11 سبتمبر من زاوية أخرى

انطلاق الولايات المتحدة بمنهج إسبرطة في التعامل مع دول ضعيفة، لم يك ليرهب دول قوية أو دول لها برامج وأهداف.

مازال الحديث عن الحادي عشر من سبتمبر أيلول قائما، رغم أن أحداث هذا اليوم وما بها من قتل لملايين الأبرياء؛ وشوهت هوية أمة بأكملها.

وكأن انطلاقه لمخطط شامل تظهر نتائجه الآن في أمة ممزقة مرهقة؛  بالكاد تتأوه من الألم مدمرة حواضرها وذاكرتها التاريخية بعناية .

تشير إلى تغلب حقد المخطط على إخفاء الجريمة، والموصل ماثلة أمام أهلها الذين يحبونها أكثر من المال والولد، يلعنون كل من خطط وشارك في دمار مدينتهم وتاريخها ومازال يمنع إعادتها إلى الحياة، بمجموعة من عقليات مريضة لا يمكن قراءتها إلا بما سببته من دمار، والتي من الواضح أنها ليست فعلا منطقيا أو تخطيطا عشوائيا ليجعل أقدم المدن حاضرة نينوى حجرا على حجر.

وتمحى قدر المستطاع ذاكرتها التاريخية وتجانس نسيجها؛  وتعاونهم وتعايشهم الذي بنى سلوكية مدنية راقية وضرب مثلا في العلاقات الإنسانية التي يعبر عنها السلوك الاجتماعي بعيدا عن الشواذ مرضى العقول …

انطلاق الولايات المتحدة بمنهج إسبرطة في التعامل مع دول ضعيفة، لم يك ليرهب دول قوية أو دول لها برامج وأهداف

ليس من طيار بارع ولا حتى عبقري في الطيران يحقق نتائج مائة في المائة في إصابات بنقطة هندسية؛  قد لا يستطيع مصمم العمارتين أو الثلاث التي سقطت أن يحددها بدقة فما بالكم بالحديث عن متدربين في دورات تعلم قيادة الطيران لا أظن أن أحدا منهم سجل ساعات إقلاع حقيقية.

لأن وضعها ومكانها تغير حتما أثناء التنفيد والاستخدام، على افتراض تحقيق قوة Impact متزامنة بدقة في الأبنية، أنها لم تك مقبولة من أي مهندس مدني أو معماري ولو حتى مبتدئ، لا يمكن علميا وكما كُتب حينها أكثر المهندسين شهرة وخبرة أن يكون تدمير عمارتين بهذا الأسلوب المعلن والذي يتداوله الناس ببلادة رهيبة.

هذا الحدث بغض النظر عن مهندسه ومنفذه له تأثير في جانبين …

الأول:

في الولايات المتحدة نفسها، فهي منظومة أصحاب المصالح فيها تنوع محدث فتاريخ هذه الدولة حديث في عمر التاريخ هش البنية والتنوع يحتاج إلى عقول متفتحة لإبقاء النسيج مؤتلفا منتجا.

أنشئت بعد الحدث منظومةُ أمنيةٌ للداخل وصنفت المجتمع عمليا،  رغم كل الدعايات والأعلام المضلل لحقيقة أن هذا انقسام أحدثه الاختلاف الأيدلوجي؛  أتباع فكر متعصب يستند إلى رفض الأخر؛ ويظن أن الولايات المتحدة مادامت تمتلك القوة فهي تفرض الإذعان على الأخرين، هذه المنظومة الأمنية لن تقف إلى حد، بل ستستمر بإيجاد عمل لها يبرر وجودها واستمرا وظائفها أن لم يك في الخارج ففي الداخل.

أحداث ١١ سبتمبر

 

سنارة وضعت وكلما أزداد الحراك ألتف الخيط، لذا فتفكك المجتمع لا يفيد لعلاج الرعونة والكبرياء اللذين تتعامل بهما الإدارة الأمريكية مع الاحتجاجات التي كشفت واقع العنصرية وتعاظمها.

وهو منظمة من منظومة تنمية التخلف، التي ستتحد تدريجيا مالم تعالج، ولا ترقع وإنما بالعودة إلى حيث حدث الفتق لتسد مكانه، اتحاد المنظومات يشكل بعدا لمنظومة تنمية التخلف وانحدار ربما دراماتيكي في وقت ما؛ هم الآن عندهم حالة نكران لكن انهيار المدنيات ربما يكون سريعا ما لم تتمسك ببعد فكري حضاري، وهو مفقود في النظم الرأسمالية أو نظام (أصحاب المصالح).

الثاني:

البعد العالمي والدولي، وانطلاق الولايات المتحدة بمنهج إسبرطة في التعامل مع دول ضعيفة، لم يك ليرهب دولا قوية أو دولا لها برامج وأهداف، وإنما بدأت الحاجة للتمترس والتحالفات التي تجعل من الغرب الأوربي في خيار ما بين أحقاده وتهديد عوائده من دول أفريقية بل ومكانته كملاك ينتهي نفوذه بتغيير وكيله في البلد وهذا سيكون هينا على قوى لها حلفاء ممكن أن يقوموا مقامها ويعوضون نقصها كالكيان ودول الطاقة العربي.

الآن هناك كنتيجة طبيعية، خسارة ضمنية واستراتيجية لصالح دول خسرت مكانتها أو دول إقليمية.

وربما كان هذا بدافع النظام الرأسمالي الذي لا يتحمل الخسارة؛  فأوكل الأمور لمن استفاد منها بحصافة ومجانا لأن له أرضية في المنطقة، ممكن أن تزوده بآليات الهيمنة ولا يكلفه بناؤها، أما استنادا إلى أيدولوجيات عقدية أو إلى تعاملات تجارية تدخل الى الأسواق بصبر متحملة قلة الربح.

لتبني تأسيسا لها لمستقبل واعد فتحته الولايات المتحدة التي ارتبط حراكها بالدمار للحواضر والتسبب في الاضطهاد والتخلف والقهر من خلال تقييد أي حراك إصلاحي نحو الديمقراطية، التي زعمت أنها أتت لتنشرها، واقعا أن الديمقراطية آلية وليست ايدلوجية وأنها في الولايات المتحدة مصممة لحماية النظام بشكل أو آخر، فهي وسيلة إعطاء شرعية لكل السلبيات التي آتى بها الغزو الأمريكي.

المطلوب أن تراجع الولايات المتحدة سياساتها ؛ وأن تعيد ما دمرته مغامراتها، وأن تبني علاقاتها ليس على أيدولوجيات وهمية تستند إلى أساطير دينية وإنما بما أسست عليه من تفاعل رأس المال وواقع الدول الأخرى وإنهاء مظلوميات صنعتها وتمزق للشعوب وترميم قدرة الأمم

والذي استند إلى أحداث سبتمبر التي لا تبرر كل هذا في العقول السليمة ولا تصمد نظرية الحدث أمام الحقائق العلمية والهندسية بالذات

ما هو المطلوب إذا!!! المطلوب أن تراجع الولايات المتحدة سياساتها ؛ وأن تعيد ما دمرته مغامراتها، وأن تبني علاقاتها ليس على أيدولوجيات وهمية تستند إلى أساطير دينية وإنما بما أسست عليه من تفاعل رأس المال وواقع الدول الأخرى وإنهاء مظلوميات صنعتها وتمزق للشعوب وترميم قدرة الأمم على استعادة تراثها والتعامل معها وفق ثقافتها وليس مدى خضوعها.

فان هذا النوع من العلاقات الطفيلية الذي تمارسه بعض الدول الغربية ليس إنسانيا وليس به ديمومة، وربما يولد انفجار معاكسا يزيل مدنيات، فالعقلانية مطلوبة من الجميع وتبريد براكين الأرض ضروري جدا، فالعالم صغير وقد أثبت فيروس لا يرى بالعين المجردة أن العالم دائرة واحدة في مستوى واحد وأن تباعدت المسافات، ولعل كوفيد 19 يلتقي بالذكرى 19 فيغادرنا الأثنان.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها