متى تكون الانتخابات البرلمانية بداية التغيير؟

المعلمون في الأردن يطالبون بزيادة 50 بالمئة على الرواتب

شارف موعد الانتخابات النيابية على الانتهاء، ولم يبق سوى أيام معدودة على موعد إقرارها وحصولها، وها نحن ننتظر من سيجلس على المقعد داخل ذلك المجلس.

الأردن اليوم على مفترق الطرق في ضوء الأحداث الإقليمية والمجتمعية والسياسية التي يمر بها.

فإما أن يُنشئ مجلساً جديداً تعتليه القيم والمبادئ البعيدة كل البعد عن الفساد وتحقيق المصلحة الذاتية لأفراده كي ينهض، وإما أن يكمل مسيرته في الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتراكم الديون وتزايد المتعثرين.

كل أربع أعوام تحصل انتخابات متأملين بأنها ستكون بداية التغير وبداية المجد الموعود، إلا أننا نُكسنا في كل مرة بعد الانتخابات، ولم نحظ بما يريده المجتمع، والسؤال يكمن حقاً في “ما نريده من المرشحين” وبناءً عليه، يجب على كل فرد من اليوم أن يعيد النظر في أليه إعطاء صوته؛وأن يدرس أيضاً الشخص الذي يريد أن يعطيه ذلك الصوت.

إن الإصلاح الاقتصادي كان وما زال مطلب الأجيال، فنحن في هذا الوقت في أشد حالة لتحسين الوضع المعيشي للمجتمع، وما يمر به الاقتصاد الأردني هو ليس إلا دليل على ثبات تلك الحقيقة المؤلمة التي فشلت الحكومات والمجالس البرلمانية السابقة في حلها (تناستها). إن الإصلاح المجتمعي لن ينجم إلا عن الإصلاح الاقتصادي، لأنه يشمل تحقيق استقرار مالي يؤثر إيجابياً على أفراد المجتمع، وأصل الإصلاح الاقتصادي هو الإصلاح السياسي، وهذا يعني مجلس نواب فعال يمثل المصالح الحقيقة للمجتمع.

الإصلاح الاقتصادي عبارة عن الإجراءات الأزمة للوصول إلى مستوى مرتفع من الكفاءة والتنافسية من خلال تحقيق علاقة متوازنة بين الموارد المتاحة للمجتمع ومتطلباته وبما يؤدي إلى تصحيح الاختلالات الأساسية في الاقتصاد واستعادة التوازن الاقتصادي العام وبنتيجة ذلك يتم الانتقال إلى نظام منفتح يقوم على أساس تحرير السوق وتقليل الضرائب والجمارك وتسهيل المعاملات بين البلدان المختلفة وتوسيع قاعدة التنمية.

إن مجلس النواب القادم عليه دراسة الأليات الفعالة لتعزيز الطلب المحلي وذلك يتم عن طريق زيادة معدل الأجور وعن طريق خفض نسبة البطالة في المجتمع  وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.

على الحكومة المستقبلية والبنك المركزي أن يجدا طريقاً لإنجاز ذلك التعزيز من خلال استخدام أدوات السياسة المالية والسياسة النقدية.

هنالك العديد من تلك الأدوات، وسأذكر هنا أهم اثنين منها، الأولى تخفيض الضرائب غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم بمختلف أنواعها)، وهو ما تخشاه الحكومة، استنادا إلى فرضية أن ذلك سيؤدي إلى تخفيض الإيرادات الضريبية، وهذه الفرضية ربما تكون صحيحة على المدى القصير، ولكنها بالتأكيد ليست صحيحة على المدى المتوسط والطويل.

تخفيض الضرائب غير المباشرة أي الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة والرسوم بمختلف أنواعها، وهو ما تخشاه الحكومة

الأداة الثانية تتمثل بتقليل نسبة الفائدة على القروض الاستثمارية  التي ستعطي الشركات والمستثمرين القدرة على توسيع نطلق العمل، فانخفاض الفائدة، تشجع المستثمرين على الاقتراض من أجل زيادة الاستثمار والحصول على التمويلات من البنوك للتوسع أنشطتها مما يساعد على خلق فرص عمل أكثر وبالتالي خفض البطالة.

استخدام تلك الأدوات سيخفض من تكاليف الإنتاج والاستثمار، وسيزيد من نسبة الأرباح وهذا سيؤدي إلى زيادة في الأجور وتحسن في القدرة الشرائية للعاملين.

إن القرارات الاقتصادية التي صنعتها الحكومات السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، مما أدى إلى التغاضي عن العديد من الإجراءات التي كان من الواجب اتخاذها.

إن الوضع الاقتصادي العام الذي يمر به الأردن يعاني من الكثير من المشكلات المعقدة  التي تؤدي إلى تراجع جاذبية الأردن الاستثمارية في ظل ارتفاع التكاليف على المستثمر، أبرزها معدلات النمو المنخفضة للنتاج القومي وارتفاع نسب الفقر والبطالة والمديونية وعجز في الميزانية وغيرها من المشاكل الاقتصادية.

إن الأردن كان وما زال يمر بحالة ركود نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين وتراجع الطلب نتيجة ذهاب الجزء الأكبر من الدخل لتكاليف المشتقات النفطية والتدفئة والتعليم والمعالجات الصحية، وهذا نتاج تردي الخدمات العامة في مجال الصحة والتعليم الحكوميَين.

إن الارتفاع المستمر لتكاليف الإنتاج وللتكاليف المعيشية بشكل لا يتناسب مع الدخل الشهري للمواطن أدى إلى تراجع ملموس في القدرة على الشراء وتعطل الحركة التجارية وحركة الأسواق.

 القرارات الاقتصادية التي صنعتها الحكومات السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، مما أدى إلى التغاضي عن العديد من الإجراءات التي كان من الواجب اتخاذها.

إن حل المشاكل الاقتصادية في البلاد يبدأ بالإصلاح السياسي أولاً، فهنالك ارتباط وثيق بين الإصلاح السياسي والاقتصادي، فهما خطان لا ينفصلان والديمقراطية النيابية في الأردن تتيح لنا فرصة الإصلاح من خلال اختيار النواب الصالحين  الذين يحملون المبادئ الديمقراطية الصحيحة  التي من شأنها أن ترتقي بالوضع الاقتصادي للوطن وبالتالي الاجتماعي وهنا تكون الانتخابات بداية التغيير.

علينا أن نجد من يستحقون  الوصول إلى السلطة اليوم، لأن إيجاد خطط مستدامة للإصلاح ستكون على كاهل أولئك الذين سيحظون بتلك المقاعد في ذلك المجلس. نوابنا مسؤوليتنا، واختيارهم واجب علينا. أثر النواب على بلادنا عظيم، وفوز الصالح منهم هو أمل، ودخول الفاسد  تلك المجالس هو خيبة أمل ودمار لمستقبل بلدنا السامي.

إن كاهل الإصلاح السياسي يقع على عاتقنا، وفرصة الانتخابات لا تعوض إلا كل أربع سنوات، فلماذا علينا أن ننتظر ونحن نملك فرصة التغير اليوم.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها