كيف نهضت اليابان من ركام الحرب لتصبح ثالث أقوى اقتصاد في العالم؟

من السمات المميزة للاقتصاد الياباني أثناء سنوات “المعجزة الاقتصادية”: هو التعاون بين المصنعين والموردين والموزعين والبنوك في جماعات مترابطة يطلق عليها اسم كيرستو.

المعجزة الاقتصادية اليابانية.. هو الاسم الذي يطلق على الظاهرة التاريخية في اليابان للفترة القياسية للنمو الاقتصادي والتي بدأت عام 1955 وحتى عام 1990 .
 فقد قدر إجمالي الناتج المحلي في اليابان عام 1965 بما يزيد على 91 مليار دولار أمريكي. وبعد خمسة عشر عامًا، أي عام 1980، ارتفع إجمالي الناتج المحلي ما قيمته 1.065 تريليون دولار أمريكي .   
حيث أصبح الاقتصاد الياباني تجربة ملهمة ورائدة في العالم أجمع ، يستشهد بها خبراء الاقتصاد والتنمية، وتعقد الندوات والمؤتمرات والوقوف على أسباب نجاحها وكيفية تطورها .
 ففي عام 1945 دمرت الولايات المتحدة الأمريكية مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين لضمان استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية , وبالفعل استسلمت اليابان واستيقظ اليابانيون على واقع دمار هائل شمل 67 مدينة يابانية وخلف دمارا لحق بـ 51% من العاصمة طوكيو وحدها .

اليابان

لكن بعد عقود قليلة من الزمن كانت كفيلة بتحويل اليابان إلى قوة اقتصادية لا تضاهيها إلا الولايات المتحدة الأمريكية (قبل صعود الصين للمرتبة الثانية حاليا) التي كانت في وقت لاحق تبحث دروس النهضة الاقتصادية اليابانية .
 كيف نهضت اليابان من ركام الحرب إلى ثالث أقوى اقتصاد في العالم؟ لقد كانت تلك المعجزة الاقتصادية نتيجة استفادة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وألمانيا الغربية من الحرب الباردة. ولقد حدثت هذه المعجزة جزئيًا نتيجة المساعدات والمعونة التي قدمتها الولايات المتحدة . ولكن نتجت هذه المعجزة أساسًا نتيجة التدخل الاقتصادي للحكومة اليابانية.

من السمات المميزة للاقتصاد الياباني أثناء سنوات “المعجزة الاقتصادية”: هو التعاون بين المصنعين والموردين والموزعين والبنوك في جماعات مترابطة يطلق عليها اسم كيرستو

فقد حققت الولايات المتحدة وجودًا قويًا في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية بهدف تعطيل زحف النفوذ السوفيتي في المحيط الهادئ. ولقد كانت الولايات المتحدة معنيةً أيضًا بالنمو الاقتصادي في اليابان , فقد كان هناك تهديد بأن الشعب الياباني التعيس والفقير بعد الحرب العالمية الثانية سوف يتحول إلى الشيوعية وإن حصل ذلك سيضمن هذا سيطرة الاتحاد السوفيتي على المحيط الهادئ .
– من السمات المميزة للاقتصاد الياباني أثناء سنوات “المعجزة الاقتصادية”:  التعاون بين المصنعين والموردين والموزعين والبنوك في جماعات مترابطة يطلق عليها اسم كيرستو (مجموعات الأعمال) واتحادات نقابات الصناعات القوية وشانتو (الأجور السنوية) المميزة والعلاقات الطيبة مع الموظفين الحكوميين وضمان العمل طوال العمر (شوشين كويو “العمالة الدائمة في اليابان”) في الشركات الكبيرة . وفي المصانع العمالية المنظمة جدًا.
 لقد انبثقت هذه المعجزة الاقتصادية أساسًا نتيجة السياسة الاقتصادية اليابانية، لا سيما من قبل وزارة الصناعة والتجارة الدولية.
 لا شك بإن اليابان نجحت بإدارة نهضتها الاقتصادية منذ البداية , من خلال التخطيط الناجح للدولة : بضبط التنافسية وتوزيع الثروة وعدم ترك زمام البلاد رهنا للسوق.

  وفيما يلي نتائج المعجزة اليابانية ولما وصلت له وحققته من صعود ونهوض  :

– عدد السكان : 128 مليون نسمة
– المساحة : 377,944 كم²
– متوسط العمر 83.98488 سنة (2016) , ومعدل الخصوبة 1.4 لكل امرأة .
– التعداد السكاني (2017) 126,860,000  نسمة .
– تتكون اليابان من 6852 جزيرة , وتعد معظم أراضيها غير خصبة , وتتعرض سنويا لـ 1500 زلزال .
– تملك الاقتصاد الثالث في العالم بعد امريكا والصين .
– 1 تريليون دولار موازنة اليابان لعام  2020 .
– الناتج المحلي الياباني في عام 2016 بلغ 4.9 تريليون دولار .  
– استهلاك اليابان من النفط يوميا بلغ 4.530 مليون برميل يوميا في عام 2018 .
– 20 % من القوى العاملة يشغلها قطاع السيارات والقطاع الصناعي الثقيل
– 20 % يستورد احتياجاته من البضائع من قطاع السيارات والقطاع الصناعي الثقيل من الصين
– 25 % يساهم قطاع السيارات في الناتج القومي الاجمالي .
– لليابان من الديون السيادية الامريكية  تريليون و 224 مليار دولار وفق عام 2019 .
– يُشكل صيد السمك فيها 15% من إجمالي الصيد في العالم .
– تحتل المرتبة الرابعة في الواردات والصادرات في العالم .
– سجلت 26 ألف حالة انتحار في 2017 .
– متوسط معدل تأخر القطارات اليابانية هو 18 ثانية .
– لا تتجاوز معدلات البطالة فيها 4% .
عام 2018  أصبح متوسط دخل الياباني 39.290 ألف دولار
مظاهر وأثار المعجزة؛ إن قصة دولة صعدت إلى مصاف كبريات الدول في حكاية دراماتيكية حقيقية .

 لا شك بإن الأخلاق والثقافة والتخطيط السليم ثم الإجتهاد هما كلمة السر الأساسية في المعجزة اليابانية , حتى غدت اليابان” يابانا ” وأن من راهنوا على أفول شمس اليابان وزوالها، فإن شمسها ما زالت تشرق .

فبعد نهضة ميجي وانكسار الحرب العالمية الثانية، وقفت اليابان على قدميها في ما يشبه المعجزة، فهي الدولة الوحيدة التي ضربت بقنبلتين ذريتين ونجت وداوت جراحها، وأصبح الفرد الياباني فيما بعد : مضرب المثل في العمل والتفاني والسعادة .
ويكفينا حديث الكثيرين – ولو أن فيها بعض المبالغة – عن اليابان ( التي تزدهر طرقاتها بالنظام والنظافة، الدقة في المواعيد، الخدمات المتوفرة، الوزراء النزيهون الدين يعتذرون للشعب بسبب انقطاع الكهرباء أو لأن مسنة يابانية تعدى عمرها 124 سنة لا تحسن قراءة اسمها فيستقيل الوزير، شعب مسالم ومضياف يقدس تقاليد الضيافة للغرباء ، مؤشرات نمو قياسية، عقول عباقرة يصنعون الرجال الآليين في وقت الفراغ ) .
 لا شك بانه منذ بداية التسعينات أصبح الاقتصاد الياباني يمر بمشكلة مزمنة تتمحور في التباطئ الشديد بمؤشرات نموه الاقتصادي؛ وعجزه من الخروج من هذا الجمود وهذه القوقعة .
ومع ذلك فإن أثر المعجزة الاقتصادية ما زالت ماثلة أمامنا حتى يومنا هذا؛ وأصبح العالم ينتظر بشغف ولهفة ما تنتجه الشركات التكنولوجية اليابانية من منتجات واختراعات جديدة ليقلدوها، وغدت التكنولوجيا الحديثة مربوطة باسم اليابان .

وختاما، لا شك بإن الأخلاق والثقافة والتخطيط السليم ثم الإجتهاد هما كلمة السر الأساسية في المعجزة اليابانية، حتى غدت اليابان” يابانا “، وأن من راهنوا على أفول شمس اليابان وزوالها , فإن شمسها ما زالت تشرق .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها