مصر ليست كغيرها.. القرآن يحذر

منظمات حقوقية اتهمت وزارة الداخلية المصرية باستغلال برد الشتاء في التنكيل بالمعتقلين السياسيين

قص القرآن الكريم علينا قصة اثنين من أنبيائه، وقع طرف من قصتهما في مصر.

فقصة نبي الله يوسف-عليه السلام-بدأت خارج مصر وانتهت داخلها، بينما بدأت قصة موسى-عليه السلام-في مصر وانتهت خارجها، وسنلقي الضوء فقط على ملمح من قصة هذين النبيين الكريمين -عليهما السلام-في مصر.

حكى لنا القرآن الكريم عن يوسف-عليه السلام-حين بِيع في مصر، ومكن الله له التمكين الأول في قلب العزيز، فتربى في بيته مكرماً بعد أن أوصى العزيز امرأته به خيراً.

قال تعالى “فلما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلما وكذلك نجزي المحسنين” فكيف بفتى قال عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم (لقد أوتي شطر الحٌسن) يسلب قلب امرأة العزيز وعلى حد تعبير النسوة “قد شغفها حبا” وبينما يقيم معها يوسف في بيتها، لم تستطع مقاومة ما بداخلها فقررت أن تدبر لهذا الأمر تدبيرا محكما لتعين يوسف على تنفيذ ما تطلبه منه دون مسوغ لفعل غير ما رغبت فيه “وراودته التي هو في بيتها وغلقت الأبواب وقالت هيت لك “.

فلا حجة ليوسف ولا قدرة له على مجابهة إمرأة ذات منصب وجمال تعرض نفسها عليه ثم هي جعلته في مأمن من اكتشاف أمرهما، فما الذي يمكن أن يمنع يوسف عن تلبية رغبتها.

لكن تحطم كبرياؤها فجأة أمام إصرار يوسف على تمسكه بالخوف من الله  ومراعاة حق سيده الذي آواه في بيته وأحسن إليه حين فاجأها بقوله “معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ”  هنا فر يوسف نحو الباب فلحقته فقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب ” فما كان منها إلا أن ابتدرته بقولها “فما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم ” .

وهنا يصور القرآن تصويرا مفصلا الحالة النفسية التي وقعت فيها تلك المرأة التي حطم  هذا الفتى كبرياءها ثم إن أمرها وما حاولت أن تخفيه

قد بدأ ينكشف ويظهر للعلن وقد شهد الشاهد من أهلها وتبين أن الخطأ كان منها ويوسف منه براء، وما زاد الأمر تعقيدا تناقل النسوة في المدينة لهذا الأمر وإلقاء اللوم عليها  فعمق هذا من جرحها فكادت لهن وجمعتهن وأخرجت يوسف أمامهن وصرحت بمشاعرها وتوعدت إن لم يفعل ما تأمره به.

ولنا أن نتخيل مشاعر امرأة في هذا الموقف لابد أنها ستختار نوعا من العقوبة هي أشد إذلالا وتنكيلا مما يشفي غليلها ويرد بعضا من اعتبارها أمام النسوة.

فتصرح امرأة العزيز” “ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين ” وربما يتعجب البعض وهل السجن هو أشد عقوبة تنكل به من خلالها؟ لكن العجب يزول لو علمنا أنه ليس أي سجن!! إنه سجن مصر.

نعم فالسجن في مصر يعرف قدره كل من عاش مستضعفا في مصر ومنهم بنو إسرائيل الذين أسامهم فرعون سوء العذاب

سجن مصر دخله يوسف بريئا قد ظهرت كل أدلة براءته “فلما رأى قميصه قد من دبر ” “ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ” يعني إلى أجل غير مسمى.

ثم إن لهذا السجن ميزة أخرى فالسجين قلما تفلح معه شفاعة أو اعتراض بل هو يٌنسى في السجن حتى تتحقق معجزة إلهية تخرجه منه.

_وفي ملمح من قصة موسى-عليه السلام-مع فرعون بينما كان يحاججه فرعون في الله “قال فرعون وما رب العالمين” فيرد موسى “قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين “

فلما لم يجد فرعون ردا “قال لمن حوله ألا تستمعون” فيؤكد موسى “قال ربكم ورب آبائكم الأولين ” فيبلغ الغيظ بفرعون مبلغا “قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون “

فيحسم موسى الأمر “قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ” وهنا يفعل فرعون ما يفعله كل طاغية لا يقدر على مقاومة الحجة بالحجة فيلجأ لدحض الحجة بالقوة والتهديد، لكن ترى بم هدد فرعون من أتى ليقضي على ملكه وينهي ربوبيته المزعومة؟

لابد أنه اختار عقوبة هي أيضا أشد تنكيلا!!! نعم إنها السجن “قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين “

نعم فسجن مصر يعرف قدره كل من عاش مستضعفا في مصر ومنهم بنو إسرائيل الذين أسامهم فرعون سوء العذاب وعلى الرغم من ذلك حينما أتى موسى لخلاصهم خاف كثير منهم من اتباع موسى خوفا من أن يشي بأمرهم أحد منهم إلى جند فرعون. نعم فالأمن الوطني في مصر قديم بقدم حضارتها قال تعالى “فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملأهم أن يفتنهم ” فعيون الأمن كانت من داخل قوم موسى (ملأهم) وليس ملأه.

من هنا لابد لمن يتكلم عن مصر أن يعرف لمصر قدرها وقدر سجنها ولا يظنن أن لمصر مثيلا فهيهات بين من اهتم القرآن ببيان شأنها وبين غيرها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها