لماذا خلق الله الأشرار؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الندوة التثقيفية الـ32 للقوات المسلحة

منذ طفولتي كثيرا ما كنت اسأل نفسي عن لماذا خلق الله الأشرار؟ أقصد  الأشخاص الأشرار،الحيوانات الشريرة، الحشرات والزواحف الشريره!!!
لماذا لم يخلق الله الدنيا خالية من الشر والكره والضغينة والحقد؟
لماذا لم يخلقنا الله جميعاً متمتعين بصفات الطيبة والعطاء والسلام!!!
لماذا لا تكون الحياة سهلة؛ ننعم بها وفيها جميعا بدون معاناة أو شقاء؟

مع مرور العمر، وتعاقب التجارب وتراكمها  بدأت أفكر بطريقة مختلفة، بدأت أفكر في الحياة نفسها؛ وأطرح التساؤلات الاستفهامية وليست الاستنكارية لماذا خلقنا الله وما الهدف الشخصي الذي يجب أن يسعى خلفه كل منا؟
كيف سيختار الله من يدخل الجنة من بيننا ومن يستحق الجحيم؟
ربما تكون تلك الأسئلة الأخيرة هي الجواب على سابقها وربما هناك إجابات مازالت بحاجة لبحث عنها.

لكن ما تأكد أن الحياة دار اختبار وليست داراً للبقاء أو الخلود؛ وحقيقة الإنسان إنه مخير، أي الطرق سيسلك وأي الإجابات سيجيب !!
لذلك فإن الأشرار هم المطلوبون في هذه الدنيا أكثر بكثير من الطيبين، الأشرار هم الاختبار نفسه والطيبون هم المختبرون، يمكنك أن تضع اختبار واحد لآلاف الطلاب وعلى حسب إجابة كل منهم، يمكنك المقارنة بينهم وترتيبهم من الأول إلى الأخير بترتيب منطقي وعادل.
كذلك فإن شرير واحد إذا أعطيته السلطة والنفوذ وربما المال قد يكون اختبارا حقيقياً لألاف وملايين البشر .
إذن لكي يتم اختبارك في هذه الدنيا فأنت تحتاج لحدث؛  قد يكون هذا الحدث فعلاً أو كلاماً !
قد يكون هذا الحدث كبيرا جدا أو متناهي الصغر ؛ قد يكون الحدث على نطاق واسع أو شديد الخصوصية.

منذ طفولتي كثيرا ما كنت اسأل نفسي عن لماذا خلق الله الأشرار؟ لماذا لم يخلق الله، الدنيا خالية من الشر والكره والضغينة والحقد ؟

قد يكون في آخر مكان في العالم بالنسبة لك أو قد يحدث تحت قدميك؛  في كل مرة يحدث هذا الحدث سيكون أمامك آلاف الاختيارات لتجيب على هذا السؤال وكل شخص سيختار إجابة مختلفة ولو قليلا عن الشخص الأخر وستتراوح الإجابات على مسطرة ردود الأفعال مابين أقصى اليمين وأقصى اليسار.
فلنفترض أنه قد حدث تفجير ما في دولة كمبوديا مثلاً التي لاتعرف مكانها وسمع به آلاف من البشر على بعد عشرات آلاف الأميال؛ سيقوم أحدهم على الفور بحزم حقائبه للسفر الى محيط التفجير لمساعدة الضحايا بينما سيقوم آخر بالذهاب إلى البنك للتبرع المالي لهم.
سيترحم أخر على الضحايا بينما سيحزن رابع عليهم، ويبقيها داخل قلبه بدون أن يتكلم، وسيفرح خامس بالتفجير ويسرها في نفسه بينما سيرقص الأخير احتفالا بسقوط الضحايا ويهتف بالشماتة فيهم وهكذا.
وفي كل مرة ستختار إجابة معينة ستفتح أمامك موسوعة من الإجابات والاحتمالات.
هل سيتراجع الشخص الأول عن السفر، وقد يتحول إلى الشماتة أم سيندم الشخص الأخير عن الشماتة وسيسافر لمساعدة الضحايا.
كل الاحتمالات والإجابات مفتوحة إلى مالا نهاية المطلوب منك كبشر أن تحاول أن تختار أكبر قدر من الإجابات الصحيحة.
وأن تصحح إجاباتك الخاطئة طوال الوقت وفي كل الأحوال، قد تنتهي من اختبارك مبكرا وتحصل على الدرجات الكافية لاجتياز الاختبار.
وقد تحتاج إلى الوقت كله أو حتى لتمديده  لتحصل على تلك الدرجات، وقد تفشل في اجتيازه من الأساس، حتى لو أضافوا لعمرك مئات الأعمار . ببساطه لأنك تختار دائما الإجابة الخاطئة والتى تأخذك معها لمئات من الاختيارات الأخرى الخاطئة أيضاً.
سيتوالى المختبرين على مكان الاختبار وسيبقى الاختبار نفسه لأطول وقت ممكن.
ستكون الأسئلة صعبه ومبهمة أمام بعض البشر بينما ستكون نفس الأسئلة سهلة وواضحة أمام البعض الآخر … الاختبار مطلوب بشدة أن يبقى وأن يطرح الأسئلة بينما المختبرين يأتون ويذهبون هل تقبل أن تكون أنت الاختبار؟
لا أعتقد عن نفسي حسنا لقد قبل أحدهم ذلك الآن مطلوب من هذا الأحدهم أن يظلم أن يقتل، أو أن يكذب؛ أو يسرق، ويفسد، أن يضلل وأن يطرح الأسئلة.

 السيسي بما يملكه من سلطة،  ومن نفوذ ربما لم تتاح لأقرانه من مئات السنين قادر على إتخاذ قرارات يومية تؤثر على ملايين البشر !

بينما مطلوب منك أنت الإجابة؛ هل ستوافق على مايفعله أم لا؟ ماذا ستفعل لو رفضت مايفعله؟ هل ستقاوم باليد أم باللسان أم بالقلب؟
ولو وافقت على أفعاله هل ستبقي الموافقة بداخلك أم ستعلنها أم ستهتف بها وسترقص على أجساد ضحاياه الأكيد أننا جميعا يتم اختبارنا، والأكثر تأكيد أننا اختبارا لغيرنا.
ليس ضرورياً بالظلم أو القتل ولكن بما نفعله، فكل فعل ولو كان في منتهى التفاهة يؤثر في الآخرين حولنا ومطلوب منهم الإجابة طول الوقت هل يوافقون على فعلك أم يرفضوه؟. 
وماذا سيفعلون في حالة الموافقة أو الرفض الآن ربما ستتفهم ما أقصده عندما أقول أن السيسي هو اختبار حقيقي لنا في دنيانا.

السيسي بما يملكه من سلطة، ومن نفوذ ربما لم تتاح لأقرانه من مئات السنين قادر على اتخاذ قرارات يومية تؤثر على ملايين البشر ! قادر على التصريح بآرائه لملايين البشر؛ والآن أمامك كواحد من هؤلاء الملايين أن توافق أو ترفض تلك القرارات أو تلك التصريحات وتتصرف حيالها بيدك أو بلسانك، أو حتي بقلبك حسب مبادئك وحسب معتقداتك وحسب مصالحك في الدنيا والآخرة.
السيسي اختبار لا شك؛  ولكن في نفس الوقت كلنا بلا استثناء اختبارات لغيرنا فنحن مختبرين الآن، ختر إجاباتك قبل أن ينتهي وقتك وتسحب الأوراق.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها