية.
 إن النمو الاقتصادي في الأردن تضرر كثيراً خلال السنوات السابقة مع ارتفاع نسب البطالة؛ وتأثير الصراع لإقليمي على المستثمرين في المملكة.
 الحل الأمثل لتسريع عجلة النمو الاقتصادي هو تحسين البيئة الاستثمارية في الأردن ، وزيادة الإنتاج المحلي وذلك بإصلاح المناخ الاستثماري بالتزامن مع إحداث تحسن في القدرة الشرائية للسكان سيكون دافعاً ومحفزاً لتحقيق مزيداً من المكاسب الاقتصادية في البلاد وتحسين الأوضاع المالية وتعديل الميزان التجاري.
الحكومة الأردنية لم تكن تقترض لدعم البنية الاقتصادية وتعزيز الإنتاج والصرف على البيئة الاستثمارية بالقدر الذي تنفق على البنود من رواتب ونفقات عامة وسداد مستحقات القروض وفوائدها، وهذا يجعل الأردن يقترض من أجل السداد لا من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاستثمارية والصرف على المشاريع التي تدر دخل وتزيد من إيرادات.

فما الجدوى إذن من الاقتراض في ظل غياب واضح للمشاريع الإنمائية في المنطقة؟ إن سياسة الاقتراض هي جزء من الأزمة المالية التي يعانيها الأردن، وكل الديون الجديدة هي ليست إلا أعباء جديدة على اقتصاد مثقل بالديون ستؤثر لاحقاً على القرارات السياسة في البلاد، فلا انفكاك بين استقلالية القرار الاقتصادي والسياسي.

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها