عالم تركي يبتكر علاجا لمرض يقتل ملايين المدخنين سنويا

المذيع أحمد صبحي مع الدكتور حسين بايازيد أخصائي أمراض الصدر والرئة في تركيا

إنه علاج جديد تم تطويره في تركيا من قبل بروفيسور تركي سيساعد على إنقاذ حياة ملايين البشر.

مرض الانسداد الرئوي

فما هو هذا المرض المستعصي الذي يقضي على ملايين المدخنين سنويا؟ ومن هو هذا العالم التركي الذي وجد علاجا ينقذ حياة الملايين؟
إنه المرض الذي يقتل ملايين المدخنين سنويا ويصيب مئات الملايين من البشر على وجه الأرض وكلما ارتفعت معدلات التدخين زادت معدلات الإصابة والوفاة.
هو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو مرض الرئة الإنسدادي المزمن وبالإنجليزيةChronic Obstructive Pulmonary Disease ويرمز له بالاختصار COPD 
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن هذا المرض القاتل يبدأ بأعراض خفيفة عادة ما بين سن الأربعين والخمسين عاما وتكون ضيقا في النفس والسعال المزمن والبلغم ثم يتطور المرض إلى نوبات خطيرة من ضيق التنفس المستمر والسعال وإفراز البلغم لفترات تستمر لبضعة أيام أو حتى أسابيع وكل ذلك نتيجة انسداد القصبات الهوائية مجرى التنفس.
ويستلزم ذلك البقاء تحت الرعاية المكثفة في المستشفى وقد يودي بحياة المريض .. ومن تبعات تأخر المرض أيضا ألا يستطيع المريض التحرك بدون أنبوبة أوكسجين.
فما هو سبب الانسداد الرئوي المزمن المستعصي؟ ولماذا كان مرضا رجاليا فقط؟
السبب الرئيسي لهذا المرض هو التدخين بأنواعه سجائر وشيشة ونارجيله أو أرجيلة حسب تسمياتها المختلفة في كل بلد.. ولنعلم خطورة هذا المرض وارتباطه بالتدخين فإنه كان ينتشر بين الرجال فقط حتى وقت قريب ولكن مع الانفتاح الاجتماعي وازدياد تحرر المرأة في مجتمعات كثيرة عبر العالم وبالتالي ارتفاع معدلات التدخين بين النساء أصبح المرض لا يقتصر على الرجال بل النساء ايضا.. 
وتشير أخر الإحصاءات أن الانسداد الرئوي المزمن يصيب 400 مليون إنسان عبر العالم ويقتل نحو 3 ملايين سنويا، وحتى وقت قريب لم يكن لهذا المرض علاج ولا يمكن الشفاء منه، إنما تساعد بعض الأدوية على  تخفيف حدة الأعراض، وتعزيز القدرة على ممارسة الأنشطة وتحسين نوعية حياة المصابين به، وتقليل خطر الوفاة بسببه.
والعجيب أن العلم الذي لم يأل جهدا في البحث والاكتشاف لم يتمكن من إيجاد علاج فعال للمرض رغم أبحاث مستمرة لأكثر من عشرين عاما، ولكن المؤمنين بالعلم يعلمون أن علاجا ما سيكتشف في مكان ما لتخليص ملايين المصابيين بمرض الانسداد الرئوي المزمن من معاناتهم. 
وبالفعل وخلال رحلتي العملية المتواصلة بالبحث في عالم الطب ودنيا الاكتشافات العلمية لعلاجات جديدة التقيت في اسطنبول الطبيب التركي د حسين بايازيد أخصائي أمراض الصدر والرئة الذي حل ضيفي في برنامج مع الحكيم و كشف عن ابتكار تقني تركي لعلاج الانسداد الرئوي المزمن الذي لم يكن له علاج فعال في كل العالم قبل تطوير هذا الجهاز   وهو جهاز  Karakoca resector balloon أو بالون كاراكوجا الكاشط.

فما هو جهاز البالون الكاشط؟ 

هذا الابتكار حائز على براءة اختراع تركية.. وقام هذا العلاج على تطوير جهاز للقسطرة مزود بمضخة وفي نهاية القسطرة بالون، ويتم إدخال القسطرة في القصبات الهوائية المسدودة ليقوم جدارا لبالون بكشط البلغم وتنظيف القصبات الهوائية من آثار التدخين والملوثات التي تضيقها أو تسدها ويمكن لهذا الجهاز تنظيف أكثر من ٣٠٠ قصبة هوائية في عملية تستغرق حوالي ساعة.  وبالتالي ينقشع الانسداد ويتم شفاء المريض من الانسداد المزمن، لذلك يمثل هذا طفرة علاجية بعدما كان العلاج مجرد أدوية لتخفيف حدة المرض وتبطيء التدهور.
فماذا يفعل هذا الجهاز وما هي نسبة نجاح العملية؟  
جهاز Karakoca resector balloon يغسل الرئة ويعيدها لطبيعيتها من جديد، ولمن يريد أن يتصور الأمر فليتخيل تنظيف شبكة المدخنة المسدودة بالرماد الناتج عن الدخان أو تنظيف مصفاه مسدودة، فجهاز البالون الكاشط ينظف القصبات الهوائية من الملوثات ويعيد قدرتها على استنشاق الهواء من جديد. ويمكن لهذا الجهاز علاج ١٠ ٪ من حالات الإصابة بالربو المرتبط بالانسداد الرئوي،  والجيد أن هذه العملية تستغرق يومين فقط  مع أغلب الحالات تتضمن الفحوصات والتحضيرات وإجراءات ما بعد العملية..
ويؤكد الطبيب التركي د.حسين بايازيد المتخصص في أمراض الرئة والصدر أن نسبة نجاح هذه العملية تصل إلى ٩٨٪ وبعدها يستطيع مريض الانسداد الرئوي المزمن التخلي عن أنبوب الأوكسجين و ترتفع لديه القدرة على النفخ والمشي وتستوعب رئتاه مزيدا من الأوكسجين. 

البروفيسور يالجين كراكوجا صاحب الاختراع
من هو البروفيسور التركي صاحب هذا الاختراع العلمي الكبير؟ 

إنه أحد أساتذة د حسين بايازيد إنه البروفيسور التركي يالجين كراكوجا استشاري أمراض الصدر والرئة الذي طور هذه التقنية وسميت على اسمه Karakoca resector balloon. 
وقد نشر The National Center for Biotechnology Information  المركز القومي للمعلومات للتكنولوجيا الحيوية الأمريكي المخصص لنشر الأبحاث والابتكارات الطبية للعلماء والباحثين عبر العالم، نشر تفاصيل أبحاث البروفيسور كاراكوجا بشأن هذا الابتكار وأكد أنه طور هذا المنظار القصبي العلاجي الذي نجح في كشط وتنظيف القصبات الهوائية.

وقد خضع ١٨٨ مريضا بالانسداد الرئوي المزمن منذ بدء تجريب الجهاز  رسميا ووضعه في طور الاختبارات العلمية  من ٢٠١٢، وجميع المرضى كانوا مدخنين نشطين وكان 80٪ منهم مصابين بأمراض مزمنة، ولم يصب أي من المرضى بمضاعفات أثناء الجراحة، أو بعد الجراحة منذ عام 2012.
كما تحسنت بشكل ملحوظ وتيرة تفاقم أعراض ما بعد الجراحة ولم يلاحظ أي تفاقم خلال 3 أشهر بعد العملية الجراحية للمتابعة وعند المتابعة لمدة 5 سنوات، تعرض مريض واحد إلى نوبة مرض الانسداد الرئوي المزمن الحاد في غضون عامين وكان متوسط وقت الاستشفاء لـ 183 مريضًا في العيادات الخارجية (1-4) أيام.
 وبعد التدخل الجراحي، كان هناك انخفاض ملحوظ في حاجة المرضى للأوكسجين وقد أظهرت مقارنة اختبارات وظائف الرئة بعد أسبوع واحد من الإجراء والنتائج قبل الإجراء تحسن كبير.

فهذا الجهاز يغسل الرئة ويعيدها لطبيعتها من جديد مثال المدخنة عندما تكون مسدودة فإن الجهاز ينظف القصبات الهوائية لكي تعيد استنشاق الهواء. ويعد طوق نجاة لملايين البشر خاصة المدخنين الذين أهلكوا رئتيهم بسبب هذه العادة المميتة، وبالرغم من مرور فترة على هذا الاختراع إلا أنه لا يوجد في أي مكان غير تركيا حتى الآن، كما أنه غير منتشر حتى الآن في المستشفيات التركية بل يوجد في مستشفيات محدودة.
وتبقى الوقاية خير من العلاج، فالإقلاع عن عادة التدخين السيئة من شأنها أن تقي الجهاز التنفسي والرئة من كثير من الأمراض الخطيرة.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها