13 سببا ليسقط حكم العسكر!

عناصر من الجيش المصري في سيناء
أفراد من الجيش المصري في سيناء

المؤسسة العسكرية ضرورة حتمية في أي دولة حديثة كباقي مؤسسات الدولة،وبالتالي فالسبب الأول لاحترامها والسعي للحفاظ عليها يتمثل في الإحتياج لدورها مثلها مثل باقي المؤسسات .

١-هل تحب المؤسسة العسكرية؟

يقول المفكر المصري جمال حمدان -صاحب موسوعة “شخصية مصر”- في كتابه “استراتيجية الاستعمار والتحرير”:
”العالم الثالث هو أكبر متحف عالمي للحفريات السياسية ومخلفات الطغيان والاستبداد الشرقي القديم و الرجعيات البدوية البدائية العتيقة المتحجرة، فضلاً عن أنه غدا أبشع معقل للديكتاتوريات العسكرية والفاشية اللاشرعية الاغتصابية الفاسدة نصف المتعلمة أو نصف الجاهلة.

وكأنما قد حُكم عليه بأن يستبدل بالاحتلال العسكري الأجنبي القديم أيام الاستعمار، بالاحتلال العسكري الداخلي الجديد تحت الاستقلال، هذا استعمار خارجي وهذا (استعمار داخلي)! والواقع موضوعياً أن العالم الثالث كما هو اليوم إنما ينتمي سياسيا للماضي السحيق، يعيش في القرن 20 الميلادي بالهيكل السياسي للقرن 20 قبل الميلادي!”

وبهذا المفهوم  سننطللق في الحديث عبر سلسة مقالات تأتي تباعا تحت عنوان “13 سببا ليسقط حكم العسكر!” تتناول فكرة الحكم العسكري لدولة قومية حديثة،  وتُظهر إلى أي مدى كونها فكرة مختلّة من الأساس وباطلة من حيث المبدأ! فكرة ساعد على تحققها واستمرارها انخفاض وعي الشعوب، وهذا التدني في الوعي؛ هو صنيعة فئة من المنتفعين طالبي الشهرة والجاه،الذين يعلمون يقينا أنه لا مكان لهم في السلطة وداخل دائرة الضوء إذا ما ارتقى وعي الشعب!
أين تقع الدول على سلم التقدم والحداثة؟
إن الأمم السائرة بخطى ثابتة في ركب الحداثة مرت أو تمر بمراحل يمكن وصفها كالتالي:
تحقيق الاستقلال الوطني والتحرر من المحتل الأجنبي (إن وُجد)!
التحول الديموقراطي والتحرر من الحكم العسكري (إن وُجد)!
استدامة آليات حفظ الحريات ومكافحة الفساد وتحقيق العدالة والمساواة
التحول نحو استراتيجات تحقيق الرفاه الإقتصادي واستدامة آليات التنمية.
هذا البيان إذن معنيٌّ –كما هو واضح- بدول العالم الثالث المحشورة في المرحلة الثانية!

عناصر للجيش المصري في سيناء

هل تحب المؤسسة العسكرية؟
قد يبدو السؤال عجيبا! .. وهو كذلك في الحقيقة! فهو مثل سؤال هل تحب وزارة الصحة؟ أو هل تحب وزارة النقل؟ أو هل تحب وزارة السياحة؟ .. إلخ.
والإجابة الحتمية التي لا جدال فيها –عند أي شخص سوي فكريا- هي “نعم”، أقدّر أهمية وجود كل تلك المؤسسات، بل إن الإجابة الطبيعية على هذه الأسئلة البدائية جدا، تتمثل في أن تُخبر من يسألك بأنه يسأل سؤالا لا معنى ولا قيمة ولا ضرورة له!
المؤسسة العسكرية ضرورة حتمية في أي دولة حديثة كباقي مؤسسات الدولة، لها أهمية وظيفية محددة، وبالتالي فالسبب الأول لاحترامها والسعي للحفاظ عليها يتمثل في الإحتياج لدورها مثلها مثل باقي المؤسسات، فكما لن يعترض أحد على أهمية حفاظه على صحته لن يعترض أحد على أهمية حفاظه على حدوده وأمن وطنه!

أما السبب البديهي الثاني فهو كون هذه المؤسسة وطنية أصيلة، فهي ليست من قبيل المؤسسات الخدمية الخاصة التي قد تستأجرها الدولة لأداء خدمة ما، فالقوات المسلحة تتكون من أبناء الوطن ذاته، وكاتب هذه السطور كان جزءا من هذا الكيان!!!

وغالبا تجد من كل بيت مشاركين في هذه المؤسسة إما بالانتساب الدائم أو بالانتساب المؤقت (الخدمة العسكرية وفترة الإحتياط)، وبالتالي فلا معنى أن يكره الإنسان أو يعادي نفسه! .. السبب الثالث أن هذه المؤسسة تُموّل من جيب المواطنين ذاتهم (الضرائب) وبالتالي فلا معنى أن يصنع المواطنون كيانا بأموالهم الشخصية ليعادوه بعد ذلك!
إن التقدير الحقيقي للمؤسسة العسكرية يقتضي إلزامها بالقيام بوظيفتها وحسب، ففي هذا صون لها بابعادها عن مواطن التقييم واللغط، وفي هذا حفظ للأشخاص ذوي الكفاءة في أماكنهم الطبيعية التي يحتاجهم الوطن فيها وذلك عوضا عن انتزاعهم من مواطن إجادتهم للقيام بأدوار إدارية أخرى خارج السلم المهني الطبيعي لهم.

  تجد من كل بيت مشاركين في هذه المؤسسة العسكرية  إما بالانتساب الدائم أو بالانتساب المؤقت،كما أن هذه المؤسسة تُموّل من جيب المواطنين ذاتهم (الضرائب) وبالتالي فلا معنى أن يصنع المواطنون كيانا بأموالهم الشخصية ليعادوه بعد ذلك!

لذا فأنا أتخيل الشخص الذي يسألني عن حبي لجيش بلادي ساذجا يسأل سؤالا بديهيا لا يجوز، أو مغرضا يريد أن يجوّز له أو لخاصته ما لا يحقّ بابتزازك بهذا السؤال، أو هو أقل حرصا على الحفاظ على جيش بلاده ولديه من قلة الوعي ما يجعله كمن يطالب الحلاق بإجراء جراحة طبية له
الآلية الحقيقية لاحترام المؤسسة العسكرية
احترام المؤسسة العسكرية يعني –قولا واحدا- إلزامها بالثكنات! .. هذا ما أصبح ثابتا لا جدال فيه بعد أن أجمع عليه المثقفون والمفكرون والشعوب المتقدمة وما أثبته التاريخ الحديث! .. لابد إذن أن يتفرغ العسكريون لرفع الكفاءة القتالية ومراقبة الحدود وصناعة السلاح عوضا عن بيع الخضروات، ورصف الطرق، وانشاء الكباري، وادارة المقاولات، وإنتاج البيض، وزراعة الأرض، وإدارة الفنادق، والرقابة على القنوات الفضائية، وتحصيل الرسوم على الطرق المدنية، والتدخل في السياسة، وإدارة الأندية، وإدارة محطات الوقود، وإدارة قاعات الإحتفالات، وتوزيع المواد الغذائية، وانشاء الشركات المدنية، وإدارة المقاولات، وإدارة المصايف، وصناعة الحلوى ..!

المؤسسة العسكرية ضرورة حتمية في أي دولة حديثة كباقي مؤسسات الدولة، لها أهمية وظيفية محددة، وبالتالي فالسبب الأول لاحترامها والسعي للحفاظ عليها يتمثل في الإحتياج لدورها مثلها مثل باقي المؤسسات

إن الدولة الحديثة تُلزم كل مواطن بوظيفته. إن الإهانة الحقيقية للمؤسسة العسكرية تأتي من قبل العسكر السياسيين الذين يهينون الجيش الذي ينتمون له بإخراجه من وظيفته المحددة، مما يؤدي إلى نزولهم الطبيعي بعد ذلك تحت طائلة التقييم والنقد! .. لكي يتم الحفاظ على المؤسسة العسكرية بعيدا عن التقييم والنقد في أمور مدنية خارج مجال تخصصهم فلا غنى إذن عن رجوع العسكر إلى الثكنات .. هل هناك شيء بديهي ووطني وعظيم أكثر من المطالبة بهذا؟!
الختام
وفي ختام مقالنا الأول وقبل أن نبدأ في تناول الأسباب الثلاثة عشر التي تهدم صنم الحكم العسكري الذي أُقحم في وعي بعض الشعوب أود أن أؤكد أن هذه السلسة موجهة إلى الفئة التالية:
إلى الذين ..
يعشقون أوطانهم ..
ويقدّسون الحرية ..
ويسعون للعدل ..
ويُأمِنون بالعقل ..
ويسلِّمون للصواب ..
ويتطلعون للرفاه!

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها