صاحب المقام النسخة العربية من فيلم صهيوني

تجه بطل الفيلم للأضرحةِ واحدٍ تلو الأخر حتي يصل لمسجد الأمام الشافعي إمام أهل السنة والجماعة، ويقرر أن يكون رسول الشافعي لتحقيق أماني مريديه ، فيبدأ بطل القصة بفتح خطابات المريدين.

يقولون إذا عرف السبب بطل العجب، وهذا ما حدث حينما سمعت عن فيلم ”صاحب المقام ” ولكن عجبي لم يطول حينما شاهدت الفيلم، فمن أول ربع ساعة تكتشف الفكرة التي أراد  الكاتب إبراهيم عيسى أن يدخلها بعقول المشاهدين.

وكأن أولُ القصيدةِكفر اً كآخرها،  فمن المتعارف عليه أنه من باب الأمانة المهنية أن أي كاتب لابد أن يذكر أن كانت روايته  مقتبسة من قصة أخرى أو مترجمة إذا كانت كذلك .
ولكن هذا ما تجاهله الكاتب وتعامل وكأن القصة من بنات أفكاره وليست مقتبسة من الفيلم الإسرائيلي ”مكتوب“ الذي عرض في 2017 ويعد من أشهر افلام الكيان الصهيوني خلال الفترة الماضية.

وهو فيلم كوميدي عرض عبر منصة نتفليكس يحكي عن لصين ينجوان من الموت بأعجوبة فيقرران شكر الله بالذهاب لحائط المبكى (البراق) ليتبركا به، وهناك خطرت لأحدهما فكرة، أن يقوموا بتحقيق أمنيات بعض الناس الذين يكتبون أمانيهم بمكاتيب يضعونها في شقوق حائط المبكى (البراق)، مطالبين تحقيقها وهي عادة من عادات  التصوف اليهودي؛ وتدور أحداث الفيلم في تحقيق تلك الأمنيات مما يتسبب بإنقاذ حياتهما مرة أخرى.

أما في فيلم صاحب المقام؛ فبدل اللصين رجل أعمال مهمل لأسرته مدمن لعمله ليس للبشر قيمة عنده، يريد تنفيذ مشروعه الخاص لكن العائق الوحيد فيه وجود ضريح أو مقام لأحد الأشخاص بأرض المشروع فيقرر هدمه لإتمام مشروعه فيعترض أحد العاملين معه ويحذره من غضب الأولياء وانتقالهم ممن يضرهم.

أبطال فيلم صاحب المقام

 

ولكنه يمضي بمشروعه ويقوم بهدم الضريح فتتوالى عليه الكوارث، ولكنه كان يرفض ربطها بما فعل؛ حتى تسقط زوجته في غيبوبة يعجز الطبيب عن معرفة السبب، لتظهر “روح” وهي أحدى الشخصيات في القصة قائلة: “راضي اللي زعلانين منك” .

فيفهم أن كلامها مقصود به الأولياء وبدلا من إتجاه لصا فيلم مكتوب لحائط البراق؛ يتجه بطل الفيلم للأضرحة واحد اً تلو الأخر حتي يصل لمسجد الأمام الشافعي إمام أهل السنة والجماعة، ويقرر أن يكون رسول الشافعي لتحقيق أماني مريديه ، فيبدأ بطل القصة بفتح خطابات المريدين المستغيثين بالأولياء ويذهب لكل منهم يخبره بأنه رسول الأمام الشافعي جاء ليحقق أمانيه ويظل هكذا حتى يرضى عنه الأولياء وتفيق زوجته من الغيبوبة وتستقر حياته طبعا ببركة الأولياء.

هنا جعل إبراهيم عيسى رسالة فيلمه أن الحل السحري للخروج من الأزمات يكمن في اللجوء واسترضاء لأصحاب المقام وليس اللجوء لله

يتجه بطل الفيلم للأضرحة واحدا تلو الأخر حتي يصل لمسجد الأمام الشافعي إمام أهل السنة والجماعة، ويقرر أن يكون رسول الشافعي لتحقيق أماني مريديه ، فيبدأ بطل القصة بفتح خطابات المريدين المستغيثين بالأولياء ويذهب لكل منهم يخبره أنه رسول الأمام الشافعي

ويحمل الفيلم رسالة مضمونها  زرع خرافة أن الأولياء لهم سطوة على البشر ويتحكمون بمقادرهم ؛من نفع وضر ومرض وصحة فجعلهم شركاء لله في خلقه يفعلون بهم ما يريدون.

والإيمان بقوة الأولياء وقدرتهم ليس مقصور على المجتمعات الفقيرة التي أكل من عظامها الفقر والجهل والمرض؛ بل حتى صفوة المجتمع من رجال الأعمال أو ما تمثله شخصية روح التي أراد أن تكون رمزاً لشخصيات كثيرة من فئات المجتمع وصديق والد البطل الذي تفرغ ليصبح في خدمة الأمام الشافعي الجميع يجزم بتلك القدرة.

ثانيا: الاستغاثة بالأضرحة والأمام الشافعي يعد إشارة شيطانية عجيبة تجمع بين الأقطاب الأربعة للصوفية وبين الشافعي إمام أهل السنة والجماعة وكأنه يلبس هؤلاء الأربعة عباءة الإمام ليخلط الأمور ببعضها ليضل الناس بجعل سطوة الأولياء وقدرتهم من السنة وإن كل منتقد لتلك البدع هو خارج عن النهج السني الصحيح.

ثالثا: ينتهي الفيلم بانتصار ساحق للأولياء؛ وخضوع تام من البطل واعتراف صريح بسطوتهم وقدرتهم على النفع والضر وتمثل ذلك في إعادة بناء الضريح مره أخرى.

رابعا: فكرة الأولياء وكرامتهم ما هي إلا صورة مستنسخة من التصوف اليهودي المشتق من الكابالا اليهودية فليس فقط الفيلم مقتبس من فيلم للكيان الصهيوني، بل أظهر أن التصوف إن خرجا من مشكاة فكلاهما له نفس الأفكار والطقوس مثل: طبيعة الروح، والأسرار الطريقة لا يعلمها إلا الخاصة، فأطلق على العارفين بأسرار الكابالا لقب “العارفون بالفيض الرباني” كما هو الحال في الفيض الإلهي عند التصوف الإسلامي.

كذلك تحرر الإنسان من سجن الجسد يحرره من قيود المادة ويمنحه المعرفة الربانية.

والحماية من (قوى الشر) المحيطة بالإنسان بالتعاويذ والسحر وكلمة قوى الشر من أكثر الكلمات استخداما عندهم(من يردد تلك الجملة كثيرا عندنا الأن)؟

يؤمنون بتناسخ الأرواح وأن روح الإنسان أزلية لا تنتهي بالموت (تتجلى تلك الفكرة عند الذين يؤمنون بالأولياء واجتماع الأقطاب الأربعة كل عام لتقدير شئون الخلق)، الصلاة بانتشاء والتمايل مع الذكر حتى الثمالة.

يريد الفيلم أن يثبت أن بعض المعتقدات الصوفية التي تندرج تحت البدع والضلالات على أنها من صحيح ديننا فيحصره في طقوس وتعلق بغير الله ليزيد من تغييب الفكر والوعي

لكل منهم أضرحة وأولياء ينذرون لهم ويتبركون بهم حتى أن بعض الأولياء أنفسهم مختلف عليهم هل هو يهودي أم مسلم مثل أبو حصيرة في مصر وفي المغرب خمسة أضرحة يقصدها المسلمون واليهود معا.

باختصار يريد الفيلم أن يثبت أن بعض المعتقدات الصوفية التي تندرج تحت البدع والضلالات على أنها صحيح ديننا فيحصره في طقوس وتعلق بغير الله ليزيد من تغييب الفكر والوعي ولكنه يفعل ذلك بخبث شديد مستخدماً أشد الأدوات فتكاً في العصر.

وهكذا نجد أن الكاتب لم يقم بنقل فيلم صهيوني فقط بل نقل معه معتقد سادته

وبرغم ما حققه الفيلم من نجاح إلا أن كاتبه لم ينجح في إرتداء ثوب الواعظ فيخفي الأنياب المتربصة،فلا يمكن أن تشاهد هذا الفيلم إلا وتذكر تلك الابيات

برز الثعلب يوماً في ثياب الواعظينا…ومشى في الأرض يهدي ويسبّ الماكرين

مخطئٌ من ظنّ يوماً أنّ للثعلب دين.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها