دور الحراك الطلابي في التغيير

عدد الشباب المصريين في الفئة العمرية من 18 عاما إلى 29 عاما بلغ 20.2 مليون شاب حسب تقديرات جهاز الإحصاء

برز الدور الأهم للطلبة الشباب في المجتمعات العربية مع اندلاع الربيع العربي واشتعال فتيل الثورات. كان العبء الأكبر والهم الأثقل ملقى على عاتقهم في الثبات والاستمرار في الساحات.

كانت خمسينيات القرن الماضي بمثابة عقد ابتعاث وتجدّد شهدته الحركة الطلابية في مختلف دول العالم، تحول ملحوظ وتغير ملموس في تكوين وإنشاء الحركات والتجمعات الطلابية.

منذ ذلك الحين ازدادت مساهمات الحركة ومشاركاتها في العمل السياسي والمدني، كما سجّلت حضوراً أكبر ومشاركةً أوسع في ميادين المجتمع والحياة المدنية.

يحفل تاريخ الحركة الطلابية العربية بقصص الكفاح ومواقف البطولة والتضحيات الشديدة المبذولة لنيل الاستقلال وطرد الاحتلال والدفاع عن البلاد.

كما ماضيها، فحاضرها عامر زاخر، شهدناه بالتجربة المعاصرة متمثّلٌ في نضال الحركة الدائب لتحقيق العدالة والاستقامة ونيل الحقوق والحريات، وذلك في مساهمتها واشتراكها في ربيع الثورات وحركات الإصلاح في مختلف بلدان العالم، والبلاد العربية منها خصوصاً.

تنبع أهمية الحراك الطلابي في عملية التغيير من مادته البنيوية القائمة على فئة الشباب، واستقلاله السياسي عن الأحزاب وجماعات المصالح، وطاقاته الهائلة وطموحاته العالية.

مسيرات الربيع العربي

 

كما تكمن أهميته في رؤيته الوطنية ورسالته الشعبية التي بهما يؤطِّر و لأجلهما تكون كلّ أعماله وأهدافه. في الحراك الطلابي آمال لا تؤمّل من سواه وغايات لا ترجى من غيره، ومطالب سامية و مرادات عالية لا تنال وتطال إلا به وبمشاركته.

ذلك أن الشباب هم أصحاب القوة الحقيقية في البناء والتغيير والإصلاح، وهم أكثر من غيرهم قدرة واستطاعة على تحمِّل الأعباء والصبر على الشدائد والمصائب التي تتولد جراء عملية التغيير.

ولمّا وُجِد فيهم الشيء الكثير من الحماس والجرأة والإخلاص، وروح المبادرة وحبّ التضحية والعمل والبذل والعطاء، كذا التحرّر من القيود والتقاليد والأعراف المجتمعيّة التي قد تعيق حركتهم وتقيّد تطلعاتهم، لمّا وُجِد فيهم ما سبق ذكره وقلِّ وضَعُف نظيره في سواهم من فئات المجتمع، كان لهم الدور الأهم والاحتياج لاستمرار سيرورة التغيير ومسار الإصلاح في كل عصر ومصر.

برز الدور الأهم للطلبة الشباب في المجتمعات العربية مع اندلاع الربيع العربي واشتعال فتيل الثورات، كان العبء الأكبر والهم الأثقل ملقى على عاتقهم في الثبات والاستمرار في الساحات والتظاهرات في مواجهة قوات الأمن والجيش خوفاً من وأد الثورة وتقتيل ثوارها.

كما تكمن أهمية الحراك في أهمية وحاجة عمليات التغيير وافتقار حركات التجديد والإصلاح إلى العلم والتعليم، ولمّا كان الحراك هو الجامع الأكبر لفئة الشباب المتعلّم، حاز المكانة الأكبر والاهتمام الأكثر دون غيره من الحركات والتجمعات.

وللفئة الطلابيّة سمة تميّزها عن غيرها من فئات المجتمع، ذلك أنها فئة جيلٍ جديد، وبطبعه يميل كلّ جيّل جديد إلى الجدّة في المفاهيم والأفكار والتطلعات، وإلى تحقيق مساحة أكبر من الاستقلالية والحرية؛ ممّا يتولّد عنه سعيٌ دائب وحركة مستمرة وباعث متجدّد لإحداث التغيير والتبديل والتأكيد عليهما بالقول والعمل.

كما أن المكانة الفريدة للطلاب داخل المجتمع، وطاقة الشباب الذي فيهم، وما يشكّلونه من قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية تجعلهم قوام أي تغيير ومحوره المفصلي ومركزه الرئيس كما بينا أسباب ذلك في جملة ما ذكرناه آنفاً.

برز الدور الأهم للطلبة الشباب في المجتمعات العربية مع اندلاع الربيع العربي واشتعال فتيل الثورات. كان العبء الأكبر والهم الأثقل ملقى على عاتقهم في الثبات والاستمرار في الساحات والتظاهرات في مواجهة قوات الأمن والجيش خوفاً من وأد الثورة وتقتيل ثوارها.

عشر سنوات على الربيع العربي، سجّل خلالها الحراك -في مختلف دول الثورة العربية –مواقف مشرِّفة وقدّم وبذل في سبيل قضيته الغالي والنفيس من أيام عمره وسنوات دراسته وتأخره الجامعي.

تنوعت نشاطات الحراك، فلم تقتصر مشاركته على الساحة السياسية أو العسكرية -كما اقتضت الحاجة في بعض البلدان-، بل دخل كلّ المجالات ونشط في جميع الميادين كالإغاثية والطبية والإنسانية والمدنية والخدمية وترك أثراً كبيراً يلحظ حتى اليوم.

نجاح عملية التغيير ونقل المطالب من القول إلى العمل وإحداث التبديل المأمول لا يقتصر ويتوقف على مشاركة فئة الطلاب الشباب وحدهم دون غيرهم، إنما يُعوّل عليهم في حمل العبء الأكبر من العمل، ويُطمئن إلى حيويتهم ونشاطهم وحركتهم في إبقاء فتيل التجديد وروح التغيير عامرين بالحياة والأمل.

يكون النجاح في تضافر الجهود وتكامل القوى وتعاضد السواعد، بين الكبار والصغار، والشباب والشّيب، بفتوَّة وقوة ونشاط الأول، وحنكة وخبرة وتدبير الثاني.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها