بيني وبين الشهيد قضية (٢)

طفل فلسطيني يحمل علمه الوطني بالقرب من الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل

مقت النوم إلا حينما أريد أن أتمدد على بطني وبطن الأرض، كرامة إلهية، جعلت من الأرض فراشي ومن السماء بنائي..

لأصبح بقهوة أمي الناشفة، “ناشفة”على أعداء قضيتي والمتمثلين في الموساد الإسرائيلي والاحتلال وقناصه أينما كان..!

قهوة ناشفة وكوب ليمون..!

“شوفيهم يمّا وين راحوا”؟! “يمّا مش عارفة” هكذا سألتني أمي وهكذا جاوبتها،ليصبح سؤالها وين راحوا؟ قضية الدنيا والآخرة؛فأنا في الدنيا أطالب المقاومة بمعرفة مصيرهم،وأمي في الآخرة توصيني بأن انتصر لهم بكل الطرق.

فالقضية؛ قضية شهيد المدرسة هل وضع ضمن مقابر الأرقام؟ وفي أي سجن يقبع زميلاه الأسيران من الطلبة؟ اللذان خُطفا بينما كان يلقى ربه شهيدا وبينما أنزف هل تحررا؟!

أم مازالا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وأقبية تحقيقه وزنازينه…!

من يأخذ ملف الجريمة ويتبناها؟وينتصر لكوب الليمون الذي صنعته لي أمي،لتضمد جرحي وتوقفه،خاصة مع إغلاق مجمع الشفاء الطبي وفرض حالة منع التجول،من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي،فرض وإغلاق حالا دون علاجي في المستشفى.

لتكون أمي أمام اختبار عسير،نجحت فيه،إذ وضعت القهوة الناشفة على رأسي،وأقنعتني وبصعوبة أن أشرب كوب الليمون.

علاجها كان أنجح من مليون عملية جراحية، فرصاصة القناص الإسرائيلي الذي تعمد قنصي بعد أن صوّب فوهة بندقيته نحوي،لم تمنعني من طي ملف الجريمة،إذ كبرت وغنيت تكراراً ومرارا غناء أمل عرفة

“وين الملايين”لأبقى أسأل مجدداً من يتبنى القضية وينصر غناء عرفة”لون الأحمر راوي الأخضر بطعم الليمون نار الثورة تقوى تصعد فنحن المنتصرون “فالقصة قصة انتفاضة الحجارة يلخصها مشهد جريمة “مدرسة الزيتون”،وهو”أي” الشهيد “القضية”وفي القصة والقضية أسرى وجرحى بالملايين …!

أعود إلى إصابتي بحكمها توقفت عن الذهاب إلى المدرسة،وما أن عدت حتى أحاطني الله بملائكته من كل جانب،ومن يوم إصابتي وحتى يومي هذا،وكرم الله حاضر في كل محطات حياتي.

رغم أنني عشت صمتا مطبقا طوال طفولتي لا أقوى على التحدث عن هول الجريمة، ذهول وقوة، صدمة وصحوة، يقظة ونوم، وقوف وتمدد.

فبينما كنت أقضي نهاري ممددة على بطني، أقضي ليلي بلا نوم، أكره الجلوس على الكرسي، أعشق التمدد على الأرض، أحب المشي، أمقت النوم إلا حينما أريد أن أتمدد على بطني وبطن الأرض، كرامة إلهية، جعلت من الأرض فراشي ومن السماء بنائي،لأصبح بقهوة أمي الناشفة “ناشفة” على أعداء قضيتي والمتمثلين في الموساد الإسرائيلي والاحتلال وقناصه أينما كان..!

رغم أنني عشت صمتا مطبقا طوال طفولتي لا أقوى على التحدث عن هول الجريمة،ذهول وقوة،صدمة وصحوة،يقظة ونوم،وقوف وتمدد

حياتي تتلخص في ذهابي إلى المدرسة،وما أن أعود حتى أصعد فوق سطح منزلنا، أكتب واجبي، أتناول ما يمكن تناوله من طعام، اقتصر في بداية الجرح على الشراب وحبات الطماطم،فالخبز كان يتعبني، ثم أحضن سطح المنزل عبر غطاء نومي.

أغطي رأسي وجسمي كاملا بالفراش،وأبقى تحت حرارة الشمس إلى لحظة الغروب، لا أحدث أحداً،ثم أنزل إلى شقتنا التي نسكنها، وبعد آذان العشاء أعود إلى السطح؛ لأتمدد من جديد، أتأمل النجوم والسماء،وأنتظر القمر ليزين المشهد، وكأن الله يخاطبني”وهو الذي سخر لكم الشمس والقمر والنجوم مسخرات ولتجري الفلك بأمره لتبتغوا/ من فضله ولعلكم تشكرون”

ختاما أطالب غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة بالثأر لشهيد المدرسة وزميله الأسيرين ولكل من قنص وسط التعتيم الإعلامي الممنهج من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي، مع وعد مني بأن أكتب مذكراتي وتدويناتي كاملة بخصوص جرح المدرسة وكل ما يتعلق بها، على طريق تحرير فلسطين التاريخية من رأس الناقورة حتى رفح.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها