ماذا لو لم تفض رابعة؟

ماذا لو لم تفض رابعة ؟ هل كان يعني ذلك بطريقة أو بأخرى استمرار حكم مرسي بنفس الطريقة التي كان يدير بها الأمور في مصر هو ومن معه؟

تحل علينا في هذه الأيام ذكرى فض رابعة  العدوية (الحدث الأعظم الذي شهدته مصر في القرن الأخير).
هذه الذكرى التي تعد حدثا سعيدا على معظم كارهي ثورة يناير؛ بينما هي الحدث الذي أدمى و يدمي قلوب السواد الأعظم ممن دعموا ونادوا وخرجوا مع ثورة يناير.
في مثل هذه الأيام وقف الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي ليخطب بكل قوة وغضب لأول مرة منذ أن تولى الحكم؛ وفي خطاب مذاع على الهواء مباشرة ليقول جملته الشهيرة :“ ليعلم الأبناء بأن أباءهم لم يقبلوا الضيم“، وظل حديثه غامضا حتى بعد وفاته لم يعلم الكثيرون ما الذي كان يعنيه مرسى بهذه الجملة وغيرها من الإشارات التي حملها خطابه الأخير قبل إعلان الانقلاب العسكري عليه وعزله واحتجازه حتى مماته.

ويظل السؤال بدون إجابة الآن، وبعض الأسئلة إذا عرفت إجابتها، عرفت أسباب وجودها.
والسؤال هو ماذا لو لم تفض رابعة؟ أو حتى فشل فض رابعة؟  هل كان يعني ذلك بطريقة أو بأخرى استمرار حكم مرسي بنفس الطريقة التي كان يدير بها الأمور في مصر هو ومن معه؟ أم إن الزمن وقت رابعه كان قد تخطى  مرسي بالفعل وأن عودته للحكم كان شيئا مستحيلا؟

جانب من المعتصمين خلال فض اعتصام رابعة العدوية

معظم خطابات منصة رابعه كانت تؤكد عن قرب رجوع مرسي للحكم وبأن عودته هي شيء مؤكد؛ وبأن هناك الكثير من المفاوضات والوسطاء وبأن العسكر الآن مهتزون وخائفون وبأن النصر قريب.

حدثت مجزرتا المنصة والحرس الجمهوري؛ ومع كل مرة كان خطاب المنصة يتصاعد بأن كل هذا يزيد الإصرار على عدم التراجع عن عودة مرسي للحكم.

فما الذي كان سيحدث لو عاد مرسي للحكم؟ حكم مرسي عاما واحدا مليئا بالتخبط واستطاع أحيانا ولم يستطع أحيانا أخرى بأن يضبط معارضيه أو يتوصل معهم لاتفاق، أو يسعوا هم للتوافق معه؟
بل إن السيسي نفسه في أول حكمه كان متخبطا هو الآخر، ولم يضبط الكثير من معارضيه حتى استطاع السيطرة على مقاليد الأمور، وفعل ما فعل في معارضيه. فهل لو كان تمكن مرسي من الحكم كان سيفعل مع معارضيه مثل السيسي؟ ومرة أخرى نسأل ليس في فترة التخبط بل عند التمكن من الحكم؟

ماذا لو لم تفض رابعة؟ أو حتى فشل فض رابعة؟  هل كان يعني ذلك بطريقة أو بأخرى استمرار حكم مرسي بنفس الطريقة التي كان يدير بها الأمور في مصر هو ومن معه؟ أم أن الزمن وقت رابعه كان قد تخطى  مرسي بالفعل وأن عودته للحكم كان شيء مستحيل؟

في أيام رابعة كانت الصلوات والابتهالات ليل نهار وعلى شاشات التلفاز وشاهدت مصر ومعها كل العالم أيام رابعه يوما بيوم؛ بل شاهد الجميع مجزرتي المنصة والحرس الجمهوري اللذين أزهق فيهما العشرات من الأرواح تمهيدا للمذبحة الكبري وربما تحذيرا من قدومها دون أن يفهم أحد.

كان قادة الإخوان الذين يتكلمون مع الأطراف الأخرى يعلمون بأن هاتين المجزرتين، وصمت العالم عنهما يعني بأن مرسي لن يعود لأن بكل بساطة عودته تعني عقاب العسكريين الذين انقلبوا عليه وبأن هؤلاء العسكريين ماضون في طريقهم مهما كلفهم الأمر.
وبالتالي كانت خطابات رابعه تزداد حدة وصرامة بأننا ماضون نحن أيضا في الطريق.
العسكر يكملون طريق السيطرة على كرسي الحكم؛ وحكم البلاد بالطريقة التي يريدونها، والإخوان يريدون العودة واستكمال الطريقة التي حكموا بها بل زيادتها صرامة وقوة.

والعسكر محميون في أنصارهم وهم بالملايين والإخوان أيضا.
انقسمت البلاد وانقسمت معها البيوت والشباب؛ انقساما يبدو أنه لا رجعة فيه وما زال بعد مرور سبع سنوات.
 فهل حقق اعتصام رابعة ما كان مرجوا منه؟ وهل كان هناك ضرورة من الأصل لرابعة ؟

فض اعتصام رابعة العدوية

وهل كان يمكن التفاوض بشكل آخر والخروج بأقل الخسائر الممكنة خصوصا بعد مجزرتي المنصة والحرس الجمهوري؟
هل كانت مصر ستكون أفضل لو كان هناك حل أفضل مما حدث؟ أم إنه لم يكن هناك أي طريق سوى كل هذه الدماء التي سالت؟
هل عاند الإخوان أم عاند العسكر؟ أم عاند الإثنان معا؟ ومن الذي دفع ويدفع الثمن ؟
هل آهات المصابين وآهات أهالي الشهداء من رابعة والنهضة  ومن العسكريين في كل أرجاء الوطن هل كانت فعلا محتمة؟ أم كان يمكن تجنبها؟
هل لو كان قادة العسكر أشخاصا آخرين، وقادة الإخوان أناس آخرين، هل كان يمكنهم التوصل لحل وتجنب كل هذه الآلام التي عاشتها وتعيشها البيوت المصرية من كل الأطراف.
الآن وقد وقعت رابعة وهي حدث ليس بالسهل!! والآن وبعد ٧ سنوات مصر  وإن كلها مازالت تعاني من ألمها وأثرها ؟
 فهل نحن كمصريين تعلمنا الدرس!! ووعينا بأننا يمكننا كأفراد أن نتقبل الآخر ونعيش سويا بعيد عن أي دماء.

 وأن حياة الإنسان هي أثمن شيء! وبأننا لا يجب أبدا أن ننصاع لأوامر القيادات إذا كانت تخالف فطرتنا الإنسانية؛  أينما كانوا يدفعوننا إلى الموت أو إلى قتل الآخرين لمجرد دعم حكمهم وبقائهم في الحكم.
 وبأننا جمعيا يمكنا التخلي أو التنازل عن السلطة  تجنبا للدماء؛  أم إن الأجيال القادمة لم تتعلم الدرس بل ازدادت عندا وشراسة وغلا وقد تشبعت بخطابات الكراهية المستمرة بين الطرفين.
هل انتهت رابعه وتعلمنا الدرس أم أننا في انتظار رابعة أخرى وأخرى.  
كل الدعوات لكل المصابين من المصرين كلهم بتخفيف الألم، فجرح ما حدث غائر في قلوب الأغلبية لم يشف بعد، وكل أهالي الشهداء من كل المصرين بالصبر والرحمة وكل الدعاء لمصر بأن يشفي الله الوطن.

المقال باسم مستعار 

ونحن نتحفظ على ذكر هوية الكاتب خوفا مما يتعرض له من خطر نظرا لأنه رهن الاعتقال.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها