مصير ماري إنطوانيت

كانت “ماري انطوانيت” في القرن الثامن عشر ملكة لفرنسا؛ وكانت ذات شخصية كاريزمية قوية, وشديدة الفخر بأسرتها النمساوية الملكية وعائلة آل هابسبورج.

تلجأ الدولة إلى استخدام مفردات العنف دائما ضد الخصوم المفترضين والمتوقعين بما تكون محصلته كسر شوكتهم وتفريق جماعتهم، وفي الوقت ذاته بسط النفوذ ورجحان السيطرة.

أما أنظمة الاستبداد، فإنها تنازل وتقمع خصومها المفترضين والمتوقعين (مع ملاحظة أن دائرة التوقعات عندها دائما تكون أكبر من غيرها) بكل أنواع القتال بما يعرفه البشر وبما تعرفه الحيوانات بل إنها لسحق خصومها يمكنها التحالف المؤقت، وربما الدائم مع قوى خارجية وفواعل كبرى.

هذه السياسة العنيفة التي ترتكبها أنظمة القهر شأنها في ذلك شأن كل الأنظمة الاستبدادية ضد الخصوم التقليدين، وربما ضد سائر الناس، وما يصاحبها من تقييد للحريات، وحجب الرأي الآخر، ربما تقود إلى خلق حالة عامة من الاحتقان! على الأرجح ستزداد يوما بعد يوم، وعاما بعد عام.

بعض الأنظمة لا تهمها مصالح الآخرين، إنما تهمها السلطة المطلقة فقط الاحتقان المتزايد في كلا الحالتين الذي يكون نتيجة طبيعية للحكم الاستبدادي أو الأوتوقراطي.

إذا أضيفت  إليه حالة الفقر المدقع الذي يمكن أن يلحق بهذه الشعوب المضطهدة، وتزايد الديون الخارجية إلى أرقام قياسية بطبيعة الحال، وتدني مستويات الإنتاج أيضا بطبيعة الحال، هذا الوضع يقود في نهاية الأمر إلى عدة فرضيات وتأويلات متوقعة.

من هذه الفرضيات التي تقفز إلى ذهني هو المصير الذي لاقته “ماري انطوانيت”. تلك التي لم يعد يذكرها أحد.
كانت “ماري انطوانيت” في القرن الثامن عشر ملكة لفرنسا ؛وكانت  ذات شخصية كاريزمية قوية, وشديدة الفخر بأسرتها النمساوية الملكية وعائلة آل هابسبورج .

إلا أنها كانت تهدر الأموال الطائلة  إرضاء  لميولها ونزواتها الشخصية ؛ وهذه علة لازمتها منذ نشأتها في فيينا ،إضافة لعلة أخرى وهي الجهل ,فلم تكن تجيد اللغة الفرنسية أو الألمانية وإنشاؤها ملئ بألفاظ السوقة والأخطاء الإملائية .

كما أنها كانت تسرف في إغداق الأموال على صديقاتها في حفلات الرقص في البلاط،  في الوقت الذي كانت تعصف بفرنسا أزمة مالية طاحنة في ذلك الوقت.

طلبت الملكة وأشقاء الملك اعتقال نشطاء الطبقة الثالثة، لم تكن “ماري انطوانيت “متفهمة لتطلعات الشعب ورغباته وكانت مقتنعة بأن الثورات إنما كانت من أطراف ثالثة، وهي التي تحرض على الكفاح لمحاربة التاج. 

كانت “انطوانيت” لا تجيد إلا اللعب والتسلية في كل مكان، وبأي شيء وتكره بذل أي مجهود، ولا تكمل أي شيء سواء فكرة أو محادثة أو قراءة، لذا فهي لا تحب الكتب ولا أمور الدولة.

الأدهى أنها ظلت طوال سني حكمها تروح وتجئ فقط بين ستة قصور فرساي، التريانون، مارلي، فونتنبلو سان كلو، ورامبواية.

هذه القصور الستة التي لا يبعد إحداها عن الآخر ما لا يزيد على مسير بضع ساعات كانت هي كل ما تعرفه عن فرنسا!

أما زوجها الملك” لويس السادس عشر” فقد كان ضعيف الإرادة كثير التذمر، بطيء التفكير، خاملا ويغلب عليه التردد والارتباك في اتخاذ القرارات .

وفقد حكمه للبلاد تدريجيا إلا أن “ماري “واجهت الأمر بشجاعة وحاولت مرارا أن تقوي من إرادة الملك، غير أن معارضتها القوية للتغييرات الثورية زادت من غضب الشعب عليها.

ورأت العناصر التي تطالب في فرنسا بالإصلاحات والعدالة والتقدم، أن “انطوانيت” ما هي إلا مخلوقة مبذرة، خالية البال، هذه الصبيانية أبدا، ساكنة التريانون إنما تضحي بجنون وسخف بحب ورفاهية عشرين مليونا من المواطنين بعد مضي عشر سنوات عليها في الحكم الأوتوقراطي.

كانت الضرائب تزداد ومستودعات المؤونة خالية في بيوت فرنسا الغنية، وفلاحوها يعيشون الفقر المدفع،  والعجز المالي يزداد إلى أرقام قياسية (لاحقا سمت الجماهير “انطوانيت” بسيدة العجز المالي).

وخلافا للمعتاد لم يتبع “لويس السادس عشر” و”ماري انطوانيت “نصائح رجال الدولة المعتدلين والمخلصين الذين محضوهم النصح وهو شيء مفترض ومتوقع منهم، لكن “انطوانيت “تآمرت فيما ترويه الروايات للحصول على المساعدة العسكرية من حكام أوروبا خاصة من أخيها “ليوبولد الثاني” ملك النمسا في ذلك الوقت، ورفضت أن تعطي أي امتيازات مطلقا للثوار.

كانت الضرائب تزداد ومستودعات ا لمؤونة خالية في بيوت فرنسا الغنية، وفلاحوها يعيشون الفقر المدفع،  والعجز المالي يزداد إلى أرقام قياسية (لاحقا سمت الجماهير “انطوانيت” بسيدة العجز المالي)

وفي شهري يونيو ويوليو من عام 1791بدأ الوضع يتغير بطريقة درامية وعنيفة من قبل الثوار عندما طالبت الجمعية الوطنية بحقوق أكثر من “لويس السادس عشر “الذي كان على العكس يحاول أن يقمع سلطة الطبقة الثالثة.

طلبت الملكة وأشقاء الملك اعتقال نشطاء الطبقة الثالثة، لم تكن “ماري انطوانيت “متفهمة لتطلعات الشعب ورغباته وكانت مقتنعة بأن الثورات إنما كانت من أطراف ثالثة، وهي التي تحرض على الكفاح لمحاربة التاج. 

العائلة الملكية بما فيها الملك و”ماري انطوانيت” خرجت متنكرة في عربة متجهة للحدود الشرقية، بعد أن أقنعت” ماري انطوانيت” “لويس السادس عشر “بالفرار من باريس، لكن أحد الوطنيين المتيقظين الخلص تعرف على الملك، ليتم إيقافهما وإعادتهما إلى باريس.

وحينما بدأت الحرب مع النمسا وبروسيا في 1792 اتهمت” ماري انطوانيت “بإفشاء أسرار عسكرية إلى الأعداء وأيقن الشعب بأنها مذنبة بسبب تلك الخيانة.

لاقت “انطوانيت” مصيرها وهو الإعدام بعد كل السنوات التي أنفقتها لا لخدمة فرنسا ولكن خدمة لرغباتها، وتحقيق مصالحها الخاصة على مصالح الأمة، وتبديد المال وإهداره، ولم تقم بواجباتها على رعاياها الذين أهلكهم الفقر والعوز، والذين أخرجهم الفقر والفاقة للمطالبة برأس (سيدة العجز المالي).

أعدمت” انطوانيت “بعد أن اقتيدت في عربة خشبية إلى ساحة المقصلة. كانت “انطوانيت” تصعد إلى المقصلة بنفس الخطوات الرشيقة التي كانت تصعد بها في الماضي درجات سلالم قصر فرساي المرمرية، ثم وضعوا رأسها الصغير تحت المقصلة التي أطاحت به .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها