خصوصية المسرح المغربي ..بين التفرد و العزلة

اعتدل رسم مشهد المسرح المغربي، واستقام خط وجوده بدايات القرن العشرين، مستكملا غزو أبو الفنون للبقاع العربية، خاصة بعد الحملة البونابرتية على مصر، وما حملته من فنون – إن استقام لنا هذا التعبير حديثا .  
عرف المغرب شأنه شأن باقي الأقطار العربية ممارسات مبكرة للشكل التجسيدي الممسرح.
 و “سلطان الطلبة” واحد منها، إذ دأب محفل الصناع التقليدين بالمدن العتيقة على تنظيمه موسميا احتفالا بتخرج فوج قشيب من حفظة القرآن.
 ويحمل هذا الاحتفال ظواهر فرجوية و تشخيصية و احتفالية طبعت وعي المتلقي، و وشمت ذاكرته الجمعية .
كما شكلت ” الحلقة ” فرجة فنية، قائمة الذات، لاحت في أتون الأشكال المبكرة للتمسرح، إضافة إلى خيال الظل، و الحكواتي، والأهازيج القبلية، وقصائد الملحون و متون الزجل…
 فكان من البداهة أن تسم – كل هذه الممارسات السالفة – نواصي النصوص المسرحية المغربية وحواشيها، لتبرز بشكل أنيق في العروض التمثيلية لهذا الفن – المستجد – حينها، أكسبته ( أي المسرح المغربي ) خصوصية فنية و تفردا في الممارسة عن باقي التجارب المسرحية العربية .

المسرح المغربي

    ترامت التجربة المسرحية المغربية على حقل شاسع من المواضيع، مما عجل بنهوض صرح المسرح المغربي دون لأي أو مشقة، فكيفت النصوص المسرحية المغربية الموروث الثقافي الغني كخصوصية بديعة، في قالب فني منهجي و حبكة منظومة.

و نشير هنا – من باب الأمانة المنهجية – إحالة على نص مسرحية ” الحراز ” لكاتبه المراكشي ” إدريس الشرايبى ” و مخرجها- الطيب الصديقي ، وهي بالمناسبة نص بليغ مع أغنية من فن الملحون لها نفس العنوان.

كما نشير أيضا إلى تجربة متأخرة – زمنيا – للمبدع ” سعد الله عبد المجيد ” الذي أستلهم أسطورة المتوسط ” إيسلي ” و ” تيسليت ” وهي قصة مشهورة بين سكان جبال الأطلس مألوفة بينهم، فهي تجسد واقعة حب بين ” تيسليت ” اي ” الزوجة ” و ايسلي ” وهو ” الزوج ” ضد الصراع القبلي المحتدم، مما دفع أبطال ” الأسطورة للانتحار في بحيرة تشكلت من آثار الدمع و البكاء ” مجازا ” .

 هل دفعت هذه الخصوصية المسرح المغربي إلى الإنعزال حينما اختفت أساليب الفرجة و أنماط التمسرح السابقة ؟

  لاشك أن هذه الخصوصية في المسرح المغربي، أكسبته – بامتياز – صفة التفرد و التميز عن نظيره قي باقي الأقطار العربية، لكنها أيضا – الخصوصية – بمنطق معكوس دفعته – دفعا – إلى العزلة الفنية الإجبارية ، بحيث يغيب التفاعل بين الإنتاج المسرحي المغربي و الجمهور العربي مما يدفعنا للتساؤل بشكل تلقائي :  
  هل المسرح المغربي هو مسرح موجه للمغاربة فقط ؟ –
   – ما الذي يمنع التجارب المسرحية المغربية من النجاح في دولة عربية أخرى كما هو حال المسرح المصري أواخر القرن الماضي ؟              
 – وهل دفعت هذه الخصوصية المسرح المغربي إلى الانعزال حينما اختفت أساليب الفرجة و أنماط التمسرح السابقة ؟

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها