مزاد البطولات السعودية

أكبر معضلة في الكرة والرياضة السعودية بشكل عام هي معضلة توثيق البطولات، فلك أن تتخيل أن هذا الدوري بكل ما يملك من قوة و إثارة وندية لم تستطع الجهات القائمة عليه من توثيق بطولاته.

لا يختلف اثنان على أن الدوري السعودي لكرة القدم هو الدوري الأكثر إثارة في المنطقة العربية بل بمنطقة الشرق الأوسط، بل هو الدوري الأكثر شراسة و قوة كذلك، والأكثر متابعة بين دوريات المنطقة.

و قد اكتسب الدوري السعودي هذه الصفات لكثير من الأسباب، و لعل في مقدمتها كثرة الفرق المنافسة وتقارب مستوياتهم و الندية بينهم، بجانب جودة اللاعبين سواء المحليين أو الأجانب.

ومع جودة وكثرة الملاعب،توالت  المفاجأت في نتائج الدوري و غيرها الكثير الكثير من الأسباب التي نصبت هذا الدوري ملكا على دوريات و مسابقات المنطقة، و جعلته قبلة لعشاق الساحرة المستديرة.

والمتابع للكرة السعودية يعرف جيدا قيمة هذا الدوري، ومدى الأهمية و المتابعة التي يحظى بها سواء في المملكة العربية السعودية أو في المنطقة العربية بصفة عامة.

إضافة لكل ذلك فإن الدوري السعودي ينفرد بميزة و خاصية عن كل الدوريات و المسابقات الكروية في العالم، فالجدل في كرة القدم عادة يكون حول التحكيم أو حول أفضلية نادٍ عن آخر وجودة لاعب عن الثاني؛  لكن الدوري السعودي انفرد بميزة مزاد البطولات.

وبصفتي متابع جيد للدوري السعودي أرى أن أكبر معضلة في الكرة والرياضة بالسعودية بشكل عام هي معضلة توثيق البطولات، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن هذا الدوري بكل ما يملك من قوة و إثارة و ندية لم تستطع الجهات القائمة عليه من توثيق بطولاته.

و لو عدنا للتاريخ نجد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم قد تم تأسيسه عام ١٩٥٦م، و في عام ١٩٥٧ انطلقت بطولتا كأس الملك و دوري المناطق، و ظل الحال على ما هو عليه حتى أعلن الاتحاد السعودي عن انطلاق الدوري الممتاز عام ١٩٧٦م بمسمى الدوري الممتاز حيث سبقه بعام ما سمي بالدوري التصنيفي و الذي تم على أساسه توزيع الفرق المنافسة على درجات الدوري المختلفة.

وقد مر الدوري السعودي بالعديد من المسميات، مثل الدوري الممتاز و الدوري السعودي للمحترفين و دوري زين و دوري جميل حتى وصل للصورة التي عليها هو الآن بمسمى دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، و قد تغير نظامه مع بداية التسعينات من القرن الماضي ليصبح الحسم فيه عن طريق المربع الذهبي ثم عاد لنظام النقاط في عام ٢٠٠٧م.

أكبر معضلة في الكرة والرياضة السعودية بشكل عام هي معضلة توثيق البطولات، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ أن هذا الدوري بكل ما يملك من قوة و إثارة و ندية لم تستطع الجهات القائمة عليه من توثيق بطولاته.

ولنعد لانطلاق الدوري الممتاز والذي دشن معه  عهدا جديدا لكرة القدم السعودية، و أعلن انطلاق تصنيف جديد للبطولات باعتبار ان بطولة الدوري هي بطولة جديدة و ليست امتدادا لدوري المناطق، وهذا ما أقره  أكثر رؤساء الأندية في تلك الفترة، حيث وثقت الكثير من المقابلات مع رؤساء أندية كبرى في المملكة أفادوا فيها بأن انطلاق الدوري كان في عام ١٩٧٦م.

في أواخر التسعينات من القرن الماضي وأوائل القرن الحالي ظهرت موضة جديدة في الكرة السعودية، وهي موضة مزاد البطولات، خصوصا بعد أن أصبحت تظهر فجوة كبيرة في عدد البطولات بين الأندية، مما جعل جماهير الأندية المتأخرة تتجه إلى احتساب بطولات دوري المناطق على أنها بطولات دوري ممتاز، مما فتح الباب على مصرعيه للمزايدات بين جماهير تلك الأندية، بل إن بعضهم انبري لنسب بطولات وهمية لا أساس و لا وجود لها.

وفي خضم هذا المزاد العلني و الضخم في البطولات، و زخم المزايدات بين جماهير الأندية ذات الجماهيرية الكبرى في المملكة، و في ظل غياب الجانب الرسمي الحاسم للأمر، توجهت الأندية الكبرى لتوثيق بطولاته في الفيفا، وذلك حفظا لحقوقها وحقوق جماهيره و هذا لم يقم به إلا قليل من الأندية.

هذا اللغط و هذا الاختلاف و هذا التنافس الوهمي، فتح الباب للكثير من التساؤلات، مفادها من هو المستفيد من كل هذا الجدل و الزخم المحيط به؟خصوصا في ظل الصمت الرسمي للجهات القائمة على الدوري السعودي.

هل هناك ضغوطات تمارس على القائمين على الكرة القدم السعودية لترك الوضع على ما هو عليه، أم أن هذه الجهات تعتبر هذا الأمر هو أحد أسباب الإثارة التي قد تضفي على المسابقة المزيد من الاثارة و الزخم

ولماذا تغض هذه الجهات النظر عن موضوع بهذه الأهمية؟ و لما كل هذا الصمت حياله حتى يومنا هذا؟
وهل هناك ضغوطات تمارس على القائمين على الكرة القدم السعودية لترك الوضع على ما هو عليه، أم إن هذه الجهات تعتبر هذا الأمر هو أحد أسباب الإثارة التي قد تضفي على المسابقة المزيد من الاثارة و الزخم؟ و هل سيأتي يوم يخرج فيه رجل شجاع يوقف كل هذا اللغط فيوثق البطولات و يعطي  لكل ذي حق حقه و يعرف كل فرد قدره؟

التاريخ يروي لنا أن كل محاولات التوثيق السابقة باءت بالفشل، إذ إن هناك أسماء وجهات لا يروقها موضوع توثيق البطولات، وتعمل جاهدة على أن يبقى الأمر كما هو عليه، لأسباب لا يعلمها إلا هم، مما يجعل موضوع التوثيق أحد أهم التحديات لوزير الرياضة السعودي الأمير تركي الفيصل المطالب بوضع حد لهذا الوضع الهزلي.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها