فقه التعامل الإعلامي في زمن الكورونا

 

يقع على عاتق الصحفيين والإعلاميين من أصحاب الضمائر الحية؛ ممن يعملون وفق ماتقتضيه قواعد المهنة من صدق وأمانة ودقة ومهنية، دور كبير في أوقات الأزمات والكوارث والمُلمات التي تتعرض لها الأوطان، ويتضاعف هذا الدور بشكل كبير في البلاد المُبتلاة بأنظمة سلطوية مستبدة تتخذ من إخفاء الحقائق والمعلومات وتغييبها وصولاً إلى تزييفها منهاجاً وسبيلاً لتضليل الجماهير وخداعها والسيطرة عليها.

وفي زمن وباء كورونا الواسع الانتشار والعابر للحدود بشكل غير مسبوق فإن إخفاء الحقائق والمعلومات عن الشعوب وعدم الشفافية يترتب عليه نتائج وخيمة تؤدي إلى إتساع بؤرة انتشار الوباء مما يهدد أمن وسلامة المجتمع بأسره حكاماً ومحكومين، وهذا ما اتضح جلياً في حالة الأنظمة المستبدة التي تعاملت باستهانة واستخفاف مع هذا الوباء في أول الأمر ماأدى إلى انتشاره بشكل مخيف وكارثي ما زالت تعاني من ويلاته إلى الآن.

البعد عن التسييس:

في هذه الأوقات الصعبة هناك فقه للتعامل الإعلامي مع الأزمات والكوارث يتلخص في الآتي:

-البعد عن تسييس الأزمة أو الكارثة أو إلباسها لباس الصراع السياسي .

-نشر الحقائق والمعلومات الصادقة والصحيحة عن الأزمة، والتأكد منها قبل نشرها مهما كانت صادمة دون زيادة أو نقصان.

-الاعتماد على المصادر الموثوقة والمشهود لها بالصدق والمصداقية، ورصد الواقع بكل السبل المتاحة والممكنة.

-تجنب نشر الشائعات أو التعامل معها بأي حال وكذلك البعد عن التخمينات التي لا تستند إلى دليل أو حقيقة.

-المتابعة المستمرة والمتلاحقة  لتطورات الأحداث ونشرها باستمرار وتحديثها مع كل جديد وإمداد الجماهير بها أولاً بأول.

-تجنب أي رسائل ساخرة تتعلق بالأزمة أو الكارثة التي تهدد حياة الناس.

-ضبط الرسائل الإعلامية بحيث لا تستغلها السلطة المستبدة وأبواقها في تصوير المعارضين والمخالفين لسياساتها وكأنهم أعداء للوطن والشعب والإنسانية.

-استضافة المتخصصين والعلماء لاطلاع الجماهير على كافة المعلومات المتعلقة بالوباء وخصائصه وكيفية انتشاره وطريقة الوقاية منه.

-تبني حملات إعلامية (إعلام تقليدي-جديد)لحث الجماهير على الالتزام بطرق الوقاية والسلامة، وكذلك الحملات الهادفة لإخراج المسجونين والمعتقلين في السجون المكدسة حماية لهم وللمجتمع من الكارثة المحدقة بالوطن.

-إفساح المجال للبرامج التفاعلية مع الجماهير والطرق التفاعلية المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي لنقل نبض الشارع وتخوفاته ومايحدث على الأرض.

-توضيح كيفية استغلال أوقات الفراغ  والاستفادة منها للأسر والأطفال والشباب في ظل توقف المدارس والجامعات وحظر التجوال.

-تشجيع العمل الأهلي والمبادرات المجتمعية والدعوة لتفعيل مؤسسات المجتمع المدني، واستدعاء روح التكافل لمواجهة الأزمة جنباً إلى جنب مع الجهود الحكومية.

-تشجيع روح التكاتف والتعاضد والتعاون والتراحم ونسيان الخلافات والصراعات لمواجهة الأزمة وإنقاذ المجتمع .

-دعوة الرموز المعروفة في كافة المجالات لتبني مشروعات توعوية وتكافلية لمواجهة الأزمة.

-بحث سيناريوهات الأزمة وتداعياتها على كافة الأصعدة داخليا وإقليميا ودوليا مع المختصين والعلماء والباحثين.

وقف الأسلوب الخطابي:

في هذه الأوقات الصعبة يُفضل التقليل من الأسلوب الخطابي للمذيعين ومقدمي البرامج مع إتاحة المجال للمختصين تجنباً للوقوع في أخطاء غير مقصودة يتم اصطيادهم منها ولإمداد المتلقي بالمعلومة من مصادرها بعيداً عن الرأي الشخصي للمذيع.

أسأل الله تعالي أن يقينا وإياكم و مصر والشعوب العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء شر هذا الوباء وأن يُعجل بالفرج والأمن والأمان والسلامة للعالم بأسره.

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها