صلاح و النني.. الكورونا على الطريقة المصرية

مهاجم فريق ليفربول الإنجليزي محمد صلاح
مهاجم فريق ليفربول الإنجليزي محمد صلاح (رويترز)

منذ أيام قليلة تلقى العالم خبر إصابة اللاعب المصري العالمي محمد صلاح نجم نادي ليفربول الإنجليزي بفيروس كورونا أثناء وجوده في مصر للمشاركة مع المنتخب المصري في مباراته أمام توغو ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية، مما منعه من لعب المباراة حسب اشتراطات الاتحاد الدولي لكرة القدم؛ التي توجب عمل مسحات للاعبين قبل المباريات الدولية واستبعاد من تتحقق إيجابية إصابته.

ولم تمض سوى أيام قليلة ليتم الإعلان عن إصابة اللاعب المصري العالمي الآخر محمد النني نجم خط وسط نادي أرسنال الإنجليزي.

في واقعتين تطرحان الكثير من التساؤلات المشروعة وعلامات التعجب؛ ولسنا هنا بصدد التعجب من إصابة اللاعبين بفيروس الكورونا؛ فالعديد من اللاعبين العالميين تم إعلان إصابتهم من قبل مثل إبراهيموفيتش، ورونالدو، وحتى زميل محمد صلاح نفسه في ليفربول ساديو مانيه.

ولم تمض سوى أيام قليلة من إعلان إصابة محمد صلاح بفيروس كورونا ليتم الإعلان عن إصابة اللاعب المصري العالمي الآخر محمد النني نجم خط وسط نادي أرسنال الإنجليزي.

ولكن التعجب الحقيقي هو من إصابتهم عقب وصولهم لمصر بأيام قليلة، في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الصحة المصرية أن عدد الإصابات لا يتجاوز ال٢٠٠ إصابة فقط يوميا؛ بينما لم يصب اللاعبان خلال إقامتهما الدائمة في إنجلترا التي تعلن عن متوسط إصابات يصل إلى 25 ألف حالة إصابة يوميا، وحسب البيانات الرسمية المعلنة في كلتا الدولتين؛ فإن احتمالية إصابتك بالفيروس إذا كنت موجودا في مصر هي 0.00025 ٪ يوميا ، بينما احتمالية إصابتك في حالة وجودك بإنجلترا هي 0.035 ٪ يوميا.
أي أن احتمالية إصابتك بالفيروس في إنجلترا تقترب من 150 ضعف احتمالية إصابتك به في مصر، ورغم ذلك تكررت تلك الاحتمالية مرتين مع لاعبين مختلفين.

إذن فهناك شئ غير مفهوم في هذه المعادلة !! إما أن إنجلترا تبالغ في أرقام الإصابات بها وهو الأمر المستبعد؛ أو أن مصر تتعمد إخفاء الأعداد الحقيقية للإصابات؛ وهو ما يبدو الأقرب إلى العقل والمنطق.

ربما تكون حالة اللاعبين الدوليين متفردة بسبب شهرتهما العالمية التي جعلت حالتيهما معروفة للقاصي والداني، وبسبب أنهما مضطران لعمل المسحات بشكل دوري في إنجلترا حسب قواعد الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم؛ وكذلك عند قدومهم إلى مصر للعب المباريات الدولية حسب قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم وهو مالا يتوافر لنظرائهم من المسافرين بين البلدين.

ولكن بالتأكيد فإن الحالتين كاشفتان لحقائق دامغة على المستويين التحليلي والإحصائي عن شيوع إصابات الفيروس في مصر؛ على نحو مخالف تماما للبيانات الرسمية المصرية.

إما أن إنجلترا تبالغ في أرقام الإصابات بها وهو الأمر المستبعد ؛ أو أن مصر تتعمد إخفاء الأعداد الحقيقية للإصابات

قد يقول البعض وما الضرر من إخفاء بعض الأرقام؛ خاصة أن العالم كله ما يزال يتخبط في الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذا الوباء؛ وربما تكون طريقة التجاهل المصرية هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذا النوع من الأوبئة ذات التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الشديدة.

وذلك ماهو مردود عليه بأن مخالفة ما اتفقت عليه معظم دول العالم من أساليب مكافحة الوباء بعد دراسات علمية وإحصائية مستفيضة قد يكون له عواقب في غاية الضرر على مصر سواء على المستويين المحلي و الدولي او على الأمدين القصير والبعيد.

فعلى المستوى المحلي؛ أسوأ ماقد يواجه أي سلطة حاكمة هو فقدنها المصداقية أمام شعبها وذلك بإذاعة بيانات وأخبار تنافي ما يعيشه المواطن في حياته اليومية من مشاهدات ومعاشات فتفقد السلطة قوتها الناعمة التي تستخدمها لقيادة شعبها نحو إستراتيجياتها وأهدافها ولا يتبقى أمامها سوى القوى الأمنية الخشنه والقمعية لقيادته وهو ماله كلفة عالية على السلطة نفسها وعلى الشعب.

أما على المستوى العالمي فما يفعله النظام المصري الحالي هو مخاطرة شديدة بثقله ومصداقيته أمام دول العالم بسبب انكشاف كذب بياناته، وكذلك المخاطرة باحتمالية فرض حصار وحظر للسفر إلى مصر خاصة بعد توقعات انحسار الوباء في دول كثيره في ظل اكتشاف أمصال عديدة للفيروس.

فغياب الشفافية والإحصائيات المنضبطة قد يجعل كثير من الدول تحجم عن إعادة رحلات الطيران الطبيعية إلى مصر.

وقد تُفرض قيود مشددة على السفر والقدوم من وإلى مصر؛ مما قد يسبب أزمات اقتصادية كبيرة في البلد التي تعتمد في جزء كبير من دخلها على السياحة العالمية وعلى الاستثمار الأجنبي.

في النهاية ربما تستوجب الحتمية التاريخية أن تسلك النظم السياسية الديكتاتورية مسالك مختلفة تفضي إلى نهايتها الواجبة ؛ وربما تكون غياب الشفافية وانكشاف ذلك داخليا وخارجيا هي أحد المعاول التي ستهدم ذلك البناء الذي قد يبدو قوياً وشامخا. ومن المؤكد أن وباء الكورونا الذي أستطاع القضاء على مشروع ترمب الفاشي؛  قادر على إسقاط أحجار كثيرة في بناء الديكتاتورية المصرية الفاشلة.