أمريكا ولعبة الحريات

محتجون يشاهدون النيران تلتهم المطعم بعد إشعال النار فيه، في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية

المواطن الأسود في أمريكا لا يموت خنقا على يد رجال الشرطة فقط؛ بل هو مهدد بالموت بكورونا أكثر من غيره، لأن السود هم أكثر الموتى بهذا الفيروس في الولايات المتحدة وسبب هذا ضعف.

أنها أقوى اقتصاد في العالم، و البشريةُ تتداول عملتها التي هي الدولار، وهي مطمئنة النفس على مدخراتها. ولأنها أقوى دولة عسكرية في الكرة الأرضية، وهي لا تملك أقوى قوة صلبة فقط،وهي  الجيش والشرطة و المخابرات؛ بل تملك أيضا أقوى قوة ناعمة  فهي الإعلام والمنظمات الحقوقية بكل أنواعها.
ولأن وزارة خارجيتها هي التي تنشر تقريرها السنوي حول مدى احترام الدول المتخلفة لحقوق الإنسان؛ فهي التي تقرر ما هي حقوق الإنسان؟ ومن هو الإنسان الذي له حقوق أصلا ؟ وهي التي أسست منظمات، فريدم هاوس وهيومن رايس ووش، وسائر الأذرع الحقوقية التي الغرضُ الحقيقي منها هو إخضاع الأمم والشعوب لسلطتها،رغم إدعاء الإدارة الأمريكية عكس ذلك
ولأنها مقر مجلس الأمن والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي،  وهي التي تملك السلطة، و الآمر  الناهي  في هذه المؤسسات، فإن بمستطاعها أن تدوس مواطنيها في الشوارع، وأن تسحلهم وأن تخنقهم حتى الموت  أمام أعين العالم بأسره شريطة أن يكن المواطن أسود البشرة و من أصول أفريقية.
و المواطن الأسود في أمريكا لا يموت خنقا على يد رجال الشرطة فقط؛ بل هو مهدد بالموت بفيروس كورونا أكثر من غيره !، لأن السود هم أكثر الموتى بهذا الفيروس في الولايات المتحدة .وسبب هذا هو ضعف الرعاية الصحية التي توفرها الدولة لهذه الجماعة الاجتماعية، ولا أحد في العالم الغربي له أن يتحدث عن شيء يقال عنه العنصرية الأمريكية.

انتشار للشرطة خلال مظاهرات في مدينة فيلادلفيا الأمريكية Center Right Caption

و الإدارة الأمريكية تستطيع تعذيب المواطنين في سجن غوانتانامو كما تشاء؛ وتستطيع سحق سجناء أبو غريب في العراق، وأن تعذبهم تعذيبا وحشيا بربريا طبعا شريطة أن يكونو مواطنين مسلمين لا أمريكيين بيض البشرة وتستطيع أن تقتل الناس في شوارع العراق بالآلاف وأن تغتال الكثير من الناس البسطاء في أفغانستان دون ذنب يذكر .
ولأنها أمريكا فسوف يصمت الضمير الغربي الذي يقال إنه حساس لقضايا حقوق الإنسان و الحريات,
ولأنها أمريكا فيستطيع رئيسها أن يهدد بإغلاق مواقع  التواصل الاجتماعي؛ لأن إحد هذه المواقع قد أعترض على تغريدة له ؛ هي في الحقيقة دعوة صريحة للعنف حيث تقول:  عندما يبدأ السلب يبدأ إطلاق الرصاص، والسلب يساوي القتل  والسلب يساوي إزهاق روح في عقيدة دونالد ترامب، ليس هاهنا قسوة أو شيء ضد حقوق الإنسان أو ضد الحريات.
ولأنها تملك القوة الصلبة و القوة الناعمة؛  يستطيع رئيسها أن يأمر شرطته بتصفيد صحافي على الهواء مباشرة، ولا يستطيع الغرب الذي يزعم أنه حريص على الحريات والمبادئ الإنسانية، إنكارَ الظلم الذي يتعرض له الشعب الأمريكي.
 ولا يستطيع إنكار عنصرية الإدارة الأمريكية، أو التنديد بقمع حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة.
و إن كنت في إفريقيا، فوضعك  الصحي الآن أكثر خطورة من قبل، لأن الإدارة الأمريكية ستوقف أربعة ملايين دولار عن منظمة الصحة العالمية، التي كانت توجه لدعم برامج المنظمة في إفريقيا، وهذا القرار في هذا توقيت يعني الموت المؤكد لكثير من الأفارقة.

المواطن الأسود في أمريكا لا يموت خنقا على يد رجال الشرطة فقط؛ بل هو مهدد بالموت بالفيروس كورونا أكثر من غيره !، لأن السود هم أكثر الموتى بهذا الفيروس في الولايات المتحدة وسبب هذا ضعف غياب الرعاية الصحية

وبعد هذا التصريح من الرئيس الأمريكي وهذه الأفعال العنصرية، وهذا القمع للحريات من الإدارة الأمريكية، فكيف يمكن أن يقال لنا نحن أهل الإسلام من قبل الغرب المنافق وأعوانه في الوطن الإسلامي عن الدفاع عن حقوق الإنسان، وأن الشريعة الإسلامية فيها قسوة مع اللصوص وأنها قاسية مع من يقتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض.
وطبعا لا يستطيع الغرب عقد مؤتمر في برلين أو باريس أو لندن، لوضع خريطة للطريق لمساعدة الشعب الأمريكي للتخلص من رئيس طاغية كما فعل في الوطن الإسلامي، ودعم معارضة عُينت بالأمر المباشر لإدارة البلاد في الظاهر، و لتقسيم ثروة الوطن على أدعياء الحريات والمبادئ الإنسانية وحقوق الإنسان. في الحقيقة
يُستنتج من هذا أن حقوق الإنسان وحماية الحريات ما هي إلا وسائل لإخضاع الأمم، ونهب ثرواتها تماما مثل الأسلحة الكيميائية و النووية .
وأنه من الممكن أن تكون عنصريا معاديا للحريات، تدعو إلى العنف مثل الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب، شريطة أن تملك  القوة الصلبة القوية الجيش و الشرطة و المخابرات، لإرهاب ساسة الغرب وأن تملك القوة الناعمة الأقوى لتضليل العالم.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها